fbpx
القاعدة في اليمن.. الحل الأمني وحده لا يكفي
شارك الخبر

يافع نيوز – إسلام أون لاين

مع ارتفاع وتيرة هجمات المسلحين – المرتبطين بتنظيم القاعدة – في مناطق عدة من جنوب وشرق اليمن، تصاعدت الضغوط الشعبية والسياسية المطالبة بإعادة هيكلة الجيش والأمن، وإبعاد أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذين يديرون وحدات عسكرية وأمنية دربتها ودعمتها الولايات المتحدة الأمريكية في إطار ما يسمى الحرب ضد الإرهاب.

وشدد خبراء ومراقبون في تصريحات لـ”إسلام أون لاين“، الثلاثاء 13-3-2012، على ضرورة أن يكون هناك خطة وطنية سياسية وأمنية وثفافية تعتمد في الأساس على مشاركة أبناء المناطق نفسها  للقضاء على القاعدة في اليمن، مشيرين إلى أن الخيار الأمني وحده لا يكفي، وحذروا في الوقت ذاته من أن ضربات الطائرات الأمريكية ستحفز اليمنيين للتعاطف مع الجماعات المسلحة بصورة أكبر.

مخطط خطير

وفي أحدث الهجمات التي يشنها متشددون على  صلة بتنظيم القاعدة، قال مصدر من الشرطة إن ثلاثة جنود يمنيين على الأقل قتلوا اليوم الثلاثاء عندما اقتحم مهاجم انتحاري بسيارة ملغومة نقطة تفتيش في جنوب اليمن، وبين المصدر لرويترز أن أربعة جنود آخرين على الأقل أصيبوا في الهجوم الذي وقع خارج مدينة البيضاء.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى إسلاميين متشددين على صلة بتنظيم القاعدة يسيطرون على مناطق في جنوب البلاد.

وشن متشددون من جماعة أنصار الشريعة – التابعة لتنظيم القاعدة- في وقت سابق من الشهر الحالي هجمات منسقة على قوات الحكومة خارج زنجبار عاصمة محافظة أبين مما أسفر عن مقتل عشرات الجنود، فيما قتل 59 متشددا على الأقل في عدد من الغارات الجوية على مواقع للمتشددين الأسبوع الماضي.

وكانت وزارة الداخلية اليمنية، قد كشفت أمس، عما وصفته بـ “مخطط إرهابي لتنظيم القاعدة يستهدف منشآت حيوية ومرافق حكومية في عدد من المحافظات”، وأشارت إلى أن التنظيم “يخطط للقيام بعمليات إرهابية باستخدام سيارات مفخخة، ضد بعض المؤسسات الحكومية الهامة والمنشآت الحيوية”.

وذكرت الوزارة في موقعها الإلكتروني أنها “تتعامل مع هذا التهديد بصورة جدية، واتخذت عدداً من الإجراءات والتدابير الأمنية” لمجابهة المخطط الإرهابي، ووصفته بأنه “يعكس حالة هستيرية وخشية حقيقية لدى تنظيم القاعدة في أعقاب نجاح الانتخابات الرئاسية، والمضي قدماً في تنفيذ المبادرة الخليجية”.

وأكدت الداخلية اليمنية أنها ستواصل حربها على الإرهاب وفي كل مكان يتواجد فيه “إلى أن يتم استئصال شأفته، حتى لا يكون له موطئ قدم في وطن الإيمان والحكمة”.

واتهمت الوزارة في وقت سابق حركة الشباب المجاهدين الصومالية بإرسال قرابة 300 مسلح من عناصرها إلى اليمن للمشاركة في القتال مع أنصار تنظيم القاعدة، ضد قوات الأمن والجيش، وأشارت إلى أن أجهزتها ضبطت أربعة صوماليين على الطريق الذي يربط بين محافظتي لحج وأبين على خلفية الاشتباه بصلتهم بحركة الشباب الصومالية.

وكانت طائرات حربية يمنية وطائرات يعتقد أنها أمريكية من دون طيار قد شنت هجمات على مواقع للمسلحين في محافظتي أبين والبيضاء خلال الأسبوع الجاري، وقالت مصادر إن طائرات حربية شنت مساء الأحد الماضي قصفاً عنيفاً على جبل خنفر بمدينة جعار بمحافظة أبين، حيث توجد مواقع لمسلحين يسيطرون على المدينة منذ منتصف العام الماضي، ما أدى إلى مقتل ثلاثة مسلحين.

ويرى مراقبون أن الضربات الجوية لا تستهدف فقط عناصر التنظيم، بل بعض العتاد والآليات العسكرية التي استولى عليها مسلحوه الأسبوع الماضي، في مناطق دوفس والكود بزنجبار.

تضخيم القاعدة

وفي تعليقه على تصاعد حضور وتهديدات مسلحي تنظيم القاعدة في المناطق الجنوبية من اليمن ، يقول الكاتب الصحفي المقيم في مدينة عدن، سمير حسن، أن تنظيم “القاعدة كحقيقة موجودة في اليمن على الأرض، وإن اختلفت المسميات في إطار التنظيم الواحد كجماعة أنصار الشريعة”، ويستدرك “لكن الحاصل، هو وجود تضخيم لحجمها ومحاولات تسخيرها سياسياً للاستفادة من وجودها”.

وبين حسن لـ”إسلام أون لاين” أنه من “الواضح أن التنظيم يكثف من نشاطه التوسعي في الجنوب مسنوداً بثلاثة عوامل، أبرزها ضعف الأمن وتوسع الاحتجاجات المنادية بالانفصال، إضافة إلى حالة الانقسام في صفوف الجيش في ظل عدم الهيكلة، وإمكانية التجنيد للشباب في صفوف التنظيم بالاستفادة من حالة الاحتقان لدى بعض التيارات في الجنوب تجاه نظام صنعاء”.

ويضيف حسن “من جانب آخر، فإن ما يزيد من قدرة وقوة التنظيم، وجود دعم لوجستي ومادي مباشر وغير مباشر، من قبل قيادات في ألوية الجيش الموالية للرئيس السابق صالح، وهذا ما ثبت في تقرير لجنة التحقيق الأخيرة بشأن المجزرة التي ارتكبت بحق 200 من أفراد الجيش والذي تحدث عن تورط قيادات وتمكين القاعدة من أسلحة ومعدات حربية ثقيلة، بينها راجمات صواريخ ودبابات”.

ويرى حسن أن “تدخل الطيران الأمريكي في قصف معاقل القاعدة يزيد من تعقيد الأمور، ولا يسهم البتة في الحسم، لأن تلك العمليات تمنح القاعدة تعاطفاً قبلياً ومن ثم دعما وإيواء”، ويتابع “فالتدخل الخارجي يبدو مستفزا لمشاعر اليمنيين”.

ويشير حسن إلى وجود عناصر للتنظيم من خارج اليمن: صوماليين وسعوديين وباكستانيين وغيرهم، ويضيف “وأتوقع أن هذا التعزيز العسكري هو توجه قاعدي لنقل الحرب من أفغانستان إلى اليمن”.

 ويواصل “وأعتقد أن بقاء الجيش في حالة الانقسام الحالي، وضعف السلطة هو مؤشر خطير جداً على حالة انهيار وشيك للدولة، وتمدد لتيارات العنف في الجنوب والشمال، وربما تحول الجيش على المدى البعيد إلى عصابات مسلحة في حال استمرت حالة الانقسام”.

وكانت قوى المعارضة التي تقاسمت حكومة الوفاق الوطني مع حزب المؤتمر الشعبي وشباب الثورة اليمنية، قد اشترطوا إعادة هيكلة الجيش والأمن لخوض الحوار الوطني الذي من المقرر بحسب الآليات التنفيذية للمبادرة الخليجية أن يناقش مختلف القضايا ويشارك فيه الجميع، بمن فيهم الحوثيون والحراك الجنوبي.

يأتي هذا، فيما تستعد اللجنة التنظيمية لشباب الثورة السلمية لإقامة مهرجانات احتفائية كبيرة، الأحد القادم 18 مارس الذي يصادف الذكرى الأولى لما عرف بمجزرة جمعة الكرامة والتي كانت سبباً رئيسياً لوقوع الانشقاق الكبير في صفوف الجيش اليمني ونظام صالح، بمجرد إعلان اللواء علي محسن الأحمر تأييده للثورة وشبابها.

تنظيم يمني وآخر دولي

ومن جهته يوضح الكاتب والمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد اللطيفي، أن “العلاقة بين القاعدة وأنصار الشريعة في اليمن، أشبه بأفغانستان من حيث التنظيم، فأنصار الشريعة مثل طالبان، كلاهما تنظيمان محليان”.

 ويستدرك اللطيفي في تصريحه لـ”إسلام أون لاين“، “لكنهما القوه الفعلية على الأرض للقاعدة.. وأنصار الشريعة هم من أبناء اليمن.. والقاعدة أشبه بجيش إلكتروني، وأعضاؤه خليط من جنسيات مختلفة”.
وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب – يكمل اللطيفي – “يتحرك بذكاء وتقنية عالية، ولديه لاعبان (محلي ودولي) يتحكمان بخيوط اللعبة، اللاعب المحلي له ارتباط قوي بأنصار الشريعة، وفي تقديري، حجم القاعدة الفعلي في اليمن لا يتجاوز 20%.. بينما 80% تواجد مخابراتي دولي ومحلي وإقليمي”.

 ويؤكد اللطيفي أن هناك مستفيدين كثر من لعبة القاعدة في اليمن، ويضيف “ليس فقط الرئيس السابق وابنه، فهناك دول أخرى تلعب بانتهازية لعبة المصالح الدائمة التي تقتضي تفعيل سياسة إضعاف وجود القاعدة وليس القضاء عليها، بينما يخوض صالح واللواء علي محسن الأحمر صراعاً خطيراً على أرضية القاعدة”.

ويلفت اللطيفي إلى أن تواجد القاعدة القوي ينحصر في المنطقة الجنوبية والشرقية، حيث الجيش اليمني التقليدي أو الذي تديره قيادات عسكرية موالية لصالح.

ويرى الكاتب اللطيفي أن الرئيس اليمني الجديد عبدربه منصور هادي “يدرك جيدا  التفاصيل السابقة في قصة القاعدة “، ويستدرك “لكن إذا لم توجد لدى الرجل (هادي) خطة وطنية للقضاء على القاعدة، وظل فقط مرتهناً للأمريكيين، فإن القاعدة ستتمدد بأشكال متعددة وخطيرة، لأن الطريقة الأمريكية في محاربة القاعدة والتي تعتمد فقط على الضربات العسكرية ستزيد من نفوذ أنصار الشريعة الجناح المحلي للقاعدة”.

ويضيف اللطيفي “لست مع استبعاد الخيار الأمني، لكنني ضد جعله الخيار الوحيد،  إذا وجدت خطة وطنية سياسية وأمنية وثفافية تعتمد في الأساس على مشاركة أبناء المناطق نفسها، فربما تنجح بشكل فعال”، ويتابع “صحيح أن القاعدة هي خليط من جنسيات مختلفة، تعتمد على أنصار الشريعة، لكنها في الوقت ذاته، لا تثق تماما بكل عناصر الشريعة”.

ويضيف معلقاً على موضوع إرسال حركة الشباب الصومالية عناصرها لدعم التنظيم في اليمن “الأمر له علاقة بمسألة وجود الثقة التامة من عدمه بأنصار الشريعة أكثر من كونه احتياجا لمدد بشري”، معتبرا ” إن إرسال الأعضاء غير المحليين (غير اليمنيين) هم للتحكم في أنصار الشريعة، خوفاً من احتمالات واردة بتراجعهم أو انضمامهم للدولة”.

وكان وزير الأوقاف والإرشاد السابق القاضي حمود الهتار قد حذر الرئيس هادي من الاستمرار في مواجهة القاعدة بطريقة الأمريكيين وطائراتهم، وقال إن الدم يجر إلى الدم”.

وقال القاضي الهتار الذي كان رئيساً للجنة العلماء المكلفة بالحوار مع عناصر القاعدة لسنوات عديدة، إن استخدام القوة يعزز منطق ومبررات القاعدة، وتساءل “لو كانت الطائرات المسيرة ناجحة في القضاء على القاعدة، فهل كان الأمريكيون سيواجهون مشاكل في أفغانستان وباكستان؟”.

أخبار ذات صله