fbpx
لم يغادر أبو اليمامة عدن إلا شهيدا

 

كتب – جمال حيدرة
أعلم أن البعض من الجنوبيين – ممن يخدمهم الوضع الآخذ بالسوء- يؤذيهم قلم يلامس بكلمة صادقة جرحا مفتوحا، وأعلم أن البعض الآخر لا يرى من أهمية للنقد البناء في ظل ظروف حساسة كالتي نمر بها اليوم في ظل الحشود العسكرية على أبواب الجنوب، وكذلك في ظل انتشار الفيروسات المهددة للوجود البشري على مستوى العالم، وربما هذه الظروف – من وجهة نظر كاتب يخشى أن يتحول بفعل الصمت عن الحق إلى شيطان أخرس – هي الفرصة المؤاتية لتقويم اعوجاج النفس البشرية قبل فوات الآوان.
دعونا نبدأ هذا الموضوع بسؤال عن عدد المرات التي غادر فيها البطل الثائر أبو اليمامة عدن وهل لذلك الأمر ارتباط عضوي في عملية اغتياله؟
هذا السؤال سوف نفهم اجابته حينما نستعرض واقع قياداتنا الجنوبية في المنفى، سواء تلك التي خرجت قسرا وقد زالت الآن أسباب بقائها في الخارج أو تلك التي خرجت طواعية بكامل إرادتها وأصبحت غير قادرة على العودة.
بداية بالرئيس علي ناصر محمد الذي خرج مطلع تسعينات القرن العشرين قبل أيام من توقيع الوحدة اليمنية، وبطلب من الرفاق في الجنوب، وكان ذلك خطأ جنوبيا فادحا، ومكرا شماليا لئيما، دفع بموجبهما ابو جمال الثمن غربة قسرية قاسية، لكني شخصيا لم أفهم لماذا لم يعود أعقاب حرب ١٩٩٤م وكذلك أعقاب مشروع التصالح والتسامح ٢٠٠٦م أو حتى أعقاب ٢٠١٥م.
رئيس الوزراء الجنوبي حيدر العطاس خرج قسرا هو الآخر أعقاب حرب ١٩٩٤م وقد زالت أسباب بقائه في الخارج أعقاب ٢٠١٥م غير أنه لم يعود ولم يفكر قط بالعودة.
علي سالم البيض آخر رئيس جنوبي خرج أعقاب حرب ١٩٩٤م وما يزال خارج البلاد برغم زوال أسباب بقائه في الخارج لكنه لم يعود ولا يوجد سبب شرعي لذلك على الرغم من انه الرئيس الشرعي وهو من سلم دولة وشعب دون أدنى ضمانات.
الزعيم حسن باعوم الذي ضحى بنصف عمره في السجون في سبيل القضية الوطنية الجنوبية غادر لظروف مرضية وبقاء خارج الجنوب ولم يعود هو الآخر لأسباب غير واضحة.
محمد علي أحمد وسالم صالح وصالح عبيد والجفري وعدد كبير من القيادات الجنوبية آثرت البقاء في الخارج، وهذا أمر يخصها ومن حقها ان كانت قد تخلت عن السياسة ورفعت يدها عن الجنوب، لكن ليس منطقيا ولا جائزا ان تظل في الجنوب كمشاريع خارجية ساهمت بشكل كبير في تمزيق القضية وتشظي الأهداف والطموح والتطلعات، وهي في المقابل منفصلة تماما عن هموم الناس ومعاناتهم.
خلق الشعب قيادة ميدانية جديدة جاءت من صميم وجعه وهمومه اليومية معلقا عليها كل آماله وأحلامه تمثلت بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي غير أن هذه هي الآخرى آثرت البقاء في الخارج وخرجت طواعية وأصبحت للأسف غير قادرة على العودة، ليبقى الشعب في حيرة من أمره حاله كحال غريق تحيط به الانواء من كل اتجاه، وهذه هي أخطر مرحلة يمر بها شعبنا العظيم في الجنوب.
شعب عرف بالشجاعة والانتماء لقضية دفع من أجلها خيرة أبناءه أصبح اليوم في معظمه يدافع عن أشخاص ويخشى عليهم كثيرا، وهؤلاء الأشخاص يحاربون من أجل مصالح ضيقة جدا، وهذا تحول خطير في مسار القضية الوطنية التي يفترض أن يتلاشى فيها الخوف على أشخاص ويذوب الولاء لهم لصالح استحقاق شعبي كبير يتمثل في الاستقلال واستعادة الدولة.
نتحدث هنا ليس بهدف الانتقاص من قيادات جنوبية نكن لها جميعا كل الاحترام والتقدير بقدر ما نحاول أن نوقظهم باسئلة تدور في خلد الكثير من أبناء شعبنا، وهي مشروعة أكثر من شرعية بقائهم في الخارج.
وبالعودة إلى سؤالنا الافتتاحي لهذا المقال عن عدد المرات التي غادر فيها أبو اليمامة عدن
وهل لذلك علاقة في عملية اغتياله سوف نجيب عنه بسطر وأحد فقط على أن نتطرق للأسباب في موضوع آخر.
القائد أبو اليمامة رحمه الله لم يغادر عدن إلا شهيدا.