fbpx
الذكاء بوصفة طبية (حلم اليوم ..واقع الغد )
شارك الخبر

علي ناصر محمد جبران اليافعي

كمتخصص في علم الأحياء الدقيقة، فقد انصب جل اهتمامي بهذا العلم، وصرت أبحث عن كل ما جد جديد في هذا المجال، وقد استوقفني ذلك الاكتشاف المذهل لعلماء في إحدى الجامعات الأمريكية، حيث اكتشفوا مصادفة فيروسا يجعل الإنسان غبيا، ووجدوا أنه يؤثر في قدرات الإنسان المعرفية والإدراكية، ومن خلال تجارب واختبارات تم تطبيقها على فئران التجارب، وذلك باستخدام متاهات صممت خصيصا لإثبات ذلك التأثير، كما وجدوا أيضا التأثير الواضح لذلك الفيروس على الناس المصابين به والذي أطلق عليه الباحثون اسمchlorovirus ATCV-1، وهو فيروس يصيب الحلق في الإنسان.

وقد انتابني شعور بالسعادة والفرح والابتهاج، وحمدت الله كثيرا لأن الفيروس ستضمحل خطورته، ولن يؤثر في كثير من الناس في المجتمعات العربية، فلديهم المناعة ضد الفيروس فيما لو قدر الله وتفشى الوباء في تلك المجتمعات حيث ان الغباء متأصل في الكثير منهم بالفطرة وليسوا بحاجه لاكتسابه من فيروسات أو غيره، أو قد ربما يحدث تداخل ما بين الغباء بالفطرة والغباء الذي سينشأ عن ذلك الفيروس مما قد يولد ذكاءً، محاكاة لما يحدث في الاتحاد الكيميائي بين عنصرين سامين في الطبيعة وهما الصوديوم والكلور لينتج عنهم مركب كلوريد الصوديوم الذي يستخدم في حياتنا اليومية تحت مسمى ملح الطعام.

وفي حقيقة الأمر، فعالمنا العربي يزخر بالعلماء والمبدعين، ولكن وجودهم في بيئة غير محفزة أو بالأصح محبطة للإبداع والابتكار، جعل الكثير منهم يتجهون صوب الغرب، حيث يتم استقطابهم ودعمهم والاهتمام بهم، ليصبحوا روادا للابتكار يشار إليهم بالبنان في بلاد العجم، بينما لو كانوا باقين في بلدانهم لصاروا يعيشون حياة البلطجة وقطاع الطرق وباسطي الأراضي، أو ربما قد ينتهي بهم الأمر في مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية، إن لم يكونوا مشردين في الشوارع.

لقد انخفض مستوى الاهتمام بالعلم والبحث العلمي في البلدان العربية بشكل ملحوظ في عصرنا الحاضر، كما أن ذلك الاهتمام قد يكون معدوما بالكلية في بعض من تلك البلدان، بالرغم من أن بلاد العرب كانت منبع العلم والعلماء في القدم، فكثير من الابتكارات العلمية والاختراعات كان للعلماء العرب دور هام فيها، فقد ساهمت ابتكاراتهم في التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم.

فكم نحن بحاجة إلى مزيد من الأبحاث والتي قد تتكلل يوما بالنجاح في اكتشاف فيروس أو عقار قد يساعد في جعل الإنسان ذكيا ليتم وصفه للناس حتى يخرجوا من التبلد والغباء وينفضوا غبار التخلف ويلحقوا بركب العالم المتحضر الذي صار يبحث في تقنيات دقيقة جدا مثل تقنيات النانو، وأصبحت الدول الصناعية تتنافس فيما بينها في بناء الأوطان وتوفير جميع سبل الراحة والعيش الكريم للمواطن وتتنافس في أحدث الابتكارات في جميع
العلوم وغزوا الكواكب الأخرى، ونحن ما زلنا في عراك التفاخر كيف الأخ يقتل أخاه أو بامتلاكنا تكنولوجيا حربية متطورة، والتي هي في الأساس ليست من صنع أيدينا أو نتفاخر بأكبر الأطباق على موائدنا، أو المراحيض المصنوعة من الذهب والمرصعة بالألماس، والقائمة تطول.

فهل سيأتي اليوم الذي يمكن الحصول فيه على الذكاء بوصفة طبية كي يرتاح العالم من شرور الحمقى والمغفلين، أم أن التجارة ستطال ذلك العقار الفيروسي الحميد إذا ما وجد لاحتكاره عبر من يحتكرون موارد اليوم وحلم الغد؟

كاتب المقال الباحث علي ناصر محمد جبران اليافعي

اختصاصي الأحياء الدقيقة الجزيئية والتشخيصية – معهد البحوث الطبية – جامعة الإسكندرية

 

 

أخبار ذات صله