fbpx
المهرة ومحافظها “الجديد – القديم”

د. عيدروس نصر
للمرة الثانية وربما الثالثة يقفز اسم الزميل الوزير والنائب والمحافظ محمد علي ياسر إلى مقدمة عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بعد تعيينه محافظاً لمحافظة المهرة، وبهذه المناسبة سأسمح لنفسي بتهنئته، ليس بإغراء وغنائم المنصب ولكن بالثقة التي حظي بها وهو أهلٌ لها، رغم إشفاقي عليه من جسامة التحدي الذي أدعو الله أن يعينه على النجاح فيه.
الزميل محمد ومن وحي عشرتنا وعملنا المشترك عندما كان مجلس النواب ما يزال ساحة للنقاش (الحر إلى حدٍ ما) ومن تجربة الصداقة الشخصية معه، يمثل شخصية لا غبار على وطنيتها ولا على مستواها الأخلاقي والمهني وعلاقاتها الاجتماعية والإنسانية الرفيعة.
لا أرغب في إفراد هذه المساحة للدعاية للزميل ياسر فلم اعتد هذا حتى مع الزعماء والقادة الذين أجلهم وأتبنى مواقفهم أو أتعاطف معها ولا مع رفاقي ومن أشاطرهم العمل والنشاط والقناعات، لذلك سأتحدث عن المهمة الشاقة التي تنتظر زميلنا العزيز وأهمها، كيفية التصرف مع مراكز القوى المتحكمة في صناعة قرار السلطة الشرعية ومن ثم عمل السلطات المحلية.
مراكز القوى لا تنشغل لا بالتنمية ولا بتوفير الخدمات ولا بالحالة الأمنية ولا حتى بمواجهة المشروع الانقلابي الذي تدعي بأنها تواجهه، لكنها تنشغل كل الانشغال بالهيمنة على نشاط الوزراء والمحافظين والسلطات المحلية لتسخيرها للأجندات الحزبية والآيديولوجية لتلك المراكز، وهذه قضية برهنتها عشرات الحالات، وكم هي المرات التي حورب فيها وزراء ومحافظون ومدراء عامون ناجحون كل ذنبهم أنهم لا ينتمون إلى اللون السياسي والآيديولوجي الذي تتبناه تلك المراكز، وليس نائب الرئيس ورئيس الوزراء السابق الأستاذ خالد بحاح والوزراء د. محمد المخلافي ود. خالد با جنيد والمحافظون علي المعمري وناصر الشريف إلا نماذج لعشرات الحالات المشابهة، ناهيك عن المحافظين اللواء عيدروس الزبيدي واللواء أحمد سعيد بن بريك و د الخبجي وفضل الجعدي والوزيرين هاني بن بريك ومراد الحالمي وغيرهم، ممن جرت معاقبتهم على خلفية موقف سياسي يعبر عن قضية جوهرية يعترف بها حتى أساطين مراكز القوى أنفسهم.
أعود إلى الزميل المحافظ (القديم الجديد) محمد علي ياسر لأشير إلى أن الوضع في المهرة اليوم يختلف عنه عندما تولى هذه المهمة في المرات السابقة، فالتحديات في المهرة مختلفة ومتعددة وأهمها كيفية الحفاظ على الاستقرار في هذه المحافظة التي غزتها وصارت تتحكم في حياة الناس فيها مجاميع لا صلة لها لا بالمهرة ولا بهموم أبنائها، كما إن اتساع شواطئ وحدود المهرة قد جعل منها منفذا سهلا لتهريب الأسلحة والممنوعات ونشرها في اليمن وبعض الدول الشقيقة، وقد أكدت الأحداث وصول أسلحة متطورة وثقيلة إلى جماعة الحوثي عن طريق منافذ التهريب المتعددة ومنها شواطئ ومنافذ المهرة الحدودية، والكثير من تلك الأسلحة تمر عبر النقاط التي تسيطر عليها قوات “مراكز القوى” المهيمنة على قرار الشرعية.
فهل سينجح الزميل محمد في تطبيع حالة الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات الضرورية، وفتح أبواب الاستثمار في هذه المحافظة البكر والاستراتيجية؟ وهل سيتمكن من التصدي لضغوط مراكز القوى واتخاذ القرار الوطني والمسؤول المعبر عن طموح وتطلعات أبناء المهرة؟ وهل سينجح في محاربة التهريب وقطع شريان الجماعة الانقلابية ومن يعقد معها صفقات التهريب من المهربين “الشرعيين” ؟
أتمنى أن ينجح في ذلك، وأدعو من فشلوا في كل شيء من النافذين والعابثين المتحكمين في صناعة قرار الشرعية إلى أن يدعوا الرجل وشأنه لعله يبرهن قدرته على خدمة أبناء محافظته بعيدا عن نفوذ النافذين وعبث العابثين.