fbpx
من وثائق المهاجرين اليافعيين في زنجبار (تنجفانيا) القرن الثالث عشر الهجري/التاسع عشر الميلادي
شارك الخبر

كتب – د.علي صالح الخلاقي:
تعددت مهاجر اليافعيين في مشارق الأرض ومغاربها, في رحلة البحث عن مصدر رزقهم, وإن استأثرت الهند في القرن الثالث عشرالهجري/ التاسع عشر الميلادي على النصيب الأكبر من أعدادهم, إلا أن أعداداً منهم اتجهت إلى بقية المهاجر, ومنها شرق افريقيا, مثل اثيوبيا وارتيريا والصومال وكينيا وزنجبار(تانجفانيا), وظل الكثير من المهاجرين على صلة بوطنهم الأم واندمج بعضهم في مجتمعات مهاجرهم وذابوا فيها, ولا توجد معلومات عن تلك الهجرات اليافعية.
ومع انعدام الدراسات التي تتناول تلك الهجرات, يكتسب الحصول على وثيقة أو رسالة أهمية خاصة. ومن هذا المنطلق يمكن الحديث على أهمية هذه الوثيقة التاريخية التي التي حصلت عليها من الأخ الصديق عمر أحمد بن خلف البكري, وتكمن أهميتها في كونها تقودنا إلى معرفة جوانب معينة من تاريخ المهاجرين اليافعيين المنسي والمجهول. ومن ذلك وفاة بعضهم في مهاجرهم وما ينتج عن ذلك من إشكالية الحصول على ما خلفوه من إرث.
كاتب الوثيقة هو الشيخ سالم بن علي بن حسين الضُباعي, وهو علامة وفقيه, وشيخ مكتب لبعوس في ذلك الحين. وختمه في أعلى الوثيقة, كُتب فيه بطريقة السجع  المتناغم مع لقبه (الواثق بدُعاء كل داعي  الشيخ سالم بن علي بن حسين الضُباعي) ومؤرخة في تاريخ 18 جماد أول سنة 1293هـ/ الموافق 11يونيو1876م ومن ضمونها يتبين أن هناك متوفين من أهل الشرف في مهجرهم بزنجبار (تنزانيا حاليا) لا نعرف أمساءهم ولا عددهم, ولا سبب وفاتهم الجماعية, وقد نعرف عنهم شيئاً إذا ما ظهرت وثائق لدى أهلهم من آل الشرفي,  لكن ما نعرفه من الوثيقة أنهم خلفوا أموالاً, لا نعرف مقدارها, لكنها كما يبدو كبيرة, ولم يصل منها إلا القليل, من قبل الوكيل المأمون أن الثقة  محمد بن أحمد ناصر صالح الوالي, وهو بالطبع أحد المهاجرين هناك, وقد يكون فعلاً تعرض لنهب أو سرقة ما لديه من أموال قهرياً  من قبل ما وصفتهم الوثيقة بـ (دولة بطَّاشه أو طايفة نهَّابة), لكن الورثة لم يقتنعوا بهذا التبرير وشكوا في نزاهته وأمانته, ولهذا السبب حدثت مشكلة بينه وبين الورثة, ووصلت المشكلة إلى قاضي بني بكر (علي بن حيدر عزالدين) باعتبار آل الشرفي من أهل بني بكر, فاتجه من جهته إلى شيخ لبعوس الضباعي  التي ينتمي إليها الوكيل الوالي, ودون بالوثيقة أن ضامن للقاضي علي حيدر من أي تفريط  من قبل الوكيل بصورة غير شرعية, أو خيانة وقِلَّة, لكنه لا يضمن إذا ما جرى  تلف المال  أمانة فقدان المال في حادثة في البر أو بحر أو نهبها بالقوة من عصابات أو قراصنة, ويؤكد أن لا ضمان أيضاً على الوكيل والأمين إذا قام بجهده وقاوم عدوه حسب جهده. ونتعرف أيضاً على أسماء الشهود, اثنان من آل الوالي, وثالث من آل البكري, ويحتمل أنه من أسرة آل البكري الساكنين  في هَجَرْ لبعوس.
ومن هذه الوثيقة نستخلص طبيعة المخاطر التي كانت تتهدد المهاجرين في طريق سفرهم, بما فيها نهب أموالهم, وربما فقدان حياتهم وأموالهم من قبل عصابات التقطع والنهب أو التعرض لمخاطر ركوب البحر وسط الرياح والعواصف العاتية.. ولأن الشي بالشيء يذكر , نورد هنا حادث مماثل تعرض لها عوض عاطف اليافعي وهو من تجار يافع وبحارتها في تلك الفترة (القرن الثالث عشر الهجري) كان يسكن بندر الشحر في ساحل حضرموت وامتلك سفينة (ساعية) تاجر فيها بين حضرموت وساحل شرق افريقيا, وتعرض سنة 1279هـ لقرصنة من قبل الإفرنج أمام الساحل الافريقي باستيلائهم على ساعيته بتهمة المتاجرة بالرقيق, فشكاهم إلى القنصل الإنجليزي بزنجبار  وتم تعويضه, كما ورد في (معجم أعلام يافع) للزميل د.سالم السلفي..
 وفيما يلي نص الوثيقة (المرفقة صورتها):
ختم واسم
الواثق بدعاء كل داعي
الشيخ سالم بن علي بن حسين الضُباعي
الحمد لله لما كان ليلة الأحد و18 خلت من شهر جماد أول سنة 1293هـ ثلاث وتسعين وميتين وألف, شاهد كريم بيد الصدر الأمثل ضياء الدين القاضي علي  حيدر ابن عزالدين بأنَّا يا سالم بن علي بن حسين الضباعي شلَّيت للمذكور وبَدَيْت وظمنت على محمد ابن أحمد ناصر صالح الوالي في كل ما صح بيده وتوضَّح وتقرر وصفي من مال المتوفين ببندر زنجبار السواحل من أهل الشرف وكل مخالفة وإلاّ خيانة تقع من الوكيل محمد بن أحمد ناصر على المذكورين أنا الظامن للقاضي علي حيدر من أمر التفريط بغير طريق شرعي أو خيانة وقِلَّة أمانة كذلك أما أمر الله إذا جرا ببر أو ببحر وتلف المال فلا عليَّا دَرَك ولا ظَمَان ولا علا دولة بطَّاشه أو طايفة نهَّابة بالقهر فلا عليَّا دَرَك ولا ظَمَان ولا علا الوكيل والأمين إلا شرع الوكالة ابلاغ جهده ومدافعة عدوه بحسب ما يمكنه ويجوز له التصرف به صح ذلك بحضر شهود الحال الآتي ذكرهم :
شهد بذلك صالح بن ناصر صالح الوالي
شهد بذلك جابر أحمد البكري
شهد بذلك ناصر بن عبيد ناصر صالح الوالي
وكفى بالله شهيداً
أخبار ذات صله