fbpx
في الذكر 21 لرحيله: محمد شايف الخالدي .. شاعر غزلي رقيق المشاعر!
شارك الخبر

كتب – د.علي صالح الخلاقي.
يعد شائف محمد الخالدي “أبو لوزة”, الذي غادرنا  في 31ديسمبر1998م, أحد أشهر أعلام الشعر الشعبي في بلادنا على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين, فقد امتلك موهبة شعرية فذة وأبدع في مختلف الأغراض وطرق مختلف المواضيع ونظم وأجاد في مختلف فنون الشعر الشعبي,الزوامل ,المساجلات, القصائد, فقد عشق الشعر وكرس له معظم وقته وليس في حياته تجربة اكبر من الشعر, حتى يمكننا القول أن شعره هو حياته وأن حياته هي شعره, وكان الغزل من أكثر الموضوعات لديه, بل إن غزلياته المبكرة – التي فقد معظمها- قد مهدت له طريق الشهرة اللاحقة. ولا شك أنه بدأ حياته شاعراً غزلياً وأن الغزل من أوَّل الموضوعات التي طرقها منذ سنوات شبابه المبكرة. ولم يكف” أبو لوزة” عن نظم غزلياته طوال حياته وحتى أواخر عمره, كما نلمس ذلك من تتبع قصائده, والتي نجده يؤرخ لبعضها خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة من حياته, أما قصائده المبكرة فنستشف تواريخها من مضامينها أو من مفرداتها التي تنبع من البيئة التي عاشها في طفولته وشبابه في يافع. كما نجد أن كثيراً من مساجلاته وقصائده ذات الأغراض الأخرى لا تخلو في كثير منها من مقدمات غزلية يستهل بها قصائده, منها القصيرة والمتوسطة والطويلة , بل أن بعض هذه المقدمات تصل أحياناً إلى عشرة أبيات أو أكثر وتكاد أن تكون قصيدة لوحدها.
وأتذكر أنني منذ طفولتي وأنا أسمع قصائده العاطفية تتردد على ألسنة الكبار والصغار بكنيته الشهيرة “أبو لوزة” وكان أكثر الشعراء الشعبيين حضوراً في الأفراح والأعياد بما يصاحبها من ألوان الرقص والشعر والغناء, وأجزم أنه أبدع آلاف الأبيات الغزلية التي كان يرتجلها في ملاعب صفوف رقصات البال النسائية المصحوبة بالغناء, ولكن مثل هذه الأبيات لم تدون ولم تحتفظ بها ذاكرة الناس فذهبت أدراج الرياح,للأسف الشديد, وهي لو دونت لشكلت ديواناً كبيراً من أرق الشعر الغزلي وأعذبه. كما اشتهر بغزارة إنتاجه وجودته وفي تلقف المطربين الشعبيين لقصائده وتحويلها إلى غنائيات سرعان ما تنتشر بين جمهور المعجبين الواسع.
أصدرت له في العام 2007م ديوان (دستور أهل الهوى والفن) ويشمل ما تمكنا من الحصول عليه من غزلياته التي تيسر لنا جمعها من سجلاته الخاصة ومن أشرطة كاسيت لعدد من المطربين الشعبيين مثل سالم سعيد البارعي وعلي سالم بن طويرق وصالح سالم بن عطاف والسيد محضار وغيرهم. وقد وجدنا أن كثيراً من غنائياته التي تعود إلى مراحل ما قبل السبعينات غير مدونة, ناهيك أن الكثير مما قاله في بداياته المبكرة لم يصل إلينا..
إن “أبو لوزة” في شعره بشكل عام, وفي غزلياته بشكل خاص, مليح الشعر, رقيق الطبع, حسن المعاني,  وتفصح قصائده العاطفية عن مكنون نفسه, وتيسر لنا التعرف على فيض مشاعره, وهي تنبض بالصدق وتتألق بالفن الجميل ومزاوجة الألفاظ بالمعاني وارتعاش القوافي في تناغم موسيقي بديع يشنف الأذن ويطرب النفس, ولا غرابة في ذلك فمعظم غنائياته نظمت خصيصاً لتغنى وتردد بألحان شعبية أصيلة, وقد يكون الشاعر نسج بعضها على نغمة موسيقية أو لحن معين أسره بإيقاعه الجميل أو تأثر بالشائع والسائد من الألحان الشعبية أو التراثية التي يطرب لها عامة الناس, وهذا لا ينطبق فقط على غزلياته بل وعلى كثير من قصائده الوطنية والسياسية قبل وبعد الاستقلال, ومن يقرأ أو يستمع إلى غزلياته يجد نفسه مأسوراً بلغته السلسة الممتعة, وهذه الأبيان نموذج لغزلياته المبكرة:
الخالدي قال وا مولى الجَعِيْد الخُماسي
 بس الجفا بَسْ بَسْ
ويلك من الله كم لي بذكُرَكْ وأنت ناسي
 أحَّوْه منَّك وحَسْ
كم لي وأنا صيح من هجرك وكم ذي بقاسي
 من باطلك والحَمَسْ
احرمتني من حبُوب الليم ذي كُنت عَاسي
 ومن حبُوب البَلَسْ
من بعد ما كُنت أحبِّك واطرحك فوق راسي
 واطرح عليك الحرس
يا بوي ما شد قلبك ليش لك قلب قاسي
 مثل الحجر ما افْتَلَسْ
جاوب عليَّا وقال العفو ضاعت حواسي
 من الطَّفَرْ والفلس
العيد واصل ولا حصَّلت قيمة لباسي
 والعيد يشتي بيس
وين العسل ذي تدوِّر له عسل عرَضْ ماسِيْ
 ما لك وما للهَوَسْ
وقلت مبذول لك با كِيْل لك ما بكاسي
 لمَّا تقول أنت بَسْ
الخير واصل وعاد القافله والعناسي
 مُحمَّلَهْ والفرس
والحربيه با تقرِّب كل شي للمراسي
 قرِّب جِمَالك ورَسْ
صبرك على بن محمد يا رشيق اللباسي
 لمَّا يدق الجرس
لا تسرع المشي يا بابور هيئه سياسي
 سر بالدَّلا والنَّفَسْ
الخالدي قال وا مولى الجعيد الخُماسي
 بَسْ الجفا بَسْ بَسْ
ومن أراد التوسع فيمكنه الإبحار في ديوانه (دستور الهوى والفن) الذي يضم أروع غزلياته طوال مراحل حياته..رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته.
أخبار ذات صله