fbpx
رسالة من الهند تتحدث عن مرض فتاك في يافع أودى بحياة مئات من البشر سنة 1316هجرية:

علي صالح الخلاقي:

في البدء شكرا للأخ أبي حسين شعيفان البكري الذي أرسل لي صورة رسالة لأحد أجداده الذي كانوا في المهجر الهندي – حيدر آباد وهي رسالة بعث بها ذلك المهاجر إلى صنوه علي بن أحمد سالم شعيفان البكري, ولم يتبين التاريخ واسم المرسل لتلف في الرسالة الأصل , لعلها في نفس فترة رسالة مماثلة مؤرخة سنة 1316هـ كما يتضح من مضمونها, يذكر خبر انتشار مرض خطير أسماه (فناء كُبّه) تسبب بموت 400 شخصاً في بني بكر و200شخصاً في خلاقة وأعداد لا تحصى في يافع عامة, وجاء فيها بالنص :” إنها جاتنا أعلام في طبَّة (إرسالية) لآل باعباد من ناصر أحمد وابن أحمد خلف وذكروا فيها أنه وقع فناء كُبّه(مرض مُعدٍ) في بر عرب وأنها ماته (ماتت)من بني بكر أربعمائة ومن خلاقة مائتين وفي جبل يافع كله خلق ماته ما تعتد ومن يوم جاء هذا الخبر خلانا بلا عقول ولا جانا الحقيق من الحي والميت منكم وأنا في شغب يعلم به إلا الله وحده.
ومضمونها يتوافق مع ما جاء في رسالة المهاجر عبدالرب بن صالح عوض الخلاقي, المحررة في 27محرم سنة1317هـ في حيدر آباد سنة 1316هـ حول ما بلغه من أخبار الجفاف والقحط والموت الذي أودى بحياة الكثيرين في يافع وأن أكبر ضرر (جعث) كما بلغه وقع في خلاقة وفي بني بكر, وأنه بسبب ذلك رخصت قيمة الأراضي الزراعية. فقد كتب يقول:”وعرف لنا بالشدّة والقحط وفي من مات من أهل خلاقة وغيرهم نقول الله يلطف بجميع عباده ويبدل بعد العسر يسرا. وكذلكم قد وصلتنا أخبار ويذكرون أن أكبر جعث وقع في خلاقة وفي بني بكر ولا صِفِيِّة لنا الأخبار إلا بخط محمد سالم وخطكم المؤرخ 15شعبان سنة 1316هـ وصل لدينا وعرفنا لما ذكرتوه الجميع فيه.. وقد عرف لنا محمد سالم أن القضاة أمراض والكاتب ما تحصل… كذلكم يا أولاد ذكرتوا لنا أن البلد وصله من عشرين كاس حب الحبل ولا حصل المشتري وانتوا صدرت إليكم اربعمئة وعشرين قرش بيد محمد سالم ولا بينتوا مضل مع رخص البلد ولا درينا أكلتوها يا كسبتوا بها”.
وقد ورد ذكر تلك الأحداث الجسام عدد من الشعراء الشعبيين منهم الشاعر الفقيه أحمد علي بن علي حيدر عزالدين البكري, توفى تقريباً في ثلاثينات القرن العشرين، يقول في قصيدة أرسلها إلى السلطان بن هرهرة في 1319هـ/1902م، وبعد الاستهلالة والسلام على السلطان يتحدث عن السنين العجاف، ويعدد السبع الشداد من الكوارث، التي يجمعها حرف الجيم، وهي: الجام أي الجفاف، الجوع، مرض الجدري (الخامج)، مرض الجَرَبْ، ثم الحَرَاجَهْ وهي نفوق الماشية بسبب الجفاف، ثم آفة الجراد التي التهمت ما بقي من الأخضر واليابس، كما يعبر عن ألمه لفقدانه شريكة حياته التي شبهها بالجوهرة وسط فؤاده، ويختم بمخاوفة من المطامع الأجنبية التركية والبريطانية التي تحاول كل منها أن توجد لها نفوذاً في يافع،يقول فيها بعد الاستهلالة:

لا اتخبَّرك صالح من أعلام الفتن بقعا هَمَاد
علم السماء ذي زيَّد الله به على الأمه زياد

مرَّت سنين اعْجَاف منكورات هن سبعاً شداد
فيهن حروف الجيم كلاً جاهد الدنيا جهاد

بالجام ثم الجوع والخامج تسلَّط عالعباد
ثم الجَرَبْ ثم الحَرَاجَهْ قيَّدَهْ لُمَّه قياد

حتى الغنم ما كانه ابتخرج من أبواب الأصاد
واليوم في لسواق من خمسه بُقش بيضاء جِدَاد

هذا ولم نـشعـر في أربع بـاقــيـة تالي جماد
عن تسعة عشـر والثلاث الميه من قبل المداد

جتنا مدابي مدَّها الله مثلما مد البجاد
وهي مُظلِّه من طرف بيحان لا أطراف النجاد

كُلَّه بلاد الشرق عزَّاني ولا نصبا كساد
وأرض الحميقاني وحدِّي والوسط زاده زاد

دوله إلهيه بلا بندق ولا هدَّه صعاد
من زرعه اخضر كَوَّدَهْ، كاله ملان الصحن زاد

واليوم أبو ناصر صَدَاد النوم من عيني صَداد

وكـيف يهنأ نوم عيني والعرب جمله رقاد

ما يرقد إلاَّ مَنْ سِلِمْ زرعه على أخْشَام الجراد
وغاليه كانه معيَّا جوهره وسط الفؤاد

عسى يوفق بيننا يوم التلاقي والتناد
واتخبَّرك من هرج يافع ذي تنوّوا عالشداد

ذي عزموا لا لحج حوطة أرميا ذات العماد
هيهات ثم هيهات ما حد من خزائنها استفاد

قد أهلكوا من قبلنا إرْمَا وشداد ابن عاد
يافع ضحية عيد ما ندي شـعرهـا والفؤاد

كيف آنعلقها بكافر ما يريد إلاَّ الفساد
واحد قدا التركي وواحد لا قدا الكافر عناد

ختاماً

نحتاج لمثل هذه المراسلات أو الوثائق التاريخية التي نجد فيها كثيراً من الأخبار والمعلومات التي تساعد في إعادة تدوين تاريخنا …