fbpx
أعلن الرئيس هادي الحرب على الإرهاب فوقع بين فكي النظام القبلي

أعلن الرئيس هادي الحرب على الإرهاب

فوقع بين فكي النظام القبلي

ما إن أعلن الرئيس هادي الحرب على الإرهاب خاصة بعد الجريمة النكراء التي ارتكبها “أنصار الشريعة” في محافظة أبين بحق أبطال القوات المسلحة في الأسبوع الماضي حتى تكالبت عليه قوى الشرّ المرتبطة بطرفي النظام القبلي.  فماذا يجري ياترى؟ كيف لنا أن نفهم ونفسر اتهام قيادات حزب الإصلاح للرئيس المخلوع وأتباعه بالتورط في دعم ومؤازرة تنظيم القاعدة في الوقت الذي نراهم هم وآلتهم  الإعلامية ينددون بحرب هادي على أنصار الشريعة ويدعونه الى الحوار مع هؤلاء المجرمين بدلا من مواجهتهم على أرض المعركة؟ 

هذا المقال يحاول أن يوضّح هذا الأمر ويجلو هذا اللبس ويضع النقاط على الحروف. 

 

لكي نفهم دواعي المبادرة الخليجية

في العام 2007 أعلن شعبنا الجنوبي ثورته المنظمة ضد النظام الشمالي الذي أعلن عليه الحرب صيف 1994 واحتل أرضه واغتصب ثرواته وحول أبناءه الى غرباء في وطنهم. كان هذا النظام الشمالي هو نظام علي عبدالله صالح وركائزه القبلية والعسكرية والدينية. لم نسمع أحدا يومها يتكلم عن شيء إسمه النظام العائلي. لقد شارك الجميع في الجريمة بخيلهم ورجلهم وفتاويهم. كان الشيخ  الراحل عبدالله الأحمر يوجه رسالته عبر الأثير الى العالم كله من راديو لندن: “اليوم احتلينا شبوه!” . وكان علي محسن الأحمر اليد التي تطلق صواريخ الكاتيوشا على أطفال عدن ونسائها وشبابها. وكان عبدالمجيد الزنداني هو المحرض الرئيسي لقوات الجيش في معسكراتهم على محاربة “الكفار” في الجنوب كما كان بعض “عصابة الفتوى” يطلق سهام فتواه بجواز قتل المسلمين إذا تمترس بهم “أعداء الدين”.

 

كان شباب الشمال المقهورون المغلوبون على أمرهم يراقبون معركة النضال السلمي التي يخوضها شبابنا في الجنوب بصدورهم العارية مقدمين قوافل من الشهداء، كانوا يتابعون الدرس ويتعلمون ويتحرقون شوقا لخوض معركتهم مع نفس الخصم، نفس النظام العسكري القبلي الطائفي.  

 

وفجأة تفتحت زهور الربيع العربي من تونس الخضراء وانتشر عبيرها في جنبات الأرض العربية فاهتزت وبلغ زلزالها أرض اليمن فاندفع الشباب لخوض معركتهم ضد الظلم والاضطهاد والفساد والاستئثار المسيّجة بأعراف القبيلة والقوة العسكرية والاصطفاء الطائفي.

 

في هذا الوقت كان نظام القبيلة قد نخرته صراعاته الداخلية بشأن حصص تقاسم الكعكة حيث سعى رئيس النظام وأفراد أسرته وأقاربه للإستئثار بالقسم الأكبر تاركا القليل القليل لشركاء حكمه ماأثار حسدهم وأوغر صدورهم فقرروا الإنقلاب عليه.

 

وقد رأى شركاء صالح في ثورة الشباب بغيتهم للانقلاب على رئيسهم وإلباس انقلابهم رداء الثورة وتقديم صالح كبش فداء للغضب الشعبي على نظامهم القبلي المتخلف مع الحفاظ على جوهر النظام وتجديده بوجوه شبابية ثورية. ومن يومها انتشرت في الأسواق اسطوانة “النظام العائلي” كسلاح إعلامي بغيض غرضه حرف ثورة الشباب عن مسارها وتشويه هدفها وتحويله من المطالبة بإسقاط النظام القبلي بكل أركانه وركائزه الى مجرد إسقاط رأس النظام وعائلته. وكادت الخطة الجهنمية الخبيثة أن تنجح لولا أن تنبه العالم الخارجي وأوقفها بل وافشلها.

 

المبادرة الخليجية ودور الرئيس هادي

نزلت المبادرة الخليجية نزول الصاعقة على قيادات التجمع اليمني للإصلاح السياسية والقبلية والعسكرية والدينية. سقط بن علي في غضون ثلاثة وعشرين يوما وتبعه فرعون مصر في ثمانية عشر يوما وهم، قيادة الإصلاح، نعم هم ، قد نجحوا أيما نجاح في حبك مؤامرتهم، واعتلوا منصة شباب التغيير، ووزعوا براءة الاختراع على الشباب، ولم يبق بينهم وبين نجاح مخططهم الماكر والتآمر على ثورة الشباب سوى بضعة أيام يسقطون فيها رئيسهم صالح ويصادرون الثورة وتسقط البلاد في أيديهم.

في هذه الأثناء صرخ العالم الخارجي في وجوههم: ” ستـوب!”

في هذه الإثناء خرج عليهم السفير الأمريكي ليقول : ماهكذا يتم إزالة صالح، صالح لابد له أن يغرب، لابد له أن يحمل عصاه ويرحل، ولكن .. !

ولكن ماذا ياسعادة السفير؟ أفصح هداك الله

ويرد السفير الأمريكي: يرحل صالح ولكن عبر الحوار والتفاوض…

ولكن أي حوار وأي تفاوض ياسعادة السفير؟ قل لنا أيّ حوار تريد لعنك الله؟

 

ذلك كان مضمون الرسالة الدولية: يرحل صالح وهو أحد طرفي النظام ولكن السلطة لاتنتقل الى الطرف الثاني من النظام وإنما تنتقل الى الشعب من خلال دستور جديد يتكفل بوضع الأسس القانونية لذلك، وفي غضون المرحلة الانتقالية توكل السلطة الى الرئيس عبدربه منصور هادي كونه حاز على الاجماع الوطني والاقليمي والدولي.

 

تآمر طرفي النظام ضد الرئيس هادي

إذا ً المبادرة الخليجية بقدر مااستجابت لمطالب الشباب وأقرّت طرد علي عبدالله صالح من السلطة فإنها قد أنشأت سياجا حول ثورة الشباب يحميها بعون الله من الوقوع في براثن الطرف الآخر من النظام وقضت على أحلام هؤلاء في تجديد نظامهم العسكري القبلي وفرضت عبدربه منصور هادي رئيسا جديدا لليمن.

 

ولهذا غدت الحرب الخفية التي يخوضها طرفا النظام ضد الترتيبات التي فرضها الموقف الدولي ، غدت حربا غير معلنة ضد الرئيس هادي. وماإن أدّى الأخير اليمين الدستورية حتى انطلقت المؤامرة.

 

طرفا النظام يمتلكان قوة عسكرية ضاربة ولكنهما عاجزان عن استخدامها بحرية مطلقة في خلخلة الوضع العسكري والأمني وتهديد النظام العام في البلد. ويعود سبب العجز عن الاستخدام السافر للقوة العسكرية ليس فقط لتكافؤ القوة بين الطرفين وإنما بصورة رئيسية للرقابة التي يفرضها المجتمع الدولي على استخدام هذه القوة وتهديده الحازم بتوقيع عقوبات صارمة على أي طرف يحاول اللعب بالنار.

 

في هذا الوضع العصيب لم يبق في أوكار اللصوص من سلاح سوى أسهم القاعدة يطلقونها ذات اليمين وذات الشمال لإقلاق الأمن ونشر الفوضى بغرض بث اليأس في نفوس الشباب والمواطنين جميعا وعرقلة مسيرة التغيير والتحولات والتي يأتي على رأسها إعادة هيكلة الجيش وتحريره من قبضة طرفي النظام وتخليصه من السيطرة القبلية المناطقية البغيضة.

 

موقف الرئيس هادي الحازم يزيل الأقنعة عن وجوه القتلة

وعلى هامش التفجيرات وضرب معسكرات الجيش والسيطرة على المدن والقرى في محافظة أبين ورداع والبيضاء كان طرفا النظام يتبادلان الاتهامات بحماية القاعدة ودعمها في مسرحية سخيفة مكشوفة. علي محسن وحلفاؤه في حزب الاصلاح يتبرأون من أية صلة لهم بالارهاب ويتهمون صالح وحرسه الجمهوري وأمنه القومي برعاية الارهابيين، كما يوجهون أصابع الاتهام الى رجل صالح قائد المنطقة العسكرية الجنوبية مهدي مقولة بدعم القاعدة وتسهيل تحركات أعضائها وغض النظر عن أنشطتهم الاجرامية. بينما يتهم صالح وأزلامه خصومه في حزب الاصلاح وخاصة علي محسن الاحمر وعبدالمجيد الزنداني بالتورط في رعاية القاعدة وتمويلها والاشراف على أنشطتها الاجرامية منذ جاءوا بالآلاف منهم الى اليمن للمشاركة في غزو الجنوب صيف 1994.

 

والحقيقة أن الموقف الحازم الذي أعلنه الرئيس هادي بصدد مكافحة الارهاب واجتثاث هذه الآفة الخبيثة، هذا الموقف المدعوم دوليا كان له الأثر الكبير في ترويع عناصر القاعدة وبث الرعب في نفوس حماتها من طرفي النظام فهم يعلمون الآن أن شهر عسل القاعدة في اليمن قد ولـّى مع أفول نظام صالح. ولهذا ماإن بدأ الرئيس هادي وهو الجنرال المحنك، بإعداد مسرح العمليات في أرض الجنوب لاقتلاع القاعدة وتوجيه ضربته القاصمة لخلاياها حتى خرج علينا قادة الاصلاح وآلتهم الإعلامية هلعين، صارخين ، مولولين ، يطالبون الرئيس بالتفاوض مع عناصر القاعدة بدلا من مواجهتهم والقضاء عليهم.

 

وهكذا انكشف قناع حزب الاصلاح وظهر دفاعه الشرس عن تنظيم القاعدة في اليمن والتي يعتبر كثيرون أن قادتها هم من خريجي جامعة الايمان التابعة لعبد المجيد الزنداني. فهذا القاضي حمود الهتار القيادي في حزب الاصلاح ووزير الأوقاف السابق في نظام صالح يندد بموقف الرئيس هادي ويعتبره يسير بالبلاد في طريق خطر ويدعوه للتفاوض مع القاعدة ..

وهذا رئيس تحرير صحيفة “الأهالي” التابعة لحزب الاصلاح يندد بموقف الرئيس هادي ويتهمه بالتنفيذ الحرفي لتوجيهات السفير الأمريكي  ويدعوه للتفاوض مع القاعدة ..  

وهذه السيدة أسماء بنت عبدالمجيد الزنداني في صفحتها على الفيسبوك تستغرب تفاوض هادي مع الحراك الجنوبي والحوثييـن في صعـدة بينما يعزم على محاربة القاعدة وتدعوه للتفاوض مع القاعدة..

وهذا محمد الحنق أمير القاعدة في منطقة أرحب – أخوه عضو مجلس النواب عن التجمع اليمني للاصلاح- يلقى حتفه في معارك أبين ثم تخرج علينا صحف حزب الاصلاح ومواقعه الالكترونية لتقول لنا إن الحنق قد مات مريضا في أبين حتى يخيـّـل إليك أن الحنق كان في رحلة علاجيـة الى مستشـفيات أبين العالمية المشهورة وليس في مهمة إرهابية.

 

تـُرى إذا كانت القاعدة صناعة حصرية للقصر الرئاسي وأمنه القومي فما هي مصلحة حزب الاصلاح في الاعتراض على موقف الرئيس هادي للرد الحازم على جرائم القاعـدة، بل والتنديد بهذا الموقف ودعوته للتفاوض مع القاعدة بدلا عن مكافحتها.

 

لقـد أصبح القضاء على القاعدة في اليمن أمرا في غاية الأهمية وطنيا وثوريا قبل أن يكون مطلبا إقليميا أو دوليا. ردود الفعل المتشنجة من قبل طرفي النظام تكشف بما لايـدع مجالا للشـك أن القاعـدة أداة رئيسية من أدوات النظام القبلي في اليمن وبالتالي فالقضاء عليها يسقـط واحـدة من أهم أوراق القـوة بيـد الأطراف المعادية لثورة الشباب ويفسـح المجال واسعا أمام مسيـرة التغيـير. وأصبح جليـا اليوم أن من يدافع عن القـاعـدة ويـدعو للتفاوض مع القتلة المجرمين فإنما هو من حماتهم ويهدف للحفاظ عليهم لاستخدامهم في عرقلة التحولات السياسية والعسكرية والوقوف حجر عثرة أمام بناء المجتمع الجـديد.  

 

د. أبوبكر بن عبدالله بابكر

كلمنتان – أندونيسيا

‏13‏مارس 2012