fbpx
كلمة تقود ثورة

كلمة تقود ثورة
—————–
باسم فضل الشعبي
b.shabi10@gmail.com

أختلف مع من يقول ان: الثورات العربية من دون فلسفة. أي ثورة تبدأ كفكرة في العقل، تحتاج لوقت حتى تختمر، أو تكتمل، قبل أن تتحرك على الأرض لانجاز هدفها. الاختمار يعني البناء أو التشكل.. الاكتمال استيفاء كل الشروط. الثورة ليست مجرد تعبئة أو تحريض.. ذلك فهم قاصر. إذا كانت محفزات الثورة «الاستبداد» «الديكتاتورية» ظلت قائمة منذ سنوات.. فإن ما كان ينقصها لتتحول إلى ثورة، هو وجود فكرة مكتملة الشروط والأركان. لقد كان (البوعزيزي) سبباً في انطلاق الربيع العربي بعد أن كان -الربيع- قد استوفى كامل شروطه وأركانه.

الثورة أيضا بنت الخياااال، الخيال ينتج أفكار غريبة، قد لا يصدقها الناس في بادئ الأمر، والجميل حينما يعيش العقل المتخيل الواقع كما هو، يدرسه بعمق وتروي، ثم يصنع الفكرة التي تصلح كعلاج مناسب له.

تمر الأفكار الثورية بمراحل طويلة، مخاضات عسيرة، وبفعل الواقع المعقد، تتعرض الأفكار لنوبات من الاضطراب، والتشويش، غير أنها لا تستسلم، إنها تسيير على طرق وعرة، وغير معبدة، وتنمو في بيئة غير صحية.. أي فكرة تنجح في الوصول إلى الناس في واقع – كهذا- وتساهم في تغيير مجرى حياتهم لهو أمر جميل ورائع.

إن «إقامة العدل أصعب من هدم الظلم» قال مانديلا. ذلك يعني أن على الشعوب ألا تستعجل قطف الثمار.. وإلى أن يقم هذا العدل، فإنه على الثورة المرور بمراحل عديدة، ومخاضات صعبة، فكما تشكلت الفكرة الثورية التي أزالت الظلم، ستتشكل فكرة إقامة العدل لا ريب، أفكار البناء والتشييد، لا تكون مثمرة وناجعة إذا لم تتهيأ لها بيئة ملائمة.

الربيع العربي، حلم طوووويل.. لم يكن بحاجة إلى زعامة في تصوري، بالقدر الذي كان بحاجة إلى فكرة أو (كلمة)، أي ثورة تقودها كلمة هي ثورة حضارية بكل تأكيد.

إن وجدت، تصبح الزعامات في ثورات شعبية مدنية من هذا النوع، متوارية، أو غير متطلعة إلى دور أو قيادة.. لأن الأصل في الثورات هو خلاص شعوب وليس أفراداً أو جماعات، الزعيم عليه أن يقرأ ما يريد الشعب، ثم يختار الشكل المناسب الذي يفلسف فيه صورة الحل ويدفعه إلى الناس.

بعض الزعامات تحولت إلى عبئ ثقيل على الثورات، أو سببا في إجهاضها، لأنها اختزلت كل شيء داخلها.. أو أنها لم تكن مؤهلة فعليا للارتقاء إلى مستوى الثورة، ثورات الربيع العربي كل ما كانت تحتاجه هو المعرفة، أو (الفلسفة)، عقل، أو عقول، تفلسف للثورة وتمهد لها الطريق.

ربيع عربي بنكهة إسلامية، أو ثورات شعبية مدنية بمسحة إسلامية، هذا لا يقلل من كونها ثورات الملايين.. في اليمن هي ثورة من أجل 25 مليون نسمة، علينا الآن البحث في كيفية إيجاد الشكل الجديد الذي يلبي تطلعات كل هذه الملايين، إننا بحاجة إلى فلسفة جديدة.. فلسفة البناء وإقامة العدل، بالاستفادة من تجارب عديدة.

من ثمار الثورة الحقيقية: معرفة الشعوب طريق الحرية، الملايين تقول الآن (لا) بدلا من شخص أو أشخاص، الملايين تريد دولة القانون، دولة مدنية، عدالة… للثورات فوائد كثيرة. الثورات لا تكتمل دفعة واحدة، وإنما تمر بمراحل مختلفة هي أحوج ما تكون إلى التأمل والصبر والرعاية.