fbpx
بعيداً عن السياسة.. من الانفصال إلى التمرد

 

منذ 1994 إلى هذه اللحظة، وهم يرجموننا بنعوتٍ تحقيرية، في تصورهم ومقصدهم، لعل أبرزها: انفصاليون، تشطيريون، بقايا صومال وهنود، ثم أتباع، مرتزقة، والآن: متمردون.

كل هذا، ونحن على أرضنا، لكن تلك النعوت لم تزدنا إلا بأساً وتفاعلاً مع دلالاتها الإيجابية المضمرة، إلى درجة أنني بتنا نشعر بجماليات تلك النعوت، فهي أشبه، في التمثل، بأسلوب المدح بما يشبه الذم بلاغياً. فالانفصال قرار لا يتخذه إلا حر خارج عن الاستكانة للقطيع، لاسيما عندما يمسه الغبن، وهو الوجه الآخر للاتصال، فثنائية الاتصال – الانفصال، لا تعني أن أياً منهما يفضل الآخر، فبهما تتشكل صورة الاكتمال، لذا فأنا انفصالي منذ 94 حتى يثبت الاتصاليون أن لهم مزايا أفتقدها. والتشطير ليس جريمة، فالبيت الشعري له شطران والقصيدة مجموعة أشطار متفاعلة ولكل شطر اكتماله من دون أن يكون لشطر أفضلية على الآخر. لذا فأنا تشطيري بهذا المعنى.

وأن نكون صوماليين أو هنوداً فذاك شرف لنا، ودليل عنصرية الناعت المميز ضد اللون والعرق، لأنه لا يعلم مدى إجلالنا، بالتجربة والمعرفة، لصومالية المرء أو هنديته. أجل نحن صوماليون وهنود وآخرون من بني الإنسانية الجميلة.

ونحن أتباع و مرتزقة، كما يرون، ولو كنا كذلك لكنا أتباعاً ومرتزقة لهم، ولم نثر سلمياً، ثم نقاوم عندما تم الاجتياح، ومن المفارقات أنهم يرون في من ارتضى أن يكون تابعاً لهم ومرتزقاً، وطنياً وحدوياً!

أما أن نكون متمردين، فهذا مديح غير مقصود، فلا صفة أسمى، في هذا السياق، من أن تكون متمرداً، فالمتمرد إنسان حر ، و التمرد دينامو التطور والتحول عبر التاريخ. أما الخنوع فهو من صفات المستعبدين. لذا فنحن متمردون، وستأني مراحل تقتضي أن نعلي فيها التمرد ليس سياسياً، فحسب، وإنما اجتماعياً وفكرياً وثقافياً، بعد عهود هيمن فيها وعي خانع، كرسه هؤلاء الذين لا يروننا سوى انفصاليين،تشطيريين، صوماليين وهنوداً، أتباعاً ومرتزقة، ثم متمردين، لأننا قلنا: لاااااا، ثم صار القول فعلاً مدوياً على الأرض: لاااااا بحجم الحرية والوطن والقرار المستلب.

* د. سعيد الجريري

من صفحة الكاتب على الفيس بوك.