fbpx
الدولة الإشترانية – والدولة العصبلانية

لا أحد ينكر حب أهل اليمن للإسلام وإيمانهم بالله وتفانيهم في ذلك فهم أفضل أهل الأرض إيمانا بالله وحبا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولذا شهد التاريخ القديم والحديث رجالا من العلماء الربانيين والمجاهدين الأفذاذ من الذين قال الله فيهم (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)الأحزاب 23وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54))المائدة 
لكن مشكلة أهل اليمن أنهم يتأثرون بالإعلام والدعاية حتى أنهم يتقاتلون فيما بينهم بمجرد كلام دعائي ( إعلامي ) ولهم في ذلك تاريخ طويل فقد وقفوا مع الملك اليهودي (ذو نواس ) وقتلوا المؤمنين في ذلك الزمان وحادثة الأخدود شاهدةُ على ذلك ) ولما جاء الإسلام أسلموا طواعية وأصبحوا مدداً لأمة الإسلام على مدى القرون الماضية . ومن الطريف أن علي بن فضل القرمطي ذي الأفكار الإلحادية المعادية للإسلام قد دعاهم إلى مذهبه فأجابه أكثر أهل اليمن وقاتلوا المسلمين حتى قيل أنه قتل أكثر علماء أهل السنة في اليمن وفي العهد الحديث حيث فرض الفكر الشيوعي الإلحادي على جنوب اليمن وأصبح أكثر الناس هناك يتبعونه وبقوة ويعادون من يرفضه بل أن أهم أسباب أحداث يناير 86م كانت للدفاع عن الفكر الاشتراكي ومن أطرف ما حكي عن تلك الحرب أن زوجة أحد قتلى الاشتراكيين وهي تتحدث للصحافة عن مآثر زوجها البطولية ( إن زوجي قتل ليبقى الحزب الاشتراكي ) وكان أحد القيادة الاشتراكيين وهو في الرمق الأخير يقول: ( الحزب في خطر … الحزب في خطر ) 
ولما أعلنت الوحدة اليمنية انتفض الشعب في احتفالات صاخبة كأنهم حققوا أم المعجزات رغم أنها جلبت لهم أم الشرور وقد رأيت بنفسي شباباً كانوا اشتراكيين وأصبحوا متشددين دينيا وبعضهم وصل إلى درجة التنطع في الدين ( كان لي صديق عزيز لا يفارقني أبدا فذهب إلى صعدة ليدرس المذهب السلفي وحين عاد سمع من أصحابه أني أخزن ( أتناول القات ) فرفض أن يزورني ولما زرته رفض استقبالي ومصافحتي واشترط أن أتوب إلى الله من القات ) 
وعندما اندلعت انتفاضة الحراك الجنوبي تأثر الكثير من الإسلاميين بها وأصبحوا ينادون باستعادة الدولة الجنوبية بدون تفصيل عن ماهيتها أو السؤال عن نظام الحكم التي ستكون عليه رغم أننا كنا على خلاف معهم حينما كانوا يتحدثون عن توحيد الله فيضيفون إلى توحيد الربوبية والألوهية وتوحيد الأسماء والصفات توحيدا آخرا أسموه (توحيد الحاكمية ) لكن الآن يتغاضون عنه ويعتبرون تحكيم الشريعة في القلب والسلوك وأهم شيء عندهم تحرير الجنوب مهما كان نظام الحكم الذي سيفرزه ذلك التحرير.بل أن كثيرا منهم يعادي ويوالي في الجنوب ومن أجل الجنوب العربي رغم أن الولاء والبراء في الله تعالى وحده لا شريك له وبعضهم يقول ويكتب (الله … الجنوب … علي سالم البيض ) وقد رأيت كثيرا من الإسلاميين الجنوبيين يتفاخر بالتقاطه صورا مع باعوم أثناء تواجده في السعودية وينشر الصور بكل فخر واعتزاز رغم أنه يعلم أن هذا الرجل من قيادة الاشتراكيين الذين يعادون الإسلام نهارا جهارا 
وفي الشمال أضحكني أصحاب الإصلاح ذوو التوجهات الإسلامية حينما زجروا أحد منتسبيهم زجرا شديدا وعنفوه تعنيفا قويا لما رفع لافتة مكتوبا عليها (الإسلام هو الحل ) باعتبار أنه سيضعف موقفهم أمام دول الغرب الذين ينادونها بالإطاحة بنظام صالح أثناء الثورة الشبابية في صنعاء وهناك الكثير من الإسلاميين ما زالوا يرون أن علي صالح ولي أمرهم رغم انه قد تنازل بقناعته وأجريت انتخابات انتخب فيها رئيس جديد والكثير منهم لا يرى مسؤوليته بالعمل من أجل تحكيم الشريعة 
إن أهل اليمن مهما كانت مكانتهم فإنه لا عزة لهم ولا رفعة إلا بالإسلام فقد كانوا في قديم الزمان دولة عظمى مهابة تجاريا وعسكريا وسياسيا لكنهم لما كفروا هانوا على الله فدمرهم شر تدمير وأصبحوا أحاديث للناس وعبرة للمعتبرين قال تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آَمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) 15-20سورة سبأ 
وعليهم أن يفهموا ذلك جيدا ويعملوا من أجل دينهم ويعودوا إليه بتحكيمه فيما بينهم ويتذكروا أنهم ليسوا أقوى من قومهم في عهد سبأ ثم يعلموا أن الاحتكام إلى غير شرع الله إنما هو كفر بالله ستكون عاقبته وخيمة قال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) وقال (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) وقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) واعتبر سن قوانين مخالفة للشريعة الإسلامية شرك بالله تعالى قال سبحانه (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21)
والمعلوم أن الحوار الوطني سيفرز قوانين تنحي الشريعة الإسلامية جانبا وتجرم من يطالب بتحكيمها بل وتعتبره إرهابيا وهو ما تأكده مسودة الدستور اليمني الذي أعدته فرنسا لتحكيمه على المسلمين من أهل اليمن بينما غالبية الدعاة والعلماء منشغلين بأمور جانبية 
كل تلك الأمور الحاصلة على أرض اليمن من شأنها أن تفرز مستقبلا تمزقا وتفككا لليمن سياسيا واجتماعيا والذي أراه أن تتفكك اليمن إلى دولتين على أقل تقدير دولة في الشمال ( دولة عصبلانية ) وتمتزج فيها العصابات والعلمانية فمن أشخاص لا تهمهم إلا مصالحهم إلى أشخاص يخدمون العلمانية التي تعادي الإسلام وتوالي اليهود والنصارى وفي الجنوب ( دولة اشترانية ) وهي دولة قياداتها اشتراكيون سابقون يخفون اشتراكيتهم ويتحولون إلى علمانيين جدد يعادون كلما هو إسلامي والعزاء لأهل اليمن أهل الإيمان والحكمة الذين وقعوا ضحية لطيش جماعة منهم وضحية لاندفاعهم وراء الشعارات التي جعلتهم أقوى مصفقين في العالم وبامتياز