fbpx
تعليق التنسيق الأمني: هل تفعلها السلطة الفلسطينية هذه المرة
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات:

في خضم الجدل حول ورشة المنامة بخصوص صفقة القرن، والتي هاجمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) وقال إنها “بنيت على باطل”، فاجأ عرّاب صفقة القرن، جاريد كوشنير، المتابعين، بحديثه عن الإعجاب الكبير الذي يكنّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعباس. وقال كبير مستشاري البيت الأبيض، إن ترامب، ”معجب جدا” بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ويحبه جدا على المستوى الشخصي.

أثار تصريح كوشنير أسئلة كثيرة حول خلفياته وما يختفي بين سطوره، وهل للأمر علاقة بصفقة القرن، أم هناك أسباب أخرى، تكمن وراء هذا الحديث الذي يرقى إلى مرتبة “التملّق”، بالنظر إلى التوتر الكبير الذي يسود العلاقات بين ترامب وعباس. تذهب أغلب التفسيرات إلى جهة صفقة القرن ورغبة كوشنير في المرور إلى مراحل متقدمة منها.

لكن، داليا حتيقة تقدم تفسيرا آخر، يسبق الحديث عن صفقة القرن، وهو إنقاذ بنيامين نتنياهو، الذي يوجه أزمة سياسية، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحتاج إلى محمود عباس وأن كلمة السر الرئيسية في ما سبق هو التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين. وبالتالي فإن ترامب يحتاجه أيضا، خاصة وأن خطوة نتنياهو بحل الكنيست وإجراء انتخابات جديدة في سبتمبر القادم، قد تكون لها تداعيات على خطة السلام الأميركية.

الفترة الذهبية

يعتبر عهد ترامب الفترة الذهبية بالنسبة لبنيامين نتنياهو. وهما يكملان بعضها البعض. فالرئيس الأميركي حصل على دفعة قوية خلال حملته الانتخابية الأولى، من شيلدون أديلسون، صاحب إمبراطورية الكازينوهات في لاس فيغاس، المعروف بتأييده المطلق لإسرائيل ودعمه حزب الليكود، الذي يترأسه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ويتطلع إلى استمرار هذا الدعم خلال انتخابات 2022.

ومن خلال قرارات ترامب، كنقل السفارة الأميركية إلى القدس، ومواقفه من المستوطنات، وقراره بشأن هضبة الجولان المحتلة، فإنها تخدم نتياهو، وتفيده في الحصول على دعم الإسرائيليين المتشددين. وكان نتنياهو ضمن إعادة انتخابه، في الانتخابات السابقة، بعد أيام قليلة من اقتراحه ضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، مستغلا موجة الدعم الأميركي المطلق.

ويتوقع مساعدو ترامب أن يطرح الرئيس الأميركي صفقة القرن ما إن يشكل نتنياهو حكومته. لكن لإيلان غولدنبرغ، الباحث بمركز الأمن الأميركي الجديد، رأي آخر، حيث يقول إن “الأزمة السياسية في إسرائيل حولت هذه المبادرة التي بدأت بطريقة سيئة إلى كوميديا هزلية، إذ كان هذا المشروع أصلا بلا معنى وهو اليوم كذلك أيضا”.

ويذهب في ذات السياق، ريني باكمان المحلل السياسي في موقع ميديا بارت الفرنسي، مشيرا إلى أن الأزمة السياسية التي تسبب بها نتنياهو تضعف صفقة القرن، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحتاج إلى أغلبية مستقرة لمواصلة سياسة الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية، وإصدار قانونين يهدفان إلى ضمان حمايته القانونية والسياسية، أحدهما يعطيه الحصانة التشريعية من المقاضاة في ثلاث قضايا سياسية مالية تتعلق بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، والثاني يخفض صلاحيات المحكمة العليا التي يعتبرها مرهقة للغاية.

تبدو الانتخابات القادمة حاسمة للطرفين؛ ترامب المقبل على منافسة انتخابية شرسة من الديمقراطيين، ونتنياهو الذي يتطلع ليصبح صاحب أطول فترة في رئاسة الوزراء في إسرائيل، متجاوزا بذلك ديفيد بن غوريون. هنا، تأتي ورقة محمود عباس، وتشرح داليا حتيقة الدور الذي يمكن أن تلعبه هاته الورقة على المستوى الأمني بالتحديد، مشيرة إلى أن عباس من جهة وحلف نتياهو/ ترامب، من جهة أخرى يحتاجان إلى بعضهما البعض.

وتشرح حتيقة ذلك مشيرة إلى أن إسرائيل تحتاج إلى إقامة تعاون أمني مع السلطة الفلسطينية لتجنب قيام انتفاضة أخرى، في المقابل، ودون وجود روابط أمنية مع إسرائيل والتمويل الذي يأتي معها، يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتوقف عن التواجد على الساحة.

التنسيق الأمني

Thumbnail

مع نهاية الانتفاضة الثانية عام 2005، تولى محمود عباس، رئاسة السلطة الفلسطينية. وقبل عامين فقط، تم تعيين رئيس وزراء غير منتخب في السلطة بدعم من الولايات المتحدة لأنه كان أكثر قبولا لدى الأميركيين من ياسر عرفات. ولكن قام عباس على الفور بتنفيذ مسعى إصلاحي ضخم في قطاع الأمن لإثبات لإسرائيل والمانحين الغربيين أنه جدير بالثقة.

وتحت مهمة المنسق الأمني للولايات المتحدة، الذي تم إنشاؤه عام 2005 أيضا، أشرف على تدريب القوات الفلسطينية مدربون أميركيون، سهلوا أيضا التنسيق مع السلطات العسكرية الإسرائيلية وحتى الأمن الخاص في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وبعد وصول حماس إلى السلطة استدعي الجنرال الأميركي الجنرال كيث دايتون، الذي عمل كمنسق للأمن من 2005 إلى 2010، وكان مسؤولا عن تشكيل قوات الأمن الوطني الفلسطينية. وأشرف دايتون على تجنيد وتدريب الآلاف من القوات الفلسطينية المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية.

في تقريب للعلاقة الأمنية الراهنة، بين إسرائيل والضفة الغربية، تستحضر حتيقة حادثة وقعت منذ فترة قصيرة، وهي قيام جنود من القوات الإسرائيلية بإطلاق النار على قاعدة أمنية وقائية، في الصفة. وتبع ذلك تبادل لإطلاق النار أسفر عن إصابة ضابط فلسطيني. لكن ما حدث بعد ذلك ظل موضع جدل. زعم الجيش الإسرائيلي أن قواته ارتكبت خطأً فادحا في عدم قدرتها على التعرف على قوات الأمن الفلسطينية، بينما شجب الفلسطينيون هذا التصريح.

ورفض إبراهيم رمضان، محافظ نابلس، ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن الفلسطينيين أطلقوا النار على القوات الإسرائيلية وقالوا إن ما حدث كانت “مفاجأة غير مبررة”، فقد حاصروا قوات الأمن الفلسطينية لمدة ساعتين. وسرعان ما أدان رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية، الحادث، ووصفه بأنه تصعيد خطير يهدد السيادة الفلسطينية.

يقول محافظ نابلس “هذه ليست المرة الأولى -ولن تكون الأخيرة- التي يلحق فيها جيش الاحتلال الأذى بشعبنا، ولكن الجزء الخطير في هذا الحادث هو استهداف مقر عسكري فلسطيني”، بحسب وكالة “وفا” الرسمية للسلطة الفلسطينية. ووصف رمضان الحادثة بأنها جزء من استراتيجية إسرائيل لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار في الضفة الغربية، وإعطائها ذريعة لضم الأراضي أو تنفيذ سياسات أخرى تتفق مع خطة السلام الخاصة بالبيت الأبيض.

وتقول حتيقة إن هذا الحادث كان مهما لسببين: حيث وقع في المنطقة (أ) من الضفة الغربية، والتي تخضع -من الناحية النظرية- للسيطرة الإدارية والأمنية الفلسطينية الكاملة. كما أنها المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي تتعرض فيها القوات الفلسطينية، التي تتواصل بانتظام مع نظرائها الإسرائيليين في المسائل الأمنية، لقصف إسرائيلي. وبموجب اتفاق أوسلو الثاني، اتفاق عام 1995 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، تم تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق إدارية منفصلة:

* المنطقة أ، حيث تقع معظم المراكز الحضرية الفلسطينية وحيث تكون السلطة الفلسطينية مسؤولة اسميا عن الأمن والمدنية. والإدارة؛

* المنطقة ب، المناطق النائية من المدن والقرى الفلسطينية المبنية حيث تدير السلطة الفلسطينية القانون المدني، لكن إسرائيل تحتفظ بالمهام الأمنية؛

*المنطقة (ج)، حيث تكمن المستوطنات الإسرائيلية وتشرف إسرائيل على الشؤون الأمنية والمدنية. وتمتلك المنطقة (ج) غالبية الأراضي في الضفة الغربية (حوالي 60 بالمئة) التي تربط المستوطنات الإسرائيلية بينما تفصل القرى والمدن الفلسطينية عن بعضها البعض. وقد عملت الولايات المتحدة دائما كمنسق اتصال بين قوات الأمن الإسرائيلية والفلسطينية.

وبسبب سياسة ترامب ودعم البيت الأبيض غير المحدود، تخشى إسرائيل أن تقدم السلطة الفلسطينية على تعليق التنسيق الأمني. وقد وضعت قرارات ترامب، في بعض الأحيان إسرائيل في موقف حرج إذ وجدت نفسها مضطرة إلى الضغط على الكونغرس لاستعادة حق الفلسطينيين في تلقي المساعدات وذلك لأغراض أمنية.

برزت نتائج هذا الدور الجديد عندما وافقت إسرائيل على إدخال 10 مركبات مدرعة إلى قوات الأمن الفلسطينية عبر الأردن خلال شهر مايو،  بعد أن أجلتها لمدة طويلة.

وتهدف الآليات المصفحة إلى مواجهة الاضطرابات المدنية التي تشعر إسرائيل بأنها ستشهدها في الأشهر المقبلة بسبب أزمة التمويل الفلسطينية التي حفزتها واشنطن بعد أن إعلان ترامب بأنّه سيخفّض تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

وقال خالد الجندي، الذي كان مستشارا قانونيا بشأن قضية المستوطنات اليهودية وعضوا في وحدة دعم مفاوضات السلام، إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تعارض تخفيضات التمويل لأنها تعلم أن ذلك يزعزع الاستقرار.

وأكد أن هناك تداعيات أمنية ستنجر إذا أصبح الشعب يائسا ومحبطا. لكنه يرى أن ترامب مستعد لتجاوز الحدود، حتى وإن كان ذلك يعني تحدي مؤسسته الأمنية لضمان بقائه السياسي.

Thumbnail

وتخشى إسرائيل اندلاع الفوضى في الضفة الغربية ما لم تستطاع أن تدير الأوضاع لصالحها، مثل استغلالها كمبرر لضم أجزاء كبيرة من المنطقة “ج” التي أصبحت مركز حملة رائج في السياسة الإسرائيلية.

وقال الجندي، إذا كان تهديد السلطة الفلسطينية في الماضي مجرد ضغط على إسرائيل، فإنه اليوم أصبح ينبع عن أزمة مالية حقيقية بعد أن فقدت فلسطين التمويل الأميركي، وأصبح الوضع فيها متدهورا حيث اضطرت السلطة الفلسطينية إلى خفض نصف رواتب موظفي القطاع العمومي”.

لطالما كان إنهاء التنسيق الأمني ​​آخر إنذار للسلطة الفلسطينية، ولم يتخذ هذا الإجراء حتى مع أكثر الأحداث فظاعة. عندما توفي الوزير الفلسطيني زياد أبو عين بنوبة قلبية سنة 2014 بعد أن اعتدى عليه جندي إسرائيلي، واصلت السلطة الفلسطينية التعاون مع إسرائيل في القضايا الأمنية. أثبت الحدث، من ضمن العديد من الأحداث الأخرى التي شملت مقتل الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية، مركزية التنسيق الأمني ​​بالنسبة للسلطة الفلسطينية. فقد قال عباس إن التنسيق مع القوات الإسرائيلية بشأن المسائل الأمنية غير قابل للتفاوض.

سنة 2015، دعا المجلس المركزي الفلسطيني (وهو ثاني أعلى جهاز تنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية) إلى إنهاء التعاون الأمني ​​مع إسرائيل. ولم تستجب  السلطة له. منذ سنة 1993، ازداد حجم جهاز الأمن الوطني الفلسطيني وازداد نفوذه. وتنفق السلطة الفلسطينية اليوم على الأمن أكثر مما تنفقه على قطاعات التعليم والصحة والزراعة مجتمعة. وقبل أن تقطع الولايات المتحدة المساعدات، كان قطاع الأمن يتلقى ثلث المساعدات الخارجية المقدمة للفلسطينيين.

في استطلاع للرأي أجري مؤخرا، قال 65 بالمئة من الفلسطينيين إنهم يريدون من السلطة الفلسطينية أن تتخلى عن التنسيق الأمني​​، بينما قال 78 بالمئة إنهم لا يعتقدون أن السلطة الفلسطينية ستتخذ هذه الخطوة.

وقالت تامي رفيدي، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان خاضت الانتخابات الرئاسية المحلية عام 2012 مع قائمة فتح “الإسرائيليون يقتحمون رام الله وقتما يشاؤون، ولا ترى أحد أفراد قوات الأمن الفلسطينية في المنطقة المجاورة. لكن عندما يكون هناك احتجاج من جانب الفلسطينيين، ترى العشرات منهم. لهذا السبب لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بإضعاف الأمن الفلسطيني. لأن قواتنا الأمنية تجعل عملهم أسهل”.

أخبار ذات صله