fbpx
الحقيقة الغائبة

 

أكتب لكم اليوم مقالاً فلسفياً قد يمل البعض قراءته، لكني أرى التلميح أجدى لإيصال رسالتي ومخاطبة الحليم، فاللبيب بالإشارة يفهم.
ندرك بأن كل فردٍ منّا قد يعلم جزءاً من الحقيقة لكن ليس بإمكانه أن يحوز الحقيقة المطلقة، فما يقوله أو يفعله أو ينتجه أحدنا يظل قاصراً، قد لا يدرك قصوره بذاته حتى يشير إليه الآخرين.
فاعلم أن ما تراه وتلاحظه أنت لم يستوفي سوى زاوية واحدة، فيما تظل هناك زوايا أخرى يرى منها الآخرون ما لا تراه أنت، مما يجعل رؤية كلاً منّا بمفرده مجرد حقيقة نسبية قد تصيب وقد تخيب.
لذا دائماً ما تكون أكثر الرؤى والمشاريع نضوجاً هي تلك التي تنظر إلى الواقع من جميع الزوايا في آن واحد، كنتاج لجهد جماعي يشترك في إنتاجها نخبة من العقول المتزنة المدركة أكثر من غيرها لمجريات المشهد.
ورغم ذلك حتى الجهد الجمعي يظل ذو احتمالية نسبية، لأنه جهدٌ بشري يحتمل الخطأ كما يحتمل الصواب، لأن منتجيه أيضاً لهم أهواء وعواطف ومشاعر وتوجهات وميول، ومهما التزموا الحياد؛ إلا إنه لا يمكنهم التحرر الكامل من مشاعرهم وتوجهاتهم.
يضاف إلى ذلك، محدودية معارفنا كبشر التي لا يمكنها الإلمام سوى ما أرشدنا الله تعالى إلى إدراكه، مما يجعل ما ندركه اليوم مجرد حقيقة نسبية، قد نكتشف غداً خطأها.
وفي سبيل تقليص الأخطاء فإن، هناك مبادئ يمكن الاسترشاد بها لتقليص نسبة الخطأ في النتائج، فالزم تلك المبادئ المتفق عليها من الأغلبية، واسترشد بها للحكم على نفسك ومن حولك أين أخطأتم وأين أصبتم.
كن مرناً حتى لا تكسر، ومعتدلاً حتى لا يجرفنك التشدد فيأخذك إلى طريق الخطأ، ومتأنياً حتى لا تتعجل فتزل قدماك وتخر على وجهك..
لا تتحامل على أحد ولا يفتننك بريق أحد فليس كل ما يلمع ذهباً، ولا يرهبنك هدوء الليل وظلمته، فمن أشد ظلماته ينبلج نور الفجر فيضيء الآفاق.
ارسم خطاً مستقيماً وامض عليه ودع عنك الخطوط المتعرجة، وكلما ظللت الطريق فقف وقفة محاسبة، قيم عملك وصوب أخطاءك، واعلم بأن لكل مجتهد نصيب، وإياك واليأس فما خالط اليأس قلباً إلا غلبه..
#أنيس_الشرفي
3 يناير 2019م.