fbpx
المراقب السياسي بمركز مدار للدراسات والبحوث يكتب: الجنوب في مفاوضات جنيف القادمة..!
شارك الخبر

يافع نيوز – خاص – المراقب السياسي بمركز مدار للدراسات والبحوث:

بعد كل الدمار والتضحيات الجسام الذي خلفته الحرب لاسيما في الجنوب الذي تعرض لدمار شامل طال البنى التحتية في معظم مدنه، وقدم ابناءه الالاف من الشهداء والجرحى عندما لبوا نداء عاصفة الحزم ودافعوا عن الجنوب.

وبعد ما عانوه من عبث الشرعية وصمت التحالف على ذلك طلية الثلاث السنوات الماضية ، فلن تستطيع أي قوة أن تقنع الجنوبيين بقبول عودتهم إلى وضع ما قبل الحرب ضمن سلطة صنعاء تحت أي شكل كان وفقاً لما يخطط من قبل بعض الأطراف والقوى السياسية حاليا، والمتمثل في تنفيذ مخرجات الحوار التي نصت على تقسيم اليمن إلى سته اقاليم .

فهذه المخرجات ليست خيار الجنوبيين، وقد عبروا عن رفضهم لها مرراً وتكراراً ، بوصفها استهدفت تقسيم الجنوب بدرجة رئيسية ، فضلا عن معارضة قوى أخرى لها في اليمن بعامة ، حتى وان سلمنا ان هناك من يؤيدها تحديدا من القوى السياسية أو القبلية والاجتماعية في اليمن الشمالي، فان تأييدهم لها يأتي من كونها ، تقدم لهم مخرجا من سيطرة واستبداد المركز المقدس ليس الإ.

أن متابعة معمقة لسير الاحداث والمواقف والائتلافات وتقارب القوى أو تنافرها من الحرب هو موقف وأضح وصريح من مصالح الناس ( الشعب ).

وأن هدف من تصدى للحرب في الجنوب هو الدفاع عن الوجود والكرامة والوطن المسلوب ، وليس دفاعا عن الشرعية ، أو مخرجات الحوار لان الجنوب لم يكن شريكاً في انتاجهما.

فالجميع يدرك أن شعب الجنوب بكل قواه السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية قد واجهت مسار النظام ومخرجات حواره بمليونيات سلمية متتالية ، وعندما فٌرضت الحرب على شعب الجنوب كان ذلك دفاعا عن كرامة وتطلعات شعب الجنوب وان بدت الأمور ملتبسة بعض الشيء.

وفي خضم هذا الالتباس هناك من يسعى للخلط والتضليل، وان من هم محسوبين على الشرعية والتحالف ضلوا متخاذلين ميدانيا ، الا انهم تمكنوا من إدارة الحرب الإعلامية التضليلية فقط لصالح اجنداتهم الحزبية موجهين سلاحهم للمقاومة الجنوبية وبعض دول التحالف التي حققت النصر ودفعت الثمن .

فاذا ما تم الاصرار على تنفيذ مخرجات الحوار وهي مخرجات كانت قد انتقصت من القضية الجنوبية والتي من خلالها تم التخطيط لتقسيم الجنوب في الدرجة الاساسية بحيث ينتهي فيها الحديث عن الجنوب كدولة وكيان واحد، وقد عبر عن ذلك عدد من الساسة بعد انتهاء اعمال مؤتمر الحوار بقولهم : ( قبلنا بتقسيم اليمن إلى سته اقاليم من أجل تقسيم الجنوب !). اما الشمال فهو مقسم طائفياً وطبقياً منذ زمنا بعيد .

ان الاستمرار والاصرار على استهداف الجنوب بهذه الرؤية لم يحل الازمة اليمنية ولا القضية الجنوبية ، بل يزيدها تعقيدا وسوف يؤدي ذلك إلى تراكم القهر لدى الجنوبيون ، ويدفعهم في مواجهة القوى التي تتبنى وتساند هذا التوجه ، دون اعتبار أو تقدير لتبعات ما قد تؤول إليه الأمور بفعل تعمد تجاهل وتناسى قضية شعب الجنوب وتلك التضحيات التي يقدمها ابناءه اليوم دفاعا عن الكرامة والعروبة والدين والاستقلال ، وهذا يخلق كثيرا من الارتياب تجاه ما يعتمل اقليمياً ومن ثم تزداد مساحه المعارضة للسياسة الخليجية في اليمن ، الامر الذي يزيد من حالة عدم الاستقرار بالمنطقة بعامة.

اما اذا استطاعت المملكة العربية السعودية بان تقنع القوى السياسية المقربة منها حاليا وتطرح الحل الذي يستند إلى الحق التاريخي والحضاري والسياسي للجنوب ضمن الفصل الآمن للجنوب وإعادة بناء كل من الدولتين في اليمن الشمالية والجنوبية في اطارها الكونفدرالي على أقل تقدير ، بذلك تكون المملكة قد أسهمت في إيجاد مساقات للحلول للأزمة اليمنية – اليمنية من جهة والأزمة الجنوبية اليمنية من جهة اخرى ، بمنظور مصالحها الاستراتيجية ومصالح دول المنطقة والعالم الذي يضمن استدامة أمن و استقرار المنطقة .

وعليه تكون السياسة الاقليمية لدول المنطقة قد اكملت مقومات الاحتفاظ بتلك الاهداف العامة . وفي نفس الوقت سيحفظ الاستراتيجية الامنة للمملكة العربية السعودية وتبعدها عن خطر التهديدي الإيراني .

من خلال إيجاد التوازن النسبي إلى حد ما بين الجنوب والشمال وتحقيق التقارب في ادوات استتباب مؤشرات وملامح القادم المتزن وفق متطلبات العصر والحد من القوى التقليدية القبلية الطائفية والقوى المتطرفة..

وذلك في حالة دخول الجنوبيين كطرف موازي على الأرض في المفاوضات القادمة استباقا لإعادة اندلاع الحروب القادمة والتي ستكون اشد ضراوتا وتاثيرا على امن ومستقبل المنطقة بعامة ؛ لكن اذا سارت الامور على نحو استمرار تجاهل الجنوبيين والتفريط بكل تضحياتهم ذلك قد يقود البلاد في الفوضى العارمة وقد تتحول فيها التحالفات التي تؤثر على مستقبل المملكة العربية السعودية .

استخلاصاً لكل ما سبق ندعوا المملكة العربية السعودية بخاصة ودول مجلس التعاون الخليجي بعامة ، إعادة قراءات المستجدات والمساقات التي انتجتها الحرب ومسبباتها ومسرح عملياتها ومالاتها وترتيب أولويات خطواتها باتجاه خلق توازن إقليمي يستوعب متطلبات الوضع الراهن من صراع المصالح الاقليمية من جهة ، وشبكة المصالح العالمية / الدولية من جهة اخرى .. وهذا يتطلب ادوات احتواء وامتصاص برجماتية الاقتصاد والسياسة والعلاقات الدولية برمتها.

وعليه نأمل من صانع القرار السعودي / الخليجي ان يعي أهمية التوازي في السياسة والتوازن في القوى بالاعتراف السريع بالحق الجنوبي وإرادة شعب الجنوب، والاقرار بإعادة التحالفات وفقا للمعطيات التي افرزها الواقع على الأرض، ومنع استجرار تزييف إرادة شعب الجنوب عبر التفريخ المقرف وتمثيله الزائف، خارج إرادة الاجماع الوطني في التفويض الشعبي الذي جاء بالمجلس الانتقالي الجنوبي..

*كتب المراقب السياسي في مركز مدار للدراسات والبحوث بالعاصمة عدن.

أخبار ذات صله