fbpx
الرئيس التونسي يختصر الإصلاحات الاجتماعية في المساواة في الإرث
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب:

ركز الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي خلال الخطاب الذي ألقاه بمناسبة اليوم الوطني للمرأة على المساواة في الإرث بين المرأة والرجل متجاهلا بقية الإصلاحات الاجتماعية التي تضمنها تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة.

وكان قائد السبسي قد كلف في 13 أغسطس من العام الماضي، لجنة للنظر في الصيغ القانونية لإرساء المساواة بين الجنسين وإلغاء القوانين التي تمس بالحريات الفردية، تفعيلا لما جاء في دستور 2014.

وأكملت اللجنة أعمالها في يونيو الماضي وقدمت التقرير إلى الرئيس. وبالإضافة إلى المساواة في الإرث ينص التقرير على مقترحات أخرى تتعلق بإلغاء العقوبات المرتبطة بالمثلية الجنسية، ومنح الأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج نفس حقوق الأطفال الشرعيين.

وتضمن تقرير اللجنة أيضا مقترحا لإلغاء العدة للنساء المطلقات والأرامل في حالات محددة، في حال أردن الزواج مرة أخرى.

وأعلن الرئيس التونسي عزمه التقدم بمشروع قانون يضمن المساواة بين المرأة والرجل في الإرث. وقال قائد السبسي في خطاب، بقصر قرطاج الرئاسي “حسمنا موضوع المساواة في الإرث ويجب أن تصبح المساواة قانونا”.

وأضاف قائد السبسي أن “من يريد تطبيق أحكام الدستور فله ذلك ومن يريد تطبيق أحكام الشريعة فله ذلك”. وأردف بالقول “رئيس الدولة هو رئيس الجميع ومن واجبه التجميع أي التوفيق بين المختلفين”. وتابع “نأمل أن يقع إجماع حول المشروع (القانون) عند التصويت عليه من قبل مجلس
النواب”.

وفي محاولة لإحراج حركة النهضة التي يتهمها مراقبون بأنها تقف وراء المظاهرات الرافضة للإصلاحات الاجتماعية التي جرت الفترة الماضية، قال قائد السبسي إن الحركة والأحزاب التي حكمت معها بعد انتخابات 2011 هي من كتب الدستور الذي جرى التصويت عليه بالأغلبية المطلقة.

تنازل قائد السبسي عن بقية بنود التقرير قد يكون في إطار صفقة متعلقة بالأزمة السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد

ويبدو أن قائد السبسي يحاول من خلال هذه التصريحات فضح تناقضات حركة النهضة التي صوتت على المساواة بين الجنسين في الدستور في حين ترفضها اليوم وتؤجج الشارع ضدها.

وقال قائد السبسي “حركة النهضة لها مرجعية دينية لكن لديها مسعى مشكور لأن تتطور إلى حركة مدنية وهي اليوم لها دور بارز في اتخاذ القرارات في البرلمان باعتبارها تضم أكبر عدد من النواب (68 نائبا).

واعتبر أن “من حق النهضة أن تحترز (تتحفظ) لأنه لا أحد ينكر المرجعية الدينية للحركة، ولكن هي أيضا لها مسعى مشكور للتطور لحركة مدنية”.

ويقول مراقبون إن الرئيس التونسي وضع الحركة الإسلامية من خلال هذه المبادرة أمام امتحان جديد بشأن احترام مدنية الدولة. ويرى هؤلاء أن النهضة ستواجه اختبارا صعبا داخل البرلمان وأمام قواعدها.

ونظمت منظمات تقودها شخصيات مقربة من حركة النهضة وبمشاركة رجال دين وقفات احتجاجية على مدى الأيام الماضية للمطالبة بسحب التقرير.

وكشفت سعيدة قراش الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية، أن الرسالة التي قدمتها حركة النهضة للرئيس الباجي قائد السبسي والتي تحمل موقفها من تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة ضمنت فيها الحركة رفضها القطعي لمسألة المساواة في الإرث بين المرأة والرجل.

وأكدت قراش أن النهضة عبرت في رسالتها عن وجود العديد من الإيجابيات في علاقة بالحريات الأساسية.

وقال رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني إن “رئيس الجمهورية لم يتبن محتوى التقرير ودعا إلى مواصلة الحوار حوله، كما أن ردود الأفعال التي عقبت الإعلان عن هذا التقرير كانت قوية ولها وزن كبير رغم أن البعض حاول الاستنقاص من حجمها”.

وأضاف في تصريحات إذاعية الاثنين أن “النهضة تناضل من أجل المزيد من احترام الحريات الفردية وهذا المطلوب، كما أننا مع الاجتهاد لكن داخل التعاليم الثابتة للدين ومخالفتها مرفوضة، والاجتهاد مراعاة لمصلحة العامة يبقى لأهل الاختصاص وله شروطه”.  وبدورها عبرت شخصيات محسوبة على التيار الحداثي عن عدم رضاها بخصوص ما جاء في خطاب الباجي قائد السبسي، ووصفته بـ”الغامض”.

واعتبر كثيرون أن خطاب قائد السبسي يمهد لطي صفحة الإصلاحات الاجتماعية التي اختصرها في المساواة في الميراث، رغم دعوته إلى مواصلة الحوار بشأن بقية التقرير.

وشدد قائد السبسي على أن لجنة الحريات الفردية والمساواة قامت بعمل إيجابي وعميق من الناحية القانونية والفلسفية والأخلاقية، لافتا إلى أنه من حسن التدبير نشر التقرير للعموم لإبداء الرأي فيه ونقده. وأضاف  أن تقرير اللجنة  ليس قانونا بل هو مجهود فكري وأخلاقي ومذهبي وفني يقع الرجوع إليه عند الاقتضاء.

وذهب متابعون إلى اعتبار أن تنازل قائد السبسي عن بقية بنود التقرير قد يكون في إطار صفقة غير مستبعدين أن تكون متعلقة بالأزمة السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد.

وتعيش تونس منذ أشهر على وقع أزمة سياسية عنوانها رحيل حكومة يوسف الشاهد وهو ما يدعو إليه حزب نداء تونس والاتحاد العام التونسي للشغل ويصطدم برفض حركة النهضة.

وكان قائد السبسي التقى الأربعاء الماضي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي قدم له تقريرا يتضمن موقف الحركة من الإصلاحات الاجتماعية وتباحثا في المستجدات على الساحة السياسية.

أخبار ذات صله