fbpx
سباق العودة إلى صنعاء.. من هم الخونة؟ (2)

 

في العام 2007م، وبالتزامن مع انطلاق الحراك الجنوبي، قتلت قوات “الاحتلال اليمني”، شقيقه في عدن، وأصبح منذ ذلك الحين، يصف هذا القوات بـ(قوات احتلال) مع انه عاش جل حياته في صنعاء، وتحديدا منذ منتصف الثمانيات، حين فر من عدن، صوب لودر ومنها إلى السوادية في شمال محافظة البيضاء.

قتل شقيقه في قضية جنائية ارتكبها أحد عناصر قوات الأمن اليمني في عدن، أتى من صنعاء للمطالبة بالقصاص، وعرض عليه النظام دفع دية تصل إلى ثلاثة مليون ريال وتنتهي القضية التي كانت حينها في اروقة المحاكم بعدن.

 

ولأن الرجل وطني من الطراز الكبير، كما كان يصفه نفسه رفض استلام الدية وطالب بالقصاص، ولكن لأن القضاء اليمني يديره نظام احتلال ، أطلق سراح الجندي لممارسة القتل من جديد، فحاول معه ضباط أمنيون في عدن ان يتم حل القضية لأن النظام اليمني لا يمكن أن يرضى بتنفيذ حكم الاعدام في جندي يمني قتل مواطن جنوبي.

 

أتى اليه احد العسعس التابعين للنظام، واشار عليه بفكرة جهنمية لاجبار النظام على اعدام قاتل أخيه.

جلس اليه وهمس في أذنه “تريدهم يعدمون قاتل أخيك؟”، رد عليه وقد تفتحت عيونه، نعم، ولكن كيف؟
سوف نذهب ونفجر اي مؤسسة حكومية ونقطع الطرقات وانا الى جانبك للضغط على النظام لتنفيذ حكم الاعدام في حق الجندي القاتل.

حزم المناضل حقائبه وذهب مسرعا باتجاه قريته في أبين ووصل إلى هناك برفقة المخبر اليمني الذي كان قد كلفه النظام بإنهاء القضية، حين وصل المناضل إلى القرية وجد ان السلطة المحلية قد قامت بإنشاء مشروع اتصالات للقرية ، واشار عليه المُخبر، فجرها.. ضحك فرحاً، نعم..

أخذ المتفجرات ووضعها في اسفل الغرفة التي شيدت بطريقة قوية، والمخبر يقوم بتصويره من على بعد امتار.
ولأن المناضل الوطني الكبير (كما أصبح لاحقا)، لم يسأل صاحبه لماذا تصور.. فجر مشروع الاتصالات الذي كان من الممكن ان يجعل القرية تتصل بالعالم، ومن ثم حمل حقائبه وعاد الى عدن، وكله فخر بما قام به.

أختفى صديقه في فرزة الهاشمي بالشيخ عثمان، فيما اتجه المناضل صوب ساحل أبين لتكملة جلسة القات، قبل ان يفاجئ بعناصر الأمن اليمني وهي تطوق المكان وتطالبه بالصعود على متن مدرعة عسكرية، لتأخذه صوب البحث الجنائي في خور مسكر وهناك وجهت له تهمة الارهاب والقاعدة.

كان الضابط اليمني يقول بلكنة شمالية “خذوه إلى صنعاء هناك با يتربى وبا يبطل يعتدي على المصالح العامة”.
خضع المناضل لأكثر من 20 جلسة تحقيق، كانت كلها تدور حول علاقته بأسامة بن لادن والمجاهدين العرب، وكيف حصل على المتفجرات، وعرض عليه اثناء التحقيق 100 مليون ريال يمني مقابل ان يدلي لهم بمعلومات عن قيادات القاعدة في أبين.

نفى كل التهم التي وجهت له، حتى ظهر امامه المخبر اليمني السابق وهو يرتدي بزة عسكرية، ولكن هذه المرة في مهمة اكمال المهمة.. توجه إليه.

همس في أذنه “انت في ورطة كبيرة، وانا سوف اساعدك للخروج منها بشرط تسمع الكلام”.

انهارت اعصاب المناضل الذي اصبح خلال أقل من 24 ساعة إرهابيا وعلى علاقة بأسامة بن لادن.
“قول، خرجني، ارجوك، مستعد لأي شيء تقول عليه مقابل ان أخرج، من هنا”.
كان السجان عسكري جنوبي ينظر الى المناضل الكبير وهو يتوسل للمخبر الذي اوقعه في المصيدة.
ثم اهتز حين سمعه يقول له “تنازل عن دم أخوك نخرجك من هنا”.
انتكس على رأسه وذرف دموع الغباء الذي ظل ملازمه إلى اليوم.. وخرج بعد ان وقع على حكم العفو عن الجندي اليمني القاتل لشقيقه، ثم ذهب نحو الحراك يصرخ بطرد الاحتلال شر طرده.
ولأن الغباء المستفحل صديق لهذا المناضل، تم تجنيده من قبل النظام اليمني مقابل الفتات، على ان يكون دوره فقط ارسال اسماء القيادات الحراكية التي كانت تحرك الشارع، فمع نهاية كل شهر يتعرض للاعتقال ويسرد كل شيء ثم يعود الى الساحة مناضلا وطنيا كبيرا.

حين شن الشماليون عدوانهم على الجنوب، طار المناضل على احدى دول شرق اسيا واعلن وقوفه الى جانب المناضل الجنوبي الجديد عبدربه منصور هادي الذي كان قبل عامين يصفه برئيس عصابة صنعاء.

من عاصمة دولة شرق أسوية، وظف المناضل كل امكانياته في خدمة الرئيس هادي، مقابل الفتات ما كان يرسل له.
ولأن الرجل غبي، تعرض لحملة انتقادات واسعة، وبدلا من ان يبرر ما يقوم به مع الرئيس هادي، ذهب الى نجله وقال له شوف الناس ايش تكتب عليه وأنا اقف الى جانبكم، ليتم منحه منصب (احتقار له)، قبل ان يطير لاحقا صوب تركيا حيث أصبح اداة إخوانية رخيصة ضد مصالح الجنوب وقدمة لمصالها الخاصة.
ولان السؤال الذي يجب ان يسأل.. من هم الخونة؟ ومن هم العبيد..؟ ومن هم الادوات الرخيصة والغبية مهما حاولت التذاكي، ولأن من يبيع ضميره بحفنة من المال، من أجل مصلحة (شخصية)، سيبيع (شرفه وعرضه) بسعر أقل، والادعاء بانهيار عملة الجنية المصري، أو الليرة التركي.

ولأن البحث عن الخونة يتطلب دليلا، فأن تهمة الخيانة يجب ان تكون مبينة أيضاً، فلا أحد يستحق ان يكون خائنا لوطن ما لم يكن يجاهر بالوقوف في صف طرف يقف ضد مصالح بلاده.

ولأن البعض (الجنوبي) يحاول تقليد علي البخيتي في التنقل من مكان إلى أخر، فالبخيتي يوظف جهوده وتنقلاته للحفاظ على (الزيدية السياسية من الانهيار)، فهو يقوم بتحالفات الضرورة، لكن البعض الجنوبي الذي يعتقد انه كعلي البخيتي فهو غبي إلى حد السماجة.
صحيح ان البعض بناء علاقة بحزب الله في لبنان وزار قطر واسطنبول وغيرها، يعمل ذلك من أجل هدف وحيد (المال)، دون ان تكون له اي ابعاد وطنية ، كل الذي يهمه المال.
كـ(….) التي تتنقل من بيت إلى أخر وتمارس الرذيلة تخرج عقب ذلك بمبلغ من المال دون ان يسألها احد من أين لك هذا “لأنها لا تستطيع تقول هذا من فضل ربي”.
فجني المال يتطلب من هؤلاء الذين يمارسون الرذيلة السياسية، عليهم أولا ان يقدموا الخطط للعدو لضرب بلادهم، وذلك من أجل حفنة من المال.

أخبرني سياسي عليم يوم امس الاحد أن جنوبياً مقيم في الخارج “قدم للمخابرات القطرية خطة جهنمية”، كما اسماها.
حين سألت صديقي عن تلك الخطة رد “خطة اثارة الفوضى في عدن وتأجيل او عرقلة معركة تحرير الحديدة”.
يضيف صديقي لماذا تقوم بذلك، فكان الرد صادماً “القطريون لا يريدون هزيمة الحوثيين في الحديدة، وكذلك ليس من مصلحة الرئيس هادي ان تحرر الحديدة لأن الحديدة هي عمود الحرب وبقاء الحديدة في قبضة الحوثيين، بقاء الرئيس فوق كرسي الرئاسة”.
يسأل صديقه السياسي صديقه “هل تريد تقول لي انك خائف على خروج هادي من الحكم”.
رد “لا.. ولكن القطريين يريدون البحث عن مكان لحلفائهم في اليمن (حزب الإصلاح)، ولأن معركة الحديدة بدت سريعة وقوية وسط انهيار للحوثيين، فأن على قطر ان تدفع ونحن سنتكفل بالباقي”.
ولأن صناعة البلطجة مهنة البعض منذ العام 2011م، في احياء عدن، فهي اليوم أسهل في ظل المال الوفير الذي تقدمه قطر وتركيا، فمن كانوا شقاة مع عبدالكريم شائف وقيران وصادق حيد وعبدالحافظ السقاف، من الفخر ان يصبحوا شقاة مع طرف اكبر من الاسماء المحلية.

“اثارة الفوضى في عدن”، لو كنت مكان صديقي لتفلت في وجه صاحب الخطة.. عدن التي ربتك وجعلت منك انسانا وانت ما تسوي جزمة، عدن التي أحسنت اليك كثيرا.

وحتى لا نقول على هؤلاء العينات أنهم “خونة وعملاء” –ولأن حالنا أشبه بحال أحمد أدم في فيلم القرموطي- ، فعلينا أن نفكر أين مصلحة الجنوب في كل ما يحصل، وما مصلحة تركيا وقطر في الصراع على الجنوب ومنهم الحلفاء الحقيقيون لهؤلاء الاطراف في حال تمت ازاحة الطرف الوحيد الأقرب الى الجنوبيين، والمتهم من قبل الاطراف اعلاه بانه يريد تقسيم اليمن، ومصلحتنا في التقسيم، فما هي مشاريع قطر وتركيا في الجنوب، اذا كررنا السؤال مرة أخرى بعيدا عن اصحاب الذيلة السياسية؟.

فالإجابة لا تحتاج إلى تبرير، فالحوثيون والمؤتمريون والإخونجيون والناصريون والشرعجيون يناهضون طرف (واحد) هو وفق جميع الخيارات الأقرب إلى الجنوبيين، من جميع الاطراف الأخرى.
اذا لم يعجبك طرف ما، عليك أولا ان تبحث عن البديل، ولكن لا تطلب خطة من شخص قال يمنح هذا الطرف “الفوضى مقابل ان يخرج الطرف الأول”، ففي العام 2011، كان الحراك الجنوبي يقدم أروع صور النضال الحضاري، ولأن هدف صنعاء يومها تريد ضرب مشروعية القضية الجنوبية، كانت الفوضى البديلة ولا يزال الجنوب يعاني من الفوضى الى الساعة.
كان شعارهم “ثورة الشباب جبت ما قبلها”، فكان البلاطجة واللصوص والمرتزقة هم من يحكمون، والمعتقلون أصبحوا هم رجال الشرطة والأمن، لأن ثورة توكل كرمان هدفها جب اي مشروعية للقضية الجنوبية.

كان الحراك الجنوبي يناضل من أجل قضية وطنية، فاعتقدوا هؤلاء ان الفوضى والدخول في دوامة عنف جديدة تجعل الجنوبيين يركعون ثم يقبلون بابخس الحلول.
عقب الحرب العدوانية التي شنه (الانقلابيون) على الجنوب، بدأت ترتسم مداميك دولة، كانت الفوضى البديل لما بعد الانتصار، كان الأمن هو اكبر احلام الناس، وحتى اولئك الذي يقدمون الخطط “كيف تسقط عدن في فوضى خلال ثلاثة ايام”.
كان لا بد للجنوبيين من وجود طرف إقليمي حاضن لهم لكي يحافظوا على النصر ويبنوا احلام دولة ناضل الجميع من أجلها.
كانت مشاريع القتل والموت تتوزع في كل ركن وحارة، كان الجميع ينتظر الموت، كان شلال علي شائع وعيدروس الزبيدي وناصر الخبجي وعادل الحالمي يواجهون الموت، لم ترهبهم المفخخات ومضوا جميعاً لانتشال عدن ولحج وأبين.
كانت المهمة صعبة، لكن في الجنوب فتية وهبوا حياتهم من أجل الانتصار لعدن، وانتصرت عدن وانتصرت لحج وأبين، أبين التي نالها الكثير والكثير جدا، نالها الموت الذي لم ينل اي محافظة مثلها.

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تقدم السلاح والعتاد من أجل الأمن، من أجل الحفاظ على الانتصار الذي تحقق على الحوثيين وتريد تدعيم الانتصار بانتصار أمني يجعل الناس يعيشون في سلام ووئام.
حمل رجال الأمن احلام الجنوبيين في الامن والاستقرار، يومها قال شلال شائع “سنرقص شرح بدوي في زنجبار قريباً”، فرقص رجال الجنوب من المهرة شرقا إلى باب المندب غربا في العاصمة الأبينية وقد عادت إلى حضن الوطن.
كل ما تحقق طوال هذه السنوات بدعم سخي من الاشقاء في الامارات لا ينكره الا جاحد.
حين تساءل.. من هم الذين يناهضون “الإمارات” ويتهمونها بالسعي لفصل الجنوب”، ثم يرفعون شعار الخوف على السيادة الوطنية لليمن، البلد الذين انتهك السيادة الجنوبية وخرج البعض الجنوبي يرفعون شعار “ان جت بريطانية رحبنا بها وان جاء اليهودي مرحبا به مرتين”.

البعض الجنوبي الذي يناهض دولة الإمارات، كان العلم الإماراتي الى وقت قريب يزين بروفايل صفحته في الفيس بوك، ولم ينس يكتب في أخر كل منشور شكرا إمارات الخير، لأنه غايته المال ولا شيء، لكن المشكلة في المغرر بهم الذين ينفذون مخطط الفوضى مقابل الفتات.

ولعامة الناس، لا تدعو (أحد) يقرر مصيركم، فقط فكروا اين مصلحة عدن والجنوب، هل مع تركيا وقطر ام مع الإمارات والسعودية، وعليه لكم حرية الاختيار..

#صالح_أبوعوذل