fbpx
في ذكرى الخطأ الاستراتيجي الـ28.. الوحدة اليمنية مشروع فاشل وسبب كل مشكلات اليمن شمالاً وجنوباً ” تقرير “
شارك الخبر

يافع نيوز – كتب: اديب السيد:

هي ذكرى أليمة بكل ما تحمله الكلمة من معني، وخطأ استراتيجي وقعت فيه دولتي ” جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – دولة اليمن الجنوبي ” و ” الجمهورية العربية اليمنية – اليمن الشمالي “، فشلت في مهدها بحرب غاشمة أنهت تلك الوحدة وقضت على احلام الشعبين في الشمال والجنوب.

ومن المنطق النظر الى فشل تلك الوحدة بنظرة واقعية موضوعية، حيث يمكن النظر إلى الوحدة باعتبارها عملية اجتماعية وسياسية تتضمن احتكاك وتفاعل عناصر وأبنية متشابهة ببعضها البعض بهدف التنسيق بينهما أو دمجها عن طريق أبعاد عناصر وأسباب الاختلاف والتباين وتنمية وتأكيد عناصر الاتفاق والتشابه بين الأبنية الاجتماعية، الأمر الذي يسمح في النهاية بعملية الدمج الاجتماعي .

وبالنظر إلى تجربة الوحدة اليمنية 90م  فبتأكيد أنه تم التعامل معها باعتبارها مسالة إجرائية، شابها الكثير من القصور في مدة الفترة الانتقالية وعدم دمج المؤسسات واختلال التوازن السياسي بين القوى السياسية وتنامي روح العداء وعدم الثقة بين طرفي تلك الوحدة.

وكانت حرب 1994 م هي الضربة القاصمة التي انهت الوحدة اليمنية السلمية، وخالفت اتفاقيات تلك الوحدة، فضلا عن مخالفتها اتفاقية ( العهد والاتفاق ) التي رعتها الاردن بين الشمال والجنوب في يناير 1994، ممثلين برئيسي الدولتين ( اي الرئيس صالج عن الشمال والرئيس البيض كنائبه بعد الوحدة ممثلا عن الجنوب ).

  • تراكمات اخطاء الوحدة اليمنية وحرب 2015:

لا شك أن  تراكمات الاخطاء السياسية  خلال السنوات الماضية، كانت بسبب الخطأ الاستراتيجي المتمثل بالوحدة اليمنية الفاشلة التي ظلت تفرز اخطاء تراكمت خلال السنوات التي تلت وحدة 90، وزادت تعقيدات فشلها  بحرب عام 94، مما جعل الخطأ السياسي الاستراتيجي يفرز اخطاءه باستمرار  سواء داخل الشمال او داخل الجنوب، او بين الجنوب والشمال، حتى وصلت اليمن الى ما هي عليه اليوم.

وأدى خطأ الوحدة اليمنية الى انفجار الوضع في اليمن عدة مرات، كان اخرها الانفجار الكبير خاصة مع ظهور قوى وحركات جديدة في شمال اليمن، لها خصوماتها السياسية والتأريخية المتعلقة بأحداث ثورة 26 سبتمبر 1962، والتي كانت ابرزها ( حركة الحوثيين ) التي شكلت تحركاتها إشعال فتيل النيران، وتداخلت أهدافها مع أهداف قوى خارجية ممثلة بـ( إيران ) الساعية لتحقيق مشروعها العدواني على الدول العربية، والطامعة الى السيطرة على باب المندب وعدن، لخنق دول الخليج واقلاق امنها الاقتصادي والجيواستراتيجي. وهو ما استشعرته الدول العربية في آخر اللحظات، لتتدخل لإنقاذ اليمن من السقوط بأيدي إيران وأدواتها.

وتداخلت الاخطاء بين حرب 1994 وحرب 2015 وهما حربين شماليتين شنتا على الجنوب، لفرض السيطرة على الجنوب، انطلاقا من كون الجنوب غنيمة حرب.

وتكررت الاحداث منذ  إنقلاب حركة الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، على سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي ، خاصة بعد ذلك توجههم عسكرياً الى الجنوب، أساس التطورات الخطيرة المركبة، مما اضطر شعب الجنوب الى الدفاع عن نفسه، وتم اعلان قيام ( التحالف العربي ) والتدخل في اليمن، لمنع  سيطرة الحوثيين وصالح على الجنوب وسواحله ومنافذه البحرية، والتي ستتأثر كثيراً وتؤدي لأخطار جسيمة على أمن المنطقة والسلم الدولي.

فتسببت حرب 2015 بقتل الالاف من اليمنيين شمالا وجنوباً، بينهم مدنيين وأطفالا ونساءً، ودمرت البنية التحتية ومنشئات سيادية واقتصادية في البلد الذي يعاني أصلا من الفقر والجوع بنسبة أكثر من 80 % بحسب تقارير دولية.

و كانت حرب 2015 امتداد لحرب 94 الأولى ضد الجنوب باعتبارها حرب ستعيد الجنوب الى بيت الطاعة الشمالي والحكم العسكري، ولكن هذه المرة دخلت عوامل جوهرية في الحرب، وهي وجود ( ايران ) التي ارادت من خلال استغلال أمر الوحدة اليمنية، لاسقاط دول الخليج وفي مقدمتها  ” المملكة العربية السعودية “.

أرادت ايران ان تكون الوحدة اليمنية أداتها للسيطرة على عدن وباب المندب، من خلال محاولة كسب الرأي العام الشمالي، لفرض السيطرة على الجنوب عبر مليشياتها ” الحوثيين “، إلا ان الامور سارت على غير ما تشتيه سفينة ايران والحوثيين وقوى الشمال جميعها التي تواطئت مع الحوثيين.

لماذا  فشلت الوحدة اليمنية  ..؟  

كثيراً ما تحدث المنظرون وكتب الكتاب وشرح السياسيون ، معددين أسبابا قد تكون مما أدت الى فشل التجربة الوحدوية اليمنية،  لكن بالإمكان معرفة الأسس الحقيقية التي أدت الى ذلك الفشل الوحدوي ، الذي ألقى بظلاله على مختلف نواحي الحياة في ” الدولة الموحدة الجديدة – الجمهورية اليمنية “، وعمق فجوات خلاف لا تزال قائمة وتنذر بإخطار كارثية .

ومن المنطقي القول أن الدولتين اليمنيتين ( الجنوبية والشمالية ) قد ورثتا منذ أواخر الستينات من القرن الماضي ، مع انتهاء الحرب الأهلية في اليمن الشمالي ، بين الملكيين والجمهوريين ”  واستقلال جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ، مشاكل وظروفا سياسية وفكرية واجتماعية مختلفة ومتباينة ، لا تلتقي بمجرد اتفاق شكلي أو اندماج مستعجل  .

فالنضال المستمر في الجنوب  ضد ” الاستعمار البريطاني ” وظروف الثورة المسلحة ، خلق بيئة سياسية وحراكية أكثر نضوجا ، مما جرى في  وضع اليمن الشمالي  مناقضا لوضع اليمن الجنوبي ، الذي شكل حداثية سياسية واجتماعية ، واوجد مركزا للقوى المتقدمة وحاضن لأفكار التقدم  . وذلك مثلما وصفها مركز ” الأهرام للدراسات ” .

لكن  على النقيض من ذلك شكل الوضع في ” اليمن الشمالي ”  أسوار سميكة ومرتفعة  من العزلة والتخلف الشديدين ، وأدى ذلك في أحد جوانبه، إلى أن يكون ” اليمن الجنوبي ” باستمرار هو مركزا لتجمع القوى المعارضة لنظام الحكم في اليمن الشمالي الذي طاردها دون هوادة .

وعلى ضوء الاختلاف العميق بين الدولتين فقد اختلفت نظرة الطرفين كليا لــ” الوحدة اليمنية ” كما اختلفت الأهداف والتوجهات والخطط المستقبلية، ونظر كلاهما لها  من زاوية محددة ، إلا أن تلك  الاختلافات السياسية والاجتماعية والعقائدية  بين البيئتين في الدولتين، كانت كامنة لأسباب معينة آنذاك ، تتعلق بالظروف الداخلية للطرفين، فضلاً  عن الاختلافات الدينية بين الدولتين ـ المذهب ( الزيدي ) في الشمال، والمذهب ( الشافعي )  في الجنوب ، الى جانب ظروف متعلقة بالخارج .

  • اساس انتهاء الوحدة بحرب 1994م ومخالفة قرارات الامم المتحدة:

بالعودة الى حرب 94 فقد اثبتت حرب 1994 التي شنتها دولة الشمال على الجنوب، ان الوحدة اليمنية السلمية انتهت، وتحولت الى احتلال شمالي لدولة الجنوب كامل الاركان، وهو ما تؤكده وقائع ما بعد الحرب والتعدي على حقوق الجنوبيين سواء بطردهم من وظائفهم واحتلال مؤسسات دولتهم، واحالتهم الى التقاعدة القسري، بما فيها المؤسستين الامنية والعسكرية الجنوبيتين.

وفي هذا السياق خالف دولة الشمال كل قرارات الامم المتحدة واصرت على اجتياح واحتلال دولة الجنوب، وكانت تلك مخالفة صريحة وواضحة وتحدي لقراري مجلس الأمن (رقم 924 و 931 لعام 1994).

اذ نص قرار مجلس الأمن الرقم (924) لسنة 1994، والذي اتخذه بالإجماع في جلسته الرقم (3386) المنعقدة بتاريخ 1 يونيو 1994م، وهو ما نص على ” الدعوة لوقف إطلاق النار بشكل فوري، ويذكر كل من يهمه الأمر أنه لا يمكن حل الخلافات السياسية باستخدام القوة ، ويحثهم على العودة فوراً إلى المفاوضات، وبما يسمح بحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية وإعادة إحلال السلم، والاستقرار “.

فيما نص القرار نص قرار مجلس الأمن رقم (931) لعام 1994، والذي تم اتخاذه بالإجماع في جلسته الرقم (3394 ) ،المنعقدة في 29 يونيو عام 1994 والذي نص على ” يكرر تأكيد مطالبته بوقف إطلاق النار فورا، –  ويشدد على أهمية وجود وقف إطلاق نار يشمل جميع العمليات الأرضية، والبحرية، والجوية، وتنفيذه تنفيذاً فعالاً بما في ذلك وجود أحكام تتعلق بوضع الأسلحة الثقيلة في أماكن تجعل عدن خارج مرماها – ويكرر تأكيد أن الخلافات السياسية لا يمكن حسمها عن طريق استعمال القوة ويأسف لتوقف كافة الأطرف المعنية عن استئناف الحوار السياسي فيما بينها ويحث على القيام بذلك فوراً دون أية شروط مسبقة لكي تتيح لذلك التوصل إلى حل سلمي لخلافاتها، واستعادة السلم، والاستقرار، ويطلب إلى الأمين العام، ومبعوثه الخاص دراسة السبل المناسبة لتيسير هذه الأهداف ” .

وكان لمجلس التعاون الخليجي، موقفه الواضح من احداث اليمن عام 1994، إذ اعلن في الدورة الحادية والخمسين للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي بمدينة ابها الموافق 25-26 ذو الحجة 1414هـ 4 – 5 يونية 1994م، بأن ” الوحدة اليمنية 90، لا يمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين، ولا يمكن للطرفين التعامل في هذا الاطار، الا بالطرق والوسائل السلمية. وتقديرا من المجلس لدوافع المخلصين من ابناء اليمن في الوحدة فانه يؤكد انه لا يمكن اطلاقا فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية”.

وكان مجلس التعاون الخليجي قد استشعر خطر الاحداث في اليمن، وأكد في قراره ذات الصلة بقوله: ”  كما يبين المجلس ان استمرار القتال لا بد وان يكون له مضاعفات ليس على اليمن وحده وانما على دول المجلس مما سيؤدي بها الى اتخاذ المواقف المناسبة تجاه الطرف الذي لا يلتزم بوقف اطلاق النار”. وهو ما حصل اليوم، إذ باتت الاوضاع في اليمن خطراً على المنطقة برمتها.

  • ظروف خارجية وتهديدات جوهرية:

من الطبيعي ان يُلقي الترابط والتداخل السياسي والاقتصادي الدولي بثقله ومستجداته على القضايا السياسية والشعبية بشكل كبير ومباشر في كل بلد عربي ، وخاصة بعد الطفرة التكنولوجية والمعلوماتية وتسهيل وسائل التواصل والإعلام التي يشهدها عصرنا الحالي .

ففي ” اليمن الموحد ” من دولتين ، كما يطلق عليه “الجمهورية اليمنية ” ، لا يكمن الخلل في الوضع الاقتصادي مثلما يشخصه بعض المفكرين السياسيين والكتاب  ، ولا في شحة الموارد أو مستوى دخل الفرد او الفقر أو غيره من تلك البالونات التي تطلقها عادة منظمات دولية ، بل يكمن الخلل الجوهري وبدرجة رئيسية في [فشل مشروع اتحادي  وعقد سياسي اقتصادي اجتماعي] تم في ” 22 مايو 1990م ” ، ودخلت فيه دولتين كان لهما وضعهما المستقل دولياً وسياسياً وتأريخياً .

وكنتيجة لفشل الفترة الانتقالية الاولى من المشروع وجدت الدولة الجنوبية ” ج ي د ش ” نفسها مضطرة لتفادي الفشل حتى لا يتوسع وتحل الكارثة ، إلا ان الدولة الشمالية ” ج ع ي ” رفضت ذلك وحشدت قواها عسكرياً ودينياً لفرض بقاء ذلك المشروع الاتحادي الفاشل ” الوحدة اليمنية ” .

ورغم ان دولة الشمال  استطاعت فرض بقاء الوحدة  بعد اعلانها الحرب ضد دولة الجنوب في صنعاء بتاريخ 27 ابريل 1994م، ودخول قواتها الى عاصمة الدولة الجنوبية ” عدن ” يوم 7 يوليو من العام 1994م  ، إلا ان الكارثة حلت بالدولتين وشعبيهما وباتت ( الجمهورية اليمنية الموحدة بالقوة وبالدم ) تعاني ويلات شديدة واوضاع خانقة، هي تراكم خطير جعل اليمن شمالها وجنوبها على فوهة بركان.

 

*أسباب موضوعية لفشل الوحدة اليمنية: 

بغض النظر عن عوامل أخرى يحكيها الكثيرون عن اسباب دخول دولة الجنوب في الوحدة اليمنية ،  إلا ان الأمر هنا يتعلق بتصرف صنعاء التدميري لمشروع الوحدة التي دخلتها دولة الجنوب طوعياً وبإرادة صادقة من قيادتها أنذاك .

ومن اجل إيضاح الصورة أكثر ، عن سبب تصرفات صنعاء تجاه مشروع الوحدة التي طالما حلم بها الشعبين في الدولتين ، فإن الأمر يتعلق بأمور عديدة

  • على المستوى التأريخي والجغرافي :-
  • أن الدولتين لم يسبق ان كانتا متوحدتين من قبل ، وهذا مؤكد بأبحاث ووقائع تأريخية .
  • ان الدولتين تمتلكان وثائق استقلال كلاً منهما ، فدولة الجنوب لديها وثيقة الاستقلال من بريطانيا وقعت يوم ” 30 نوفمبر1967م ” والمعنونة بــ” وثيقة استقلال جمهورية الجنوب العربي ” والتي تنص على ان دولة اليمن الجنوبية الشعبية – دولة مستقلة ” . كما أن دولة الشمال لديها وثيقة بعد ” 26 سبتمبر 1962م ” غيرت فيه اسم الدولة والنظام الملكي من ” المملكة المتوكلية اليمنية ” الى ” الجمهورية العربية اليمنية ” .
  • اختلاف السياق والاحداث التأريخية للدولتين يؤكد استقلالية كل منهما .
  • ان التقارب الجغرافي للدولتين لا يعني بالضرورة أنهما دولة واحدة ذات نطاق جغرافي وخصوصية واحدة .
  • ان لفظة ” اليمن ” لا تعني دولة الشمال “ج ع ي ” بقدر ما هي اتجاه من الاتجاهات واطلقت تلك التسمية لكل ما يقع على يمين الكعبة المشرفة .

 

  • المستوى السياسي والقانوني : ويأتي ذلك في ثلاثة مستويات هي :-
  • مستوى سياسي وقانوني .. كالاتي :
  • ان أي مشروع سياسي ينتفي قانونياً بانتفاء اتفاقياته او نقضها وهذا متعارف عليه قانونيا وسياسياً .
  • عدم خضوع فكرة الدخول في الوحدة اليمنية واتفاقياتها عام 1990م للاستفتاء الشعبي القانوني ، الذي كان يجب ان يكون استفتاء لشعب دولة الجنوب على حدة ، وشعب دولة الشمال على حدة .
  • ان الاستفتاء على دستور ” الجمهورية اليمنية ” بعد الاندماج ، لا يعني قانونياً استفتاء شعب الجنوب على ” الوحدة اليمنية ” ، حيث وان ذلك الاستفتاء غلبت عليه الكثافة السكانية لليمن الشمالي والبالغ أكثر من 5 إضعاف من سكان دولة الجنوب .
  • أن الوحدة اليمنية كانت نتاج توافق بين شخصين او حزبين يمثلان الدولتين وليس بين شعبين لهما الحق بتحديد مصيريهما .
  • عدم قيام الوحدة اليمنية بين الدولتين على أساس التدرج السياسي لشكل النظام الجديد والتمازج التدريجي .
  • مستوى ما قبل الحرب من 90 – 94م  :-
  • إخفاق كامل لنظام اليمن الموحد الجديد في تطبيق اتفاقيات ” الوحدة اليمنية ” المتفق عليها والموقع عليها من الجانبين .
  • فشل المرحلة الانتقالية من الوحدة اليمنية بين الدولتين في الأخذ بالأفضل ، وتحولها الى فرض الشمال بكامل نظامه ودستوره وقوانينه سيئها وحسنها على الجنوب .
  • فشل عملية الدمج الأولية بين مؤسسات الدولتين وفي مقدمتها المؤسستين العسكريتين .
  • عجز النظام الموحد على خلق الصفة التشاركية بين قيادات الدولتين وممثليها وموظفيها .
  • خيانة نظام صنعاء لوثيقة ” الوحدة اليمنية ” ونقضها لوثيقة الحل السياسي الوسطي عام 93 م ، وثيقة ” العهد والاتفاق ” التي وقعت برعاية مملكة الأردن .

 

  • مستوى ما بعد حرب 94م :-
  • ان حرب 94م جاءت بإعلان من طرف واحد وهو طرف نظام اليمن الشمالي يوم 27 ابريل عام 94م ، ومن ميدان السبعين بصنعاء .
  • ان الحرب صاحبتها إصدار فتاوى تكفيرية من علماء دين شماليين لشعب الجنوب وتحليل إبادته وقتل النساء والاطفال والرجال ولا تزال سارية حتى اليوم .
  • إصرار صنعاء على موقفها واستمرارها بالقضاء ما تبقى من شكل لاتفاقيات الوحدة اليمنية ونقض كل الاتفاقيات بالغزو العسكري على الجنوب واحتلال دولته عام 94م .
  • تخطيط نظام صنعاء وسعيها الحثيث لإجراء طمس كامل للجنوب وهويته ، وتغيير ” ديموجرافيته ” وهذه بحد ذاتها جريمة عظمى ودليل على تصفية الوحدة اليمنية .
  • انتهاج الشمال سياسة التدمير والقضاء على كل ما له صلة بدولة الجنوب ، واعتباره ” فراعاً عاد للأصل ” .
  • نهب كل ممتلكات ومكتسبات دولة الجنوب وشعبها ، باعتبارها غنيمة حرب ، ومعاملة الشعب الجنوبي على أنه اقلية ومن درجات مواطنة متاخرة .
  • ممارسة صنعاء دور المنتصر على المهزوم وفرض عنصرية عرقية وثقافية وإجتماعية مرفوضة ، ومحاولة اجتثاث تاريخ الجنوب وأجياله السابقة وثقافته المتقدمة وقيمه وانظمته المتطورة .. وغيرها .
  • التعتيم الإعلامي على كل الانتهاكات التي تمارسها صنعاء وجيشها وممثليها في مدن ومناطق وقرى الجنوب منذ ما بعد 94م وحتى اللحظة .

 

  • المستوى الاجتماعي :

وهذا المستوى هام جداً بالنسبة لإيجاد وخلق ” وحدة اجتماعية ” ، بين شعبين مختلفين في النظم والثقافة المجتمعية ، ويمكن توضيح ذلك بالاتي :-

  • إعتراف صنعاء وزعماءها بتنفيذ مخطط في الجنوب يفضي الى تغيير الخارطة السكانية والغاء الهوية السياسة والتأريخية لشعب الجنوب .
  • فشل الوحدة اليمنية في توفير الأمن والأمان ، وتحقيق وضع ديمقراطي حقيقي .
  • عجز الوحدة اليمنية في تحقيق ازدهار الانسان ، والحفاظ على كيانه ، وحرياته .
  • إخفاق الوحدة اليمنية في الحفاظ على حقوق الانسان ، وخصوصياته ، وتطويره التعليمي والثقافي والاجتماعي .
  • محاولة الطرف الشمالي فرض انماط اجتماعية معاكسة ومخالفة لإنماط المجتمع الجنوبي التي عرفها العالم حضارية وراقية .
  • وجود فوارق ثقافية اجتماعية واضحة ، لا يمكن لها الالتقاء أو الاندماج وغيرها .

*على المستوى الثقافي والتعليمي : ويمكن اختصار ذلك بالاتي :-

  • عجز الوحدة اليمنية في تحقيق التمازج الثقافي بين النخب والقيادات وعلى مستوى شعبي الدولتين نتيجة للفوارق الثقافية .
  • تشجيع الطرف الشمالي لنهجه القبلي وفرضه على شعب الجنوب بعيداً عن القانون والالتزامات الدستورية .
  • قيام القوى التقليدية الشمالية بتطبيق سلوكياتها وممارساتها على الحياة اليومية للجنوبيين وفرضها بالقوة العسكرية .
  • محاولة فرض انماط اجتماعية وثقافية مخالفه للانماط السائدة في المجتمع الجنوبي .
  • تعمد صنعاء بتجهيل الشعب الجنوبي ، تغييبه ثقافيا ، من خلال اهمال التراث والفن والشروع بتصفيتها .
  • انهيار العملية التعليمية وخصخصة التعليم وفرض رسوم باهضة في الجامعات حالت دون تمكن الطلاب من مواصلة دراستهم .
  • إفراغ الجنوب من الكوادر المتخصصة في المجالات العلمية .
  • الابقاء على الفاسدين وتعاقبهم في قيادة الجامعات التعليمية والمدارس بناءً على الولاءات الحزبية الضيقة واستبعاد الكفاءات .

 

  • على المستوى الاقتصادي :-

وللمستوى الاقتصادي ، اهمية البالغة في حياة أي شعب ، او امة ، حيث يعتبر ذلك متعلقاً بحياة ومعيشة الناس ، ويمكن ذكرها باختصار كالاتي :-

أ- السيطرة الكاملة على مفاصل الاقتصاد وتقاسمها بين قيادات الجبهات التي غزت الجنوب في الحرب .

ب- مكين رأس المال الشمالي من السيطرة على المؤسسات الاقتصادية والمؤانئ والشركات الجنوبية ومحاربة رأس المال الجنوبي .

ج – افراغ المؤسسات الاقتصادية العامة والخاصة من الكوادر الجنوبية واحالتهم الى رصيف البطالة .

د – تقاسم الثروات ومنح التجار الشماليين النافذين احكام السيطرة على الوضع الاقتصادي للجنوبيين .

ز- تدهور الحالة المعيشية للشعب الجنوبي ، وحرمانه من الثروات ، والاستئثار بكل الوظائف والمؤسسات الاقتصادية والمناصب السياسية والادارية .

هـ – إنتهاج سياسية الإفقار والتحكم بلقمة العيش للشعب الجنوبي مقابل الولاء والطاعة والخضوع .

و – تهميش كل من بقي من كوادر الجنوب المسئولين وجعلهم ديكورات .

 

لماذا حدث كل ذلك ..؟

من الطبيعي والمنطقي جداً ، ان يخطر ببال أي شخص السؤال البديهي .. لماذا حدث كل ذلك ..؟ ، وخاصة بعد وحدة سلمية وإتفاق وقبول دولة الجنوب بالدخول كطرف في مشروع ” الوحدة اليمنية ” بإعتبارها حلم طالما تغنى به نظام حكم دولة الجنوب ” ج ي د ش ” وتم تغذيته للشعب الجنوبي عبر المراحل والعقود التي تلت استقلال دولة الجنوب من الاستعمار البريطاني .

وبغض النظر عن عوامل أخرى يحكيها الكثيرون عن اسباب دخول دولة الجنوب في الوحدة اليمنية ،  إلا ان الأمر هنا يتعلق بتصرف صنعاء التدميري لمشروع الوحدة التي دخلتها دولة الجنوب طوعياً وبإرادة صادقة من قيادتها أنذاك .

ومن اجل إيضاح الصورة أكثر ، عن سبب تصرفات صنعاء تجاه مشروع الوحدة التي طالما حلم بها الشعبين في الدولتين ، فإن الأمر يتعلق بأمور عديدة نعتقد ان أهمها  الاتي :-

أولاً :  (مفهوم الوحدة لدى قيادات الدولتين) :  ويمكن الحديث عنه باختصار في نقاط عامة كما يلي :

  • ان فهم قيادات دولة الشمال “ج ع ي ” للوحدة لم يكن كمفهوم قيادات دولة الجنوب ” ج ي د ش ” ، حيث كان مفهوم قيادات دولة شمال لتلك الوحدة ، باعتبارها ( ضم وإلحاق لدولة الجنوب – الفرع – بدولة الشمال – الأصل – ولا يحقق غير وحدة جغرافية وسيطرة على الثروات والموارد – وهو ما كشف عنه الشيخ القبلي الشمالي ” عبدالله بن حسين الاحمر ” في مذكراته، بما اسماه، عودة ” الفرع ” يقصد الجنوب بــ” الأصل ” دولة الشمال – بينما كان مفهوم الوحدة لدى قيادات دولة الجنوب على انها (مشروع سياسي لدولة إتحادية من دولتين تحقق بناء دولة شراكة قوية تحقق تطلعات شعبي الدولتين المتوحدتين ورقيّهما ).
  • ان قيادات دولة الشمال نظرت لاتفاقيات الوحدة اليمنية على انها  ( حبر على ورق ) وسلم لتحقيق إلتهام دولة الجنوب وضمها لدولة الشمال ، بينما نظرت قيادات دولة الجنوب لاتفاقيات الوحدة على أنها ملزمة واتفاق أولي لتحقيق تماسك ومنح ثقة اكبر بالطرف الشمالي وإبداء له حسن نوايا بجدية الجنوب في تقديم كل ثرواته وممتلكاته  من اجل صنع دولة قوية وقادرة على مجاراة التقدم الإقليمي والعالمي .
  • ان الطرف الشمالي كان لا يملك مشروعاً سياسياً وعاجزاً عن تقديم أي تفوق سياسي يمكنه من المنافسة ، ولهذا كان مبيتاً للإنقضاض على دولة الجنوب ، بينما كانت قيادات دولة الجنوب تمتلك مشروعاً سياسياً قادراً على صنع دولة نموذجية قادرة على النهوض والتماشي مع المرحلة والمتغيرات الخارجية العالمية ، لكن ذلك المشروع تعرض للإجهاض .

 

ثانياً : ( حسن وسوء النوايا والفوبيا المرافقة ) : ويمكن ايضاحه باختصار في النقاط التالية :-

  • خوف الطرف الشمالي من الفشل المبكر للوحدة ، وفقدان النظام في الشمال السيطرة على حكم الدولة الشمالية ، خاصة وان معارضي النظام واغلبية القوى القبلية والدينية في الشمال كانت ترفض فكرة الوحدة مع دولة الجنوب من اساسه .
  • النوايا التي رافقت عملية توقيع اتفاقية ” الوحدة اليمنية ” ، كانت تبطن في ظاهرها غير ما تظهر .
  • استغلال الطرف الشمالي لظروف معينة في الجنوب انذاك ، في التهام دولة الجنوب واختراقها ، مدعوما بتوجهات اقليمية ودولية .
  • وجود مخطط واتفاق مسبق بين صنعاء ودول خارجية بالقضاء على دولة الجنوب ، التي كانت محسوبة على القطب الاشتراكي العالمي .

 

  • إنهاء وحدة دولتي الجنوب والشمال لمصلحة الجميع :

عند وضع سلبيات وايجابيات ” الوحدة اليمنية ” موضع الوزن ، وتحليل دقيق وصادق للوضع الراهن لليمن الموحد ، لا يمكن ان يرى عاقل ان الوحدة اليمنية بمفهومها ومشروعها السياسي ناجحة او حققت أي انجاز للشعب ، حتى على المستويات الدنيا ، ولو كانت كذلك ، لما وصلت الحالة الى ما هي عليه اليوم ، والتي يراها الجميع جلياً بأنها مرحلة حساسة وخطيرة ، تكمن خطورتها على كافة الاتجاهات والأصعدة السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية .

ومن هنا يمكن التأكيد ، أن ما ذهب اليه ” حوار صنعاء ” الذي انطلق في 18 مارس 2013م ، وتجاوز مدته المحددة باشهر نتيجة تعقيد ” قوى صنعاء ” ورؤيتها الرافضة بالاعتراف بــ” القضية الجنوبية ” كقضية واقعية ، حال دون الافصاح بشكل واضح عن الحلول الجوهرية لتلك القضية ، لكنه اكد وبشكل صريح فشل ” الوحدة اليمنية الاندماجية ” القائمة منذ 22 مايو 90م ، وقام باسقاطها نهائياً ، وتحويلها إلى ” دولة اتحادية ” بموافقة كافة اطرافه الشمالية ، والخروج برؤية لتقسيم ” اليمن الموحد ” الى ” ستة اقاليم – 4 في الشمال – و2 في الجنوب ” ، رغم عدم مشاركة ممثلي الشعب الجنوبي فيه ، ومشاركة بعض الافراد الجنوبيين المحسوبين على احزاب يمنية ، بعد مقاطعة مكونات الجنوب والحراك الجنوبي السلمي للحوار اليمني بشكل كامل .

وما يمكن ان يراه أي سياسي انجازاً للوحدة اليمنية ، هو ( وحدة جغرافية ) أزالت الحدود والبراميل بين الدولتين وفتحت حرية التنقل والسكن للشعبين ، وهذه من منطلق واقعي ليست وحدة بقدر ما هي أشياء طبيعية يجب بقاءها واستمرارها بعد استعادة الدولتين لمكانتيهما المستقلتين .

لكن في المقابل هناك أسباب جوهرية ومستويات تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية توجب فك ارتباط الدولتين من الوحدة اليمنية واستعادة كل شعب لدولته مع الحفاظ على علاقات الشعبين وحرية العمل والتنقل والسكن وما إليه .

ولهذا فإن استعادة كلا الدولتين لوضعهما السابق من خلال ( فك ارتباط – أو تقرير المصير ) يجب أن يكون سلس ومتفق عليه، وبات شيئاً ملحاً ومن مصلحة الشعبين في الجنوب والشمال، لكون الحقائق الموضوعية والأسباب التأريخية  والظروف الحالية بعد حرب 2015 اصبحت امر واقعاً وتحتم انهاء تلك الوحدة اليمنية وعودة دولتي الشمال والجنوب لوضعهما قبل تلك الوحدة الفاشلة، بل انها صارت أمراً موضوعياً من اجل حماية أمن المنطقة العربية والامن والسلم والدوليين .

أخبار ذات صله