fbpx
الانتقالي والحراك وتمثيل الجنوب العربي
شارك الخبر

طه بافضل

مازال هاجس المطالبة بوحدة الصوت الجنوبي حاضراً، بالرغم من التطوّر الكبير الذي حدث في الساحة الجنوبية وقضيتها بانبلاج فجر المقاومة الجنوبية، ودورها المؤثر في صدِّ جحافل العدوان الحوثي الانقلابي الغاشم ودفاعها المستميت للمحافظات الجنوبية ثم وقوفها خلف الرئيس الشرعي اليمني عبدربه منصور هادي.

ومن المقاومة الجنوبية ظهرت قيادات رأوا ضرورة الإعلان عن تشكيل مجلس انتقالي يستطيع استلام مقاليد الحكم في الجنوب، بعد كل التضحيات والشهداء، ومسيرة حافلة بالنضال والكفاح التي قدمها الحراك الجنوبي منذ 2007م ثم فصائل المقاومة الجنوبية في الحرب الراهنة، وقد أكدت وأثبتت أحقيتها في قيادة مرحلة التغيير القادمة والسعي الحثيث والجاد لاستعادة الحق إلى أهله.

كسابقاتها من أساليب تشكيل المجالس واللجان في “جنوب اليمن” يتم التقريب والإسناد وبالمقابل الإقصاء والتهميش والرعونة في التصرفات، ثمة معايير خاصة وأحياناً غريبة تظهر في طريقة الاختيار، وضغوط داخلية وأخرى خارجية، يبتعد فيها القائمون على التحضير لإعلان التشكيل عن الشعب الذين يقع عليهم الاختيار  والتصويت، ويتجهون نحو المحاصصة حيناً والاطمئنان من الولاء حيناً آخر، مع ما يصاحب ذلك التشكيل من تخبط وارتباك وتردد، وهذه أمور متوقعة وطبيعية لواقع ظلَّ عقودا رهينا لحكم شمولي أو فوضوي. وتبقى القوة الداعمة له هي الفيصل في الإعلان عن ولادة مكون جديد بطريقتها ورؤيتها يراد له الظهور والثبات ومن ثم البقاء والتمدد وربما الانطفاء أو الخمود بحسب ما تتطلبه رؤية الداعم ومنطلقاته! وهنا يأتي دور الشعب المتمسك بخياره المقرر لمصيره بأن يثبت ولا يتنازل عن حقه مهما بلغت تكلفة موقفه.

وعندما نقف ونؤيد مثل هذا التشكيل، على ما فيه، حتى وإن لم نكن ضمنه في عضوياته المتعددة، فإن موقفنا هذا ينبع من شعورنا بأهمية وجود كيان وحامل سياسي قوي للقضية الجنوبية، يرفع صوته عاليا في المحافل الدولية ليستقطب أكبر قدر ممكن من المواقف المؤيدة تجاه قضية شعب الجنوب، فهذه الرقعة ليست خارج كوكب الأرض، بل هي في المكان الأهم والمؤثر، وبالتالي يجب الاهتمام بحلّ قضيتها حلا عادلا يتلاءم مع المواثيق والقوانين الدولية التي تحترم حقوق الإنسان وتدافع عنها والتي كانت ضد خيار بقاء الوحدة بالقوة.

وبهكذا تشكيل للمجلس الانتقالي الجنوبي تم استبعاد أسماء كثيرة منه، سواء استبعدت نفسها لسبب عدم قبولها بالطرح الذي يتبناه أو بالجهة التي تدعمه، أو استُبعدت كونها لا تلائم التوجه الذي يحمله المجلس أو أنها لا تنسجم ومواقف بعض القيادات المؤثرة في المجلس.

وفي الأخير يبقى دور هذه القيادات لا يمكن إنكاره أو التقليل منه فمرحلة الحراك الجنوبي كانت الولادة الحقيقية للمقاومة ضد المحتل وإقامة التشكيلات العسكرية المتعددة وعدم انضمام هذه المكونات الحراكية للمجلس الانتقالي لا يعني شطبها من الساحة الجنوبية، فدولة الجنوب العربي تتسع للجميع ممن تمسك بحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم المغدور بها..

أما الذين مدوا جسور التواصل والدعم من إيران وتلقوا منها المؤازرة ممن يقبعون في الضاحية الجنوبية بلبنان أو يتلقى دعما من قطر، وممن تحالف مع الانقلابيين الحوثيين فهؤلاء خانوا قضية الجنوب وإن تشدقوا بالدفاع عنها والمطالبة بحقوقها، فماهم إلا أدوات في أعداء الجنوب العربي ومطالبه المشروعة، بل خنجر مسموم يراد منه قتل كل المحاولات التي يقوم بها أبناء الجنوب لبناء مستقبلهم فلا مكان لهذا الصوت النشاز وموقف الجنوبيين منه واضح بالرفض والاستهجان لما تقوم به بعض الأسماء المحسوبة على الحراك الجنوبي وهو منها براء.

يبقى الحديث عن المكونين الأولين، اللذين يبذلان جهودا لتسويق القضية الجنوبية وإظهارها وتوضيحها للعالم، فالانتقالي أكد شعبيته من خلال استجابة الناس لدعوات الاحتشاد التي يطلقها في أكثر من مناسبة، لم يستطع المكون الآخر أن يحشد بالمقابل رغم سعيه لذلك بشكل متكرر، الأمر الآخر أن مكون الحراك الذي ظهر مؤخراً قام قبل أيام بالتواصل مع سفيري أمريكا وبريطانيا، وقد ضم كل من ياسين مكاوي مستشار رئيس الجمهورية ورئيس مكون الحراك المشارك في مؤتمر الحوار الوطني، والشيخ حسين بن شعيب رئيس الهيئة الشرعية الجنوبية، فؤاد راشد نائب رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، إلا أن اللقاءين تطرقا فقط إلى المطالب التي تمس تحسين الخدمات وبناء البنية التحتية في المحافظات الجنوبية وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية.

ثمة اختلاف في الطرح بين المكونين فالانتقالي يدعو ويطالب صراحة باستعادة دولة الجنوب العربي إلى ما قبل توقيع اتفاقية الوحدة 1990م وتنفيذ القرارات الدولية وهي ما تتطابق مع تطلعات ومطالب أغلب فئات المجتمع الجنوبي الذي لفظ الوحدة وتقيأها وأكد على فشلها، وما نزوله للساحات ورفعه لأعلام الدولة الجنوبية السابقة إلا خير دليل على ذلك.

وبعد النجاحات التي حققها المجلس الانتقالي على الأرض تنظيمياً وسياسياً في الخارج كأني بالقوى التي لا تريد للصوت الجنوبي أن يتحد سعت إلى إظهار التعدد الموحي للاختلاف والتشرذم وبالتالي تأخر إنجاز استحقاق المطلب الجنوبي باستعادة الدولة بل وإفشاله وترك الجنوب يدور في فلك الاختلافات والصراعات ويظل ضعيفاً فقيراً ينتظر العون والمساعدة من الآخرين لا يبني مستقبله ولا يقيم دولته ولا يكتفي بنفسه!!

أخبار ذات صله