fbpx
الشرعية المختطفة..! ” تقرير
شارك الخبر

  • شرعية مختطفة سياسيا عاجزة ميدانياً
  • لم تقدم لنفسها غير مزيد من الخلافات
  • يستفرد بها أشخاص على حساب الوطن
  • غدت عائقاً أمام الحسم ومعرقلاً للنهوض
  • تعد قضية الشرعية في العلوم السياسية واحدة من أقدم قضايا الجدل السياسية وأكثرها أهمية وهو الجدل حول مشكلة ” الالتزام السياسي”ويبقى جوهر الشرعية” رضا وقبول المحكومين” وليس إذعانهم لحق فرد في أن يمارس السلطة.
  • اتخذ نظام اليمن الشمالي وقواه وأحزابه اسم ( الشرعية ) كظاهرة إعلامية عام 1994، ليكون غطاء سياسي ومظلة لاجتياح واحتلال دولة الجنوب، وذلك بعد انتهاء الشرعية الدستورية والسياسية القائمة على شراكة الشمال والجنوب.

 

  • رفض الجنوبيين أي إجراء للانتخابات الرئاسية بالجنوب في 21 فبراير 2012، ليس رفضاً لــ” هادي ” وإنما رفض لطريقة الالتفاف السياسي ومحاولة تكريس شرعية نظام وأحزاب حرب 94 من جديد، وعلى حساب الجنوب وقضيته النابعة من انتهاء الوحدة ونظامها واتفاقياتها السياسية، وتحولها إلى حرب احتل الشمال فيها دولة الجنوب.

 

 

  • اختطف الإخوان المسلمون ” حزب الإصلاح ” شرعية هادي، وأصبحوا متحكمين بقرارها السياسي، ويستخدمونها أداة لتلبية رغبات الحزب السياسي في النفوذ أو السيطرة، وخاصة في الجنوب، بعد أن يئسوا من أي سيطرة لهم بالشمال وتخاذلوا عن مواجهات المليشيات الحوثية.

 

عندما تتحول الشرعية إلى شماعة لممارسة الرغبات الحزبية والفئوية والفردية الضيقة، فذلك يعني أن الشرعية التي هي أساس المشروعية في الحكم المستمدة من الشعب والمنصوص عليها في الدستور والقانون مختطفة بأيدي جهات سياسية محددة.

ومن هنا يمكن أن تتحول هذه الشرعية التي تتحكم بالقرار السياسي ومصير الناس، إلى مشكلة سياسية ومصدر خلاف بين الشعب والسلطة ” الشرعية “، والأكثر خلافا عندما تصبح الشرعية أداة تحركها رغبات حزبية ضيقة ويتم استغلالها بشكل سيء لمحاولة فرض رغبة حزب سياسي أو نخبة حاكمة على الشعب .

وطالما استخدمت أنظمه وحكام الشرعية من أجل الاستبداد والتمسك بالسلطة على حساب الوطن والشعب.

 

” يافع نيوز ” تستعرض في ملفها لهذا الأسبوع، الشرعية اليمنية التي يتمتع بها الرئيس هادي، وكيف تم اختطافها وتحويلها إلى أداة بأيدي حزبين سياسيين استبداديين، طالما عانت منهما اليمن وتسببا بإدخال البلد في صراع وحروب، منذ إنهاء ما سميت ” الوحدة اليمنية ” وما تلاها من مآسي وحروب ودمار في اليمن شمالا وجنوباً.

يافع نيوز – القسم السياسي

خلافات سياسية يمنية مزمنة ومتراكمة، أدت إلى الكثير من المعاناة للشعبين في الشمال والجنوب، وتسببت بصراعات دموية سابقة وحالية، وربما لاحقة بسبب العقلية السياسية الجامدة للسياسيين والأحزاب اليمنية .

تلك العقلية المنتجة للأزمات التي لم تستوعب أي تغيرات ـ حتى ـ واليمن شمالها وجنوبها تعيش حرباً ضروساً مع المليشيات الحوثية الممولة من إيران، فلم تقدر تلك الأحزاب الظروف العصيبة وفضلت أنانيتها على مصالح الشعبين في الشمال والجنوب.

بل غدت تلك الأحزاب تعمل في إطار ضيق متخذة من شرعية الرئيس هادي التي أضحت مختطفة وشماعة للعبث السياسي وإبقاء الأزمات والحروب دون تقدير لمعاناة الناس أو خطورة المرحلة.

  • مفهوم الشرعية :

يحدد مفكرو السياسي وواضعو أسسها، أن  مفهوم الشرعية الممنوحة للنظام الحاكم الذي يكتسب شرعيته من شعور الرعية بأحقيته وكفاءته في الحكم، وأنه من غير الشرعية يصعب على أي نظام حاكم أن يملك القدرة الضرورية على إدارة الصراع بالدرجة اللازمة في المدى الطويل، حيث يبقى جوهر الشرعية ” رضا وقبول المحكومين”  وليس إذعانهم لحق فرد في أن يمارس السلطة.

وترتبط قضية الشرعية بواحد من أقدم الجدالات السياسية وأكثرها أهمية وهو الجدل حول مشكلة ” الالتزام السياسي” ففي ثنايا تحليل مدى وجوب احترام الدولة وطاعة قوانينها على المواطنين، طرح منظرو العقد الاجتماعي تساؤلات حول توقيت وأسس وكيفية ممارسة الحكومة للسلطة الشرعية في المجتمع.

ويلاحظ أن الدلالات السياسية الحديثة لا تركز على مسألة.. لماذا ينبغي على الناس أن يطيعوا الدولة على نحو مجرد، بل على قضية سبب طاعتهم لسلطة معينة أو نظام معين للحكم، وهل هم راضون عن النظام أو السلطة حتى يطيعونها أم لا يرضون عنها وهذا ما يعطيهم الحق في رفضها والإتيان بغيرها.

  • الشرعية اليمنية:

ظهر اسم ( الشرعية اليمنية ) بمفهومها المحلي، أثناء حرب 1994م، حينما وصفت قوات الشمال ” دولة الجمهورية العربية اليمنية ” نفسها بقوات ( الشرعية )، أي انطلاقا من أن نظام الشمال هو الشرعية السياسية في اليمن.

كانت الشرعية ـ آنذاك ـ قد اتخذها نظام الشمال وقواه وأحزابه، كظاهرة إعلامية ليكون غطاء سياسي ومظلة لاجتياح واحتلال دولة الجنوب،بينما في حقيقة الأمر أن نظام وأحزاب الشمال انقلبوا على اتفاقيات مشروعية ( الوحدة اليمنية ) التي دخلت فيها دولتي ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – والجمهورية العربية اليمنية عام 1990 ).

فشرعية النظام اليمني المكون من ( ممثلي الدولتين الجنوبية والشمالية ) انهار بالكامل بإعلان الحرب على الجنوب، بعد الانقلاب الشمالي على الوحدة واتفاقياتها، وصارت الشرعية الدستورية غير موجودة، وهو ما جعل نظام الشمال بقيادة علي عبدالله صالح يتحول إلى فرض ( الشرعية العسكرية ) إن جاز التعبير هنا بها.

وعقب انتصار نظام الشمال بقيادة صالح، وانهيار قوات وشراكة دولة الجنوب في الوحدة التي تحولت إلى احتلال الشمال للجنوب، حاول صالح إعادة إنتاج ( شرعية سياسية ) بشكل منفرد لا يمثل الجنوب سياسيا فيها بالخالص.

ووصلت شرعية صالح إلى الانهيار لافتقادها المقومات الحقيقية للبقاء، بسبب قضية الجنوب وسقوط تلك الشرعية النابعة من الحرب والوحدة بالقوة، إلا أنه في العام 2011 عادت الشرعية للظهور مجدداً بعد أزمة شباب التغيير وما سمي ” الربيع العربي ” ليكون هادي رئيسا ذات شرعية مستمدة من  شرعية صالح ” شرعية حرب 94″.

  • من أين جاءت شرعية 21 فبراير..؟

جاءت شرعية الرئيس هادي، من أزمة الربيع العربي، وبطريقة مغايرة لكل النظم والقوانين المعروفة في أي دول العالم، والتي يجب أن يتوفر فيها ” الدعم الشعبي”، غير أن الشرعية الرئاسية لهادي كانت منقسمة بين الشمال والجنوب، إذ لم يؤيدها الجنوب أو يؤمن بها يوماً من الأيام.

ومن هنا برزت هذه الشرعية ـ التي يربطها سياسيو اليوم ـ بانتخابات الرئاسة 21 يناير 2012م، التي كان هادي فيها مرشحاً وحيداً توافقياً، وبطريقة لم تحدث قط إلا في اليمن، وخارجة عن أي مفهوم ديمقراطي.

رفض الجنوبيين  أي إجراء للانتخابات الرئاسية في الجنوب، ليس رفضاً لــ” هادي ” وإنما رفض لطريقة الالتفاف السياسي ومحاولة تكريس شرعية نظام وأحزاب حرب 94 من جديد، وعلى حساب الجنوب وقضيته النابعة من انتهاء الوحدة ونظامها واتفاقياتها السياسية، وتحولها إلى حرب احتل الشمال فيها دولة الجنوب.

فأفشل الجنوبيون الانتخابات الرئاسية، وقاطعوها،  وكل ما حدث هو انتخب الشعب في الشمال مرشحاً وحيداً للانتخابات الرئاسية، فيما بقي الجنوب رافضا لأي شرعية سياسية لنظام ما بعد حرب 94م.

  • انهيار شرعية نظام صالح جنوباً:

في العام 2007م، انطلق مارد الحراك الجنوبي السلمي، كثورة شعبية جنوبية تم معها إسقاط شرعية نظام صنعاء وحرب 94، باعتبار الشعب هو مصدر الشرعية، فظهر اليمن بشكل منقسم تماماً بين ( شمال وجنوب ) ، حيث يرفض الجنوب شرعية نظام صالح، على مختلف المستويات ( السياسية والاجتماعية  والثقافية )، وأعلن الشعب الجنوبي ذلك بوضوح واصفاً نظام صنعاء بــ” الاحتلال الشمالي للجنوب “.

ومع عجز نظام صالح، على إنهاء أو إخماد ثورة الحراك الجنوبي، أصبح نظام صالح مشلولاً منذ العام 2007م، وعاجز عن القيام بأي خطوات سياسية في إطار ما سماها النظام ” الشرعية “.

ومن هنا كانت البداية الحقيقية لنظام صالح وشرعيته ” المزورة ” جنوباً، إذ عجز نظام صالح عن إقامة أي انتخابات شعبية، وفي مقدمتها ” الانتخابات البرلمانية – والانتخابات المحلية ” كما خرجت الكثير من مناطق الجنوب عن سيطرة نظام صالح، وأصبح فيها لا يتواجد إلا شكلياً.

  • أزمة صنعاء وشرعية نظام صالح 2011م:

بعد أربع سنوات من سقوط الشرعية اليمنية في الجنوب، جاء ما يسمى ” الربيع العربي ” من خلال انتفاضة شباب فبراير 2011 بالشمال، لكن هذه الانتفاضة أعادت تدوير ” شرعية نظام صالح ” في الشمال بين أقطاب الحكم التابعين له، وظل الجنوب وشعبه رافضاً لتدوير أركان حكم نظام صالح.

وكان ذلك في الوقت الذي استمر فيه الشعب الجنوبي بثورته، وتوسع نطاق الحراك الجنوبي في كل محافظات الجنوب، ليظهر الجنوب بموقف واحد رافضاً أي إعادة إنتاج لنظام صنعاء الذي كان لا يزال محتلا للجنوب.

وفي مشهد أزمة 2011 الشمالية، كان الإصلاح وأحزاب المشترك، ومعهم الحوثيين قد اجتمعوا في قالب واحد، وكل طرف يبحث لنفسه عن تركة في ” الكعكة ” التي ظل صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام مسيطراً عليها بالكامل منذ سنوات طويلة.

فعلا تمكن الإصلاح من استخدام تضحيات  شباب الثورة ، كورقة ضغط يتناسب مع مراكز القوى التقليدية، وحماية مصالح – علي محسن وآل الأحمر –  ويستأثروا بالسلطة بدلا عن علي عبدالله صالح وأسرته وأقاربه، ولم يكن مشاركته بالانتفاضة من منطلق وطني خالص، ولهذا  تخلى الإصلاح وشركاؤه عن هدف الشباب ووقعوا على اتفاقية هشة.

نجح ـ حينها ـ الإصلاح وشركاؤه، وتمكنوا من التسلق على تلك الانتفاضة، عقب الانضمام الشكلي والمخطط له، حينها لــ( الرجل الثاني في اليمن وشريك صالح التاريخي ” علي محسن الأحمر”  لثورة الشباب)، وهو الانضمام الذي قضى تماما على انتفاضة الشباب وتصفيتها، ضمن مخطط حزب الإصلاح للتسلق على الانتفاضة ونيل بعض المواقع السياسية ضمن الحكومة.

فتم بيع دماء الشباب بثمن بخس، مقابل نيل الإصلاح وشركائه مكانا في الحكومة اليمنية، ضمن تشكيل ما سمي ” حكومة وفاق وطني”، بحسب اتفاقية سميت  “المبادرة الخليجية” والتي نصت على خروج صالح شخصيا، من الرئاسة، مع بقاء حزبه وأقاربه في  نصف الحكم، ونيله حصانة قضائية تمنع محاكمته عن جرائمه، وهو ما اعتبره كثيرون حينها ” انتصارا لصالح” بعد أن حل محله ” نائبه هادي”، وفشلاً لأحزاب المشترك، وفي مقدمتها ” حزب الإصلاح” الذي تسلق على تضحيات الشباب، بائعاً دماءهم بمناصب سياسية وهمية كان لا يزال ” المخلوع صالح” متحكما بها.

  • هادي رئيساً :

أفضت انتفاضة شباب العام 2011م،  إلى أن يصير هادي رئيسا توافقياً لليمن، بحسب ما سميت ” المبادرة الخليجية ” باعتبار هادي كان نائبا للرئيس صالح الذي تم خلعه سياسيا، فيما بقي ممسكاً بمفاصل النظام.

حاول حزب الإصلاح الالتفاف حول  ” هادي ” منذ أول وهلة، وعملوا على تمكين أعضاءهم في مفاصل سلطة هادي، حتى تم تطويق هادي تماماً وعزله عن محيطه وبقية القوى السياسية الشمالية اليمنية الأخرى، بما فيها القوى الشريكة مع الإصلاح في تكتل أحزاب المشترك وفي مقدمتها ” الحزب الاشتراكي ” .

تشكلت علاقة هادي بالإصلاح منذ العام 2011م، عقب اتخاذ الإصلاح حلفا مع هادي ضد المخلوع صالح، على أمل أن يسيطر الإصلاح على الحكم عبر استخدامهم لهادي، غير أن كل طرف ظل يتربص للآخر رغم انتزاع الإصلاح قرارات مهمة من هادي مكنته من السيطرة على الحكومة الانتقالية التي تلت اتفاق 2001.

وفيما يخص الجنوب، فقد بقي الشعب الجنوبي مستمراً بثورته السلمية، رافضا ما يجري في صنعاء من تدوير أركان نظام صالح وشركاء الحرب على الجنوب.

ورغم نجاح ” هادي” في استثمار ” القضية الجنوبية ” والصعود إلى الحكم، بحكم (انتمائه الجنوبي) ورفض الحراك الجنوبي الممثل لغالبية الطيف الجنوبي بهادي كممثل للجنوب، إلا أن كل ذلك لم يشفع لهادي في الاستمرار بالحكم مدعوما بدول الخليج والمجتمع الدولي، نتيجة ( شافعيته ) التي أسقطته، وكانت السبب الحقيقي والخفي، لتصرفات القوى الشمالية ( الزيدية ) وتحالفها السري والعلني ضد نظام حكمه.

  • شرعية هادي وعبث الإصلاح:

تغلغل الإصلاح ضمن سلطة هادي، وإيهامه بالوقوف معه، جعلهم مسيطرين على قراره بالكامل، منذ ما قبل انقلاب ” الحوثيين وصالح ” على سلطة هادي.

كانت علاقة الإخوان بهادي، تنبع من مصلحة أن الإخوان عبر هادي سيتمكنون من السيطرة على الرئاسة والحكم، وبدعم قطري كامل، ولهذا بعد أشهر قليلة شن الإصلاح على هادي حملات إعلامية كبيرة، وصلت إلى حد اتهامه بالتمسك بمنصب الرئيس، وكانوا قد عرضوا عليه تعيين ” حميد الأحمر ” نائباً ، إلا أن تدخلات دولية أعاقت الإصلاح من تحقيق طموحهم، مما جعلهم ينقلبون على هادي سياسياً ويطالبونه بالتنحي لانتهاء فترته الانتقالية.

 

  • ارتكاب مجازر في الجنوب باسم هادي:

خلال فترة ما بعد وصول هادي إلى الرئاسة اعتقد الجنوبيون أن المجازر الدموية وانتهاكات حقوق الإنسان قد توقفت بحقهم، لكن الإصلاح كان حاضرا إلى جانب هادي للقيام بمهمة ارتكاب المجازر وإعادة فكر وممارسات نظام صالح ضد الجنوب، فهم شركاؤه في الحرب على الجنوب واحتلاله.

عدد من المجازر ارتكبها الإصلاح وهادي في الجنوب، كان أبرزها ذكرى انتخابات هادي التي رفضتها وأفشلها الجنوبيون، حيث قمعت مليشيات الإصلاح وهادي، تظاهرة شعبية جنوبية رافضة لإعادة تدوير نظام وأركان حكم صالح في الجنوب، وذلك يوم 21 فبراير 2013، بساحة العروض بالعاصمة عدن، وذهب ضحية تلك المجزرة 120 شهيد وجريح.

وعقب تلك الانتخابات وما سميت المرحلة الانتقالية، التي تعمد الداخل اليمني الشمالي، والخارج، في ترك الجنوب بعيداً عنها، كأسلوب للتهميش والاستبعاد، جاءت مرحلة ما سمي “الحوار الوطني اليمني” واختير ممثلون مزيفون، عن الحراك الجنوبي، وشهد الجنوب مسيرات مليونية داعية لرفض حوار صنعاء والدعوة لتصحيح مسار الحوار، ورفض أسلوب القفز فوق القضايا وتزوير الإرادة الجنوبية.

واشتركت كل الأحزاب والقوى الشمالية في تلك المسرحية، وبقي الحراك الجنوبي صامداً، وتعرض ناشطوه للقتل والاغتيالات والقمع والسجن والمطاردة، فتحاور المتحاورين في فندق موفمبيك، وخرجوا باتفاقيات، أوقعت الخلافات بينهم، رغم توقيعهم وتوافقهم عليها.

وخرج الحوار في نهايته بقرار سلطوي، وليس ناتجا عن الحوار، قضى بتقسيم اليمن إلى ” ستة أقاليم” ضمن ” دولة اتحادية بدلا من وحدوية” وهي النتيجة التي كانت ترفضها جميع القوى الشمالية ” مؤتمر وإصلاح وحوثيين”، بل يرفضون الحوار من بدايته، ويرفضون أي وجود لدولة حقيقية  يحكمها الدستور والقانون، حتى وإن كانت ضمن وحدة يمنية حقيقية، وهو ما أفصح عنه الرئيس عبدربه منصور هادي في حوار شهير مع صحيفة ” عكاظ السعودية” كشف فيها أن تيارات في الإصلاح وحزب صالح والحوثيين يرفضون الحوار ونتائجه من الأساس.

وبعد أن اشتدت الخلافات بين القوى في صنعاء، وبروز  منحنيات عديدة، كان هادي الرئيس مجردا من أي قوة عسكرية، في حين صالح يمتلك قوة ولا يزال ممسكا بمفاصل الحكم، فعمد على إدخال الحوثيين لصنعاء، وهو الأمر الذي جعل الإصلاح يتهمون هادي حينها بالموافقة عليه، ولا يزالون يتهمونه حتى اليوم.

وحين تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء، هرب الإصلاح من صنعاء، وتركوا هادي تحت الإقامة الجبرية في صنعاء، وبعد أن خرج هادي من الأسر إلى عدن، ظهر الإصلاح من جديد بجانب هادي، وواصلوا سيطرتهم عليه سياسيا، وهو ما اعتبره كثيرون ـ حينها ـ أن الإصلاح ينفذون مخطط للسيطرة على هادي وقراراته، ربما باتفاق جرى بينهم وبين المخلوع صالح والحوثيين الذين كانوا يخوضون معهم حوارات ونقاشات واتفاقات سرية.

 

  • شرعية هادي والإصلاح والجنوب:

صعد هادي إلى كرسي الرئاسة بصنعاء، وظن الكثيرين أن هادي سيسيطر على الوضع في الجنوب، وينهي ثورة الحراك الجنوبي، غير أنه ومع صعود هادي رئيسا ازداد تصميم الجنوبيين على إنجاح ثورتهم، مستشعرين حجم الخطورة التي بدأت صنعاء وقوى خارجية تحيكها ضد الجنوب وقضيته.

وبغض النظر عما حدث في الجنوب من ثورة شعبية سلمية منذ العام 2007م، إلا أن هادي صار رئيساً محسوباً على الجنوب، لكنه غير قادر على أي تأثير في الجنوب..

ويرجع سياسيون ومراقبون أنه لولا ثورة الحراك الجنوبي، ما كان لهادي أن يكون رئيساً لليمن، ولا أن يتبوأ منصبا بحجم منصب رئيس اليمن التي ظلت قوى الشمال تحتكر رئاسته بعد إلغائها للشراكة الجنوبية وتحولها إلى دولة تحتل اليمن الجنوبي.

 

عمد هادي منذ صعوده لكرسي الرئاسة وبمشورة حزب الإصلاح، على محاولة تفتيت الحراك الجنوبي واستقطاب قياداته، وهو الأمر الذي كانت ترجوه قوى الشمال، دون أن يستوعب هادي مدى المؤامرة التي تحاك عليه من حلفائه الشماليين سواء الحوثيين والمخلوع، أو الإخوان المسلمين ” حزب الإصلاح “.

اشتدت حدة الخلافات بين هادي والجنوبيين، مع استمرار ممارساته ضد الجنوب، ومحاولة التغرير على الرأي العام الدولي بحل القضية الجنوبية وإصدار قرارات وهمية بمعالجة مشاكل المتقاعدين العسكريين، ومشاكل جنوبية أخرى، ورفض الجنوبيون انتخابات هادي ، وأفشلوا تلك الانتخابات في حدودها السياسية، واستمر هادي في التغرير على المجتمع الدولي بإنهاء مشاكل الجنوب ، فاختار ممثلين وهميين عن الجنوب في الحوار اليمني، وذلك ما أدى لاحتقان الشارع الجنوبي.

لم يستوعب هادي حجم المؤامرة التي تحاك ضده، رغم تقديم قيادات بالحراك الجنوبي نصائحهم لهادي وتحذيره من تصرفاته ضد الحراك الجنوبي، وفي الوقت نفسه تحذيره من المؤامرة التي تحاك ضده في الشمال.

انتهى الأمر بهادي هارباً إلى عدن، واستقبله الجنوبيون بترحاب، وأعلنوا وقوفهم معه كشخص جنوبي، وليس لما يحمله من توجه سياسي، وتطورت الأحداث وصولاً إلى غزو الجنوب من قبل الحوثيين وصالح، وتخلي الإصلاح عن هادي في الشمال، وكذلك في الجنوب، وانبرى الجنوبيون يدافعون عن هادي وفي الوقت نفسه يدافعون عن الوطن الجنوبي من الغزو الحوثي ويدافعون عن الأمن القومي العربي من مشروع إيران العدواني.

  • كارثة اختطاف شرعية هادي:

اختطف الإخوان المسلمون ” حزب الإصلاح ” شرعية هادي، وأصبحوا متحكمين بقرارها السياسي، ويستخدمونها أداة لتلبية رغبات الحزب السياسي في النفوذ أو السيطرة، وخاصة في الجنوب، بعد أن يئسوا من أي سيطرة لهم في الشمال وتخاذلوا عن مواجهات المليشيات الحوثية.

ولهذا فقد تخلت الأحزاب اليمنية وفي مقدمتها الإصلاح عن مسؤولياتها، لتتحول إلى أحزاب لاجئة في فنادق الرياض وتركيا وقطر، معتمدة فقط على البيانات الإعلامية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، في ظل حرب لم تتوقف وأكلت الأخضر واليابس.

ومنذ تمكن الجنوبيين من تحرير أرضهم بمساندة التحالف العربي، عادت تلك الأحزاب السياسية للظهور بغطاء سياسي وباسم ( شرعية هادي ) لتمارس مهامها التي توقفت عندها قبل الحرب، وهي ممارسات العهر السياسي، وإشعال فتيل صراعات مسلحة وتفتيت المفتت.

هرعت جنوباً تلك الأحزاب وفي مقدمتها ” الإصلاح” ، وبأسلوب العصابات، لغرض ممارسة مهامها في العبث بالجنوب المحرر، محاولة التسلق على انتصارات الجنوبيين وتضحياتهم، واستغلال النفوذ السياسي للحكم والنهب وتقاسم المناصب، في وقت تخاذل فيه الإصلاح عن نصرة الشرعية شمالا وتقاعس عن مواجهة الحوثيين المنقلبين على شرعية هادي، رغم الدعم الضخم المالي والعسكري المقدم لهم من التحالف العربي.

وبهذا الاختطاف لشرعية هادي، تسببت الشرعية بإعاقة التعافي في الجنوب الذي بدأ يتعافى منذ تحريره، وتخلصه من النفوذ العسكري الشمالي، وكذا النفوذ السياسي للمسؤولين المنتمين للأحزاب اليمنية الفاشلة.

ولكون الجنوب رفض الأحزاب منذ ظهور الحراك الجنوبي عام 2007، ويعتبرها شريكة في المعاناة والتدمير والنهب للجنوب، رفض الانصياع لتلك الأحزاب بعد تحريره، مما جعلها تمارس عبثا جديداً مستغلة شرعية هادي، ومستخدمة عصابات متعددة لغرض إشعال الجنوب بالصراعات والفتن والمواجهات، بعد أن أصبحت شرعية هادي مختطفة فعليا من حزب الإصلاح وقياداته، الذين غرسوا أتباعهم داخل وفي محيط هادي بوقت مبكر منذ صعوده للرئاسة، وهم اليوم يعبثون بشرعية هادي .

 

  • التحالف وشرعية هادي:

يظهر الخطاب الإعلامي لدول التحالف العربي، بتسميته ” تحالف دعم الشرعية ” فيما  يعرف سياسيا ودوليا بــ” التحالف العربي “، ورغم قوله أنه تدخل لإعادة شرعية هادي والدفاع عنها.

إلا أن سياسيين وخبراء وواقعية الأحداث تؤكد أن تدخل التحالف العربي كان من أجل هدف استراتيجي  وهو ” حماية الأمن القومي لدول الخليج ومنع إيران من السيطرة على عدن وباب المندب “، غير أن الحديث الإعلامي أعطى الشرعية زخماً في تدخل التحالف، كغطاء إعلامي فقط.

واليوم تحولت هذه الشرعية بحسب كثير من المراقبين، إلى معضلة في طريق التحالف، وسبباً في إعاقة التقدم شمالاً، بعد تخاذل قوات الإصلاح الملتبسة بالشرعية عن معركة صنعاء، وإعاقة الشرعية للنهوض بالجنوب لكي يكون نموذجاً إيجابيا للمحافظات المحررة .

 

أخبار ذات صله