fbpx
قيود مصرية على السفر: توسّع في منع مغادرة البلاد بلا إذن
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العربي الجديد

يبدو أن النظام المصري يسعى الآن، مع قُرب الانتخابات الرئاسية، لفرض سيطرته التامة على سفر المواطنين إلى الخارج، على غرار ما كان يحدث إبان فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إذ كان يتطلّب سفر أي شخص إلى الخارج تصريحاً من الأجهزة الأمنية، لمنع أي تسريب عمّا يحدث داخل مصر إلى خارجها والعكس.
ويستخدم النظام المصري الحالي لأجل ذلك وسائل عدة، آخرها كان القرار الذي أصدرته الهيئة الوطنية للصحافة والخاص بمنع سفر صحافيي الجرائد القومية إلى الخارج إلّا بإذن من الهيئة، وهو القرار الذي لاقى اعتراضات من الصحافيين في مصر.

ولم يكن قرار الهيئة المسؤولة عن الإعلام القومي في مصر الأول من نوعه، بل سبقه قرار أصدرته جامعة الأزهر يمنع سفر أساتذة الأزهر إلى الخارج من دون إذن أيضاً. لكن الأغرب، والذي لم يتم الكشف عنه رسمياً هو قرار رئيس مجلس النواب المصري علي عبد العال، بمنع سفر أي نائب إلى الخارج إلا بموافقة كتابية منه، وهو الأمر الذي أكده أكثر من نائب لـ”العربي الجديد”.

سلسلة قرارات المنع التي صدرت أخيراً بدأت من جامعة الأزهر، إذ كشفت مصادر أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعة فوجئوا في الثالث من يناير/ كانون الثاني الحالي، بإبلاغهم بقرار من قبل مجلس إدارة الجامعة يفيد بحظر السفر للخارج لأي دولة، إلا بعد الحصول على تصريح كتابي من الجامعة.

وأكد مصدر لـ”العربي الجديد”، فضّل عدم ذكر اسمه، أنّ الجامعة بالفعل اشترطت على أعضاء هيئة التدريس التقدّم بطلب رسمي للجامعة مرفق بصورة الرقم القومي والدولة التي يرغب في السفر إليها، إضافة إلى جدول أعماله خلال السفر، قبل موعد السفر بشهرين على الأقل. وأضاف المصدر أن قرار حظر السفر لم يقتصر على دول بعينها، بل شمل جميع دول العالم، مؤكداً أنّ تحقيق هذا الشرط صعب، إذ إن الدعوات التي يتلقاها الأساتذة للمشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية بالخارج، تأتي في الغالب قبل انعقاد المؤتمر أو الندوة بأيام قليلة، الأمر الذي يجعل الحصول على تصريح كتابي من الجامعة قبلها بشهرين، مستحيلاً.

ووصف نائب رئيس الجامعة، الدكتور أشرف عطية البدويهي، القرار بأنه “إجراء طبيعي، خصوصاً أنّ الإجراءات العادية التي تقتضيها ظروف العمل في أي جهة بالحصول على موافقة المصلحة على السفر، لم تكن تعطي الجامعة الفرصة القوية في ضبط مسألة سفر أعضاء هيئة التدريس”. وأكد البدويهي، في تصريحات صحافية، أن الجامعة لجأت لهذا القرار “من أجل إعطاء فرصة للجهات المعنية مثل الجهات الأمنية والإدارة الجامعية من التحقّق من طبيعة سفر عضو هيئة التدريس بالأزهر”، مضيفاً أنّ مسألة سفر أعضاء هيئة التدريس “ليست بالأمر العادي، لذلك فالجامعة تتخذ من القرارات والإجراءات ما يؤهّلها لضبط الأمر”.

وبعد قرار جامعة الأزهر بثلاثة أيام فقط، أصدرت الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة كرم جبر، القرار رقم 10 والذي يُلزم رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية ورؤساء التحرير ورؤساء الأقسام وجميع المحررين، بالحصول على موافقة مسبقة من الهيئة للسفر لعدد من الدول، وهي: “لبنان، سورية، فلسطين، تركيا، السودان، اليمن وليبيا”، وذلك في حالة السفر بصفة رسمية باسم المؤسسة.

وشدّدت الهيئة في قرارها على ضرورة إخطارها بالنسبة لسفر رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير سواء بدعوات رسمية أو زيارات وخلافه.

وقال بيان الهيئة الوطنية للصحافة إن “القرار يحظر على الصحافيين السفر باسم المؤسسات، في مهام صحافية، لبحث وسائل تأمينهم والحفاظ على سلامتهم وعدم تعرضهم للمخاطر”، وأكد البيان أنّ “القرار لا يمسّ من قريب أو بعيد حرية الصحافة، وإنما هدفه الحفاظ على سلامة الصحافيين”.

واعتبر الناشط في جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات، الصحافي حازم حسني، التضييق على صحافيي المؤسسات القومية “عجزاً من النظام عن احتمال الحرج السياسي الناجم عن انضمام صحافي في مؤسسة قومية إلى قنوات المعارضة في الخارج”. وقال في تصريحات، إن “قرار الهيئة الوطنية للصحافة يتسق مع قرار السلطات بمنع السفر إلى الدول المذكورة إلّا بإذن، ويخدم توجهات النظام للسيطرة على الصحافيين، باعتبار أن غالبيتهم يعملون في مؤسسات قومية”.
ويرى صحافيون في مصر أن القرار “يستهدف وضع الصحافيين تحت رقابة أجهزة الأمن حتى وهم خارج مصر، نظراً لقلق النظام الحاكم من تصاعد معارضة الصحافيين له، وسعيهم للخروج من مصر، للبحث عن فرصة عمل تسمح لهم بالتعبير عن آرائهم بحرية”.

وسافرت المذيعة في التلفزيون المصري عزة الحناوي إلى تركيا، وانضمت إلى قناة الشرق، وكانت قيد التحقيقات من جانب النيابة العامة بتهمة إهانة رئيس الجمهورية.

وأثارت الحناوي جدلاً واسعاً بعد انتقادها للرئيس عبد الفتاح السيسي في إحدى حلقاتها المذاعة على قناة “القاهرة” في التلفزيون المصري، وأحالتها النيابة الإدارية إلى المحاكمة التأديبية، وقررت عدم إسناد أعمال برامجية على الهواء لها، وذلك “بعد ثبوت قيام المذيعة بإهانة رئيس الدولة من خلال برنامجها”.

وتنصّ المادة 62 من الدستور المصري على أنّ “حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة… ولا يجوز إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه… ولا يكون المنع من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة في جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الأحوال المبينة في القانون”.
أما الوضع داخل مجلس النواب، فكما قال نائب ينتمي لما يعرف بـ”تكتل 25/30″، لـ”العربي الجديد”، فهو “أشبه بجهاز أمني كبير، حيث تتم مراقبة كل ما يصدر عن النواب من تصرفات أو مواقف، وتسجيلها بمعرفة رئيس المجلس علي عبد العال“. وأكد المصدر أنه خلال الفترة الأخيرة تم إرسال رسائل نصية على هواتف جميع النواب، تشير إلى منع سفر أي نائب إلى الخارج أو لقاء أي من الشخصيات الأجنبية حتى لو كانت في مصر، من دون إذن من رئيس المجلس. ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل تمّ التأكيد خلال الرسالة على منع مشاركة النائب في أي مؤتمر أو ندوة داخل أو خارج مصر إلا بإذن مسبق أيضاً.

أخبار ذات صله