fbpx
دور وكلاء إيران لتحقيق أطماعها في المنطقة
شارك الخبر

للكاتب/ عاطف الغمري

لم تعد إيران تخفي أطماعها تجاه دول عربية، بل إن إفصاحها عن هذه الأطماع، صار صريحاً وصارخاً على ضوء ما قاله الرئيس الإيراني حسن روحانى نصاً، «من أن أي إجراء في العراق، وسوريا، ولبنان، وشمال إفريقيا، ومنطقة الخليج، لا يمكن اتخاذه من دون رضا إيران».

وربما لا توحي خريطة التحركات الإيرانية في المنطقة، بأنها تتمتع بسيطرة كاملة على بعض هذه الدول التي تحدّث عنها روحاني، لكنّها تستطيع عن طريق حلفائها، ووكلائها، أن تملي عليهم ما يفعلونه سياسياً، وعسكرياً، في مناطقهم.

وطبقاً لما يقرّره الخبير الأمني في شؤون الشرق الأوسط، والتر بوك، وهو المؤرخ وعضو أكاديمية الدفاع الوطنية في فيينا، فإن سياسة إيران الخارجية، ومصالحها الاستراتيجية، تركز على الشرق الأوسط، لأن إيران تريد أن تكون قوة إقليمية، وليست مجرد دولة داخل حدودها الطبيعية، وهذا الطموح ليس جديداً عليها، لكنه مسار متصل من التدخلات الإيرانية في المنطقة منذ الخمسينات وحتى الآن.

وتتولّى إدارة تدخلات إيران بالوكالة By Proxy، شبكة من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، وهو ما يقوم به بالنيابة عنها حزب الله في لبنان، ومؤخراً الحوثيون في اليمن، ليصبحوا على شاكلة حزب الله.

ويتفق الخبراء المختصون بالدراسات الإيرانية، بأن السياسة الخارجية لإيران تتسم بفلسفة المذهب العملي Pragmatism. وهو ما يجعلها في مواقف مناقضة بين ممارسات هذا التوجّه العملي، والفكر الأيديولوجي، الذي يعبر عن الحكم في الدولة.

وقد بدا ذلك جلياً منذ الحرب العراقية -الإيرانية من 1980 – 1988، والتي تعاملت خلالها مع «إسرائيل» مباشرة، بناء على اتفاق بأن تقوم «إسرائيل» بدور التسوّق لمشتريات السلاح لصالح إيران، من دول العالم التي تبيعه.

وفي مجال خدمة هذا الاتفاق أقيم خط طيران مباشر بين «تل أبيب»، وبلدة بندر عباس في إيران، يستخدم للزيارات المتبادلة بين مسؤولي الجانبين. وتلك معلومات نشرتها كبريات الصحف البريطانية وقتها.

ويؤكد استمرارية ممارسة الخطين المتناقضين في السياسة الخارجية، ما عرف بفضيحة إيران – كونترا، أثناء حكم ريجان عام 1985. والتي تم بموجبها قيام «إسرائيل» سراً، ببيع أسلحة لإيران، كان قد فرض حظر عليها من جانب الولايات المتحدة. وتجاوزاً لعدم قانونية بيع أسلحة أمريكية لإيران، فقد تلقّى ريجان من وزير دفاعه كاسبر وينبرجر نصيحة بأن يتم «غسل هذه العملية»، عن طريق «إسرائيل»، بما لا يبقي مهمتهم مخالفة القانون الأمريكي.

وفي مناسبة مرور 25 عاماً على هذه الصفقة، نشرت في الولايات المتحدة وثائق، تؤكد صلة «إسرائيل» بها، وأن ضابط الموساد ديفيد كيمشى – المتستر تحت غطاء دبلوماسي – قد لعب دوراً رئيسياً في إتمام الصفقة. وهي التي طلبت «إسرائيل» بعدها من الولايات المتحدة، السماح لها ببيع عدد من الصواريخ المضادة للدبابات، لإيران. وقد وافق ريجان على طلبها.
كل هذه التحركات الإيرانية، كانت ضمن خطة تنفيذ أطماعها بخلق تواجد لها في دول المنطقة، ولم يكن يمنعها – في سبيل الوصول إلى هذا الهدف – التعامل المباشر مع أمريكا و«إسرائيل» – محاطاً بالسرية – رغم مواقفها العدائية المعلنة ليل نهار تجاهها.

إن طموح إيران بالتواجد الإقليمي في منطقة العالم العربي، لم تكن غائبة عن إطار العلاقات الأمريكية – الإيرانية، حتى في أشد لحظات توترها. ولم يمنع هذا من فتح قنوات اتصال غير رسمية بينهما خلال السنوات الماضية، لمحاولة احتواء العداء المعلن بينهما، وكانت إيران تشترط دائماً أن تعترف لها الولايات المتحدة بالتواجد الإقليمي في المنطقة، أي بالنفوذ الذي تمارسه عن طريق الوكلاء. لكن العقبة أمام ذلك، كانت دائماً تتمثل في أن كليهما يدير سياسته الخارجية بطريقة تعبّر عن استراتيجية تحمي مصالح أمنه القومي في المنطقة – حسب تعريفه لها من وجهة نظره – وبالطبع فإن الاستراتيجية الأمريكية، تضع منطقة الشرق الأوسط، على قمة أولويات سياستها الخارجية، بما يرتبط بها من التواجد الإقليمي، الذي لا تريد أن ينافسها فيه أحد.

أخبار ذات صله