fbpx
المؤتمر إرث صالح الذي يتنازعه الحلفاء الأعداء ” تقرير “
شارك الخبر

 

 

  • سيطرة حزب المؤتمر على موارد وثروات الدولة مكنه من إغراء الشريحة المؤثرة في المجتمع (الوجهاء – مشايخ القبائل) عن طريق منحهم المال والمناصب.

 

  • استغل الاشتراكي خلافات الاصلاح والمؤتمر، ليتسلل من هذا الشق، حاملا معه ارث كبيرا من الانتقام، فوظف امكانيات الاصلاح ومقراته لمواجهة حزب صالح سياسيا.

 

  • اراد المؤتمر اللعب على المتناقضات فشجع ( الشباب المؤمن ) على استعادة نفوذهم الزيدي في العمق الزيدي، إلا ان حركة الشباب المؤمن تحولت الى حركة مسلحة

 

  • بمقتل صالح زاد انقسام المؤتمر، ليظهر اربعة اقسام، إذ من الصعب على نجل صالح ان يعيد للمؤتمر نفوذه خاصة في صنعاء ومناطق شمال الشمال بعد ان سيطر عليها الحوثيين، وفي نفس الاتجاه يصعب على هادي اعادة بناء حزب المؤتمر، في ظل وجود نجل صالح الذي يسعى لإجراء محاولة اعادة انعاش حزب المؤتمر، ومثل ذلك يعتبر طرف المؤتمر التابع لبن دغر والملحق بشرعية هادي مجرد هامش ولا يكاد يذكر، ومثل ذلك فصيل المؤتمر الذي يوالي الحوثيين، اختار قياداته ان يبقوا تحت هيمنة الحوثيين وسطوتهم، وبالتالي التلاشي والذوبان داخل حركة الحوثيين.

حزب المؤتمر الشعبي العام، هو حزب الرئيس السابق الذي قتل مؤخراً ( علي عبدالله صالح ) أسسه في 24 اغسطس 1982م، عقب ثلاث سنوات من صعود صالح الى كرسي الحكم، والذي  استفرد من خلاله بمنصب الرئيس واحكم نفوذا سياسيا سواء في اليمن الشمال قبل الوحدة، ليزيد نفوذه منذ ما بعد غزو الجنوب عام 1994م، وحتى عام 2011.

ظل حزبا المؤتمر الشعبي العام متماسكاً بوجود صالح، وحتى بعد انتقال منصب الرئيس لعبدربه منصور هادي، نتيجة الولاء الفردي الذي تأسس حزب المؤتمر عليه منذ نشوءه، إلا انه بمقتل صالح صار حزب المؤتمر مقسماً مفتتاً وتعددت الاطراف المتنازعة حوله..

” يافع نيوز ” تستعرض في هذه المادة، تاريخ حزب المؤتمر الشعبي العام، منذ التأسيس وحتى وصوله الى مرحلة التلاشي والتنازع بين اطرافه المقسمة.

 

يافع نيوز –   خاص بالقسم السياسي لصحيفة  يافع نيوز  الورقية 

 

*نشوء حزب المؤتمر:

نشأ حزب المؤتمر الشعبي في ظروف سياسية ومواجهات كانت تقودها ( الجبهة الوطنية الديمقراطية ) في المناطق الوسطى باليمن والمدعومة من الحزب الحاكم في اليمن الجنوبي ( الحزب الاشتراكي اليمني).

واثارت الجبهة الوطنية قلق علي عبدالله صالح، الذي كان يسعى الى استتاب نظام حكمه الذي يشهد معارضة في مناطق الوسط، حيث حاول علي عبدالله صالح الاعتماد على تيار من اتباعه في مناطق الوسط اسمي حينها ( الجبهة الاسلامية ) التي تشكل منها فيما بعد ( حزب التجمع اليمني للإصلاح )، إلا ان نفوذ تلك الجبهة الاسلامية كان ضعيفاً بمقابل نفوذ (الجبهة الوطنية الديمقراطية)، ولم يحقق خلالها صالح مبتغاه.

في عام 1982  رعى امير الكويت الراحل الشيخ) جابر الأحمد الصباح(   لوقف المواجهات التي كانت تقودها الجبهة الوطنية، واقترح بعدها مباشرة مستشاري علي عبد الله صالح خطة لزيادة الزخم الشعبي في مناطق الوسط، واضعين في خطتهم عملية دمج تيارات سياسية مختلفة معارضة لنظام صالح، فكانت تلك بداية حزب المؤتمر الشعبي العام، حيث تم تشكيل حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة صالح، وانخرط فيه شخصيات بعثية واشتراكية وقيادات الجبهة الاسلامية، ليسيطر صالح على الوضع في مناطق الوسط، إلا ان هناك معارضة من قيادات اخرى بالجبهة الوطنية استمرت بعملها حتى عام 1990م وانتهت بعد ذلك واصبح كثير منهم ضمن حزب المؤتمر..

*مصادر تمويل حزب المؤتمر:

اتخذ علي عبدالله صالح، من حزب المؤتمر وسيلة للبقاء في منصب الرئيس، رغم التغني الشكلي باسم ( الديمقراطية  والتداول السلمي للسلطة ) والتي فرضتها ( الوحدة اليمنية ) كشرط من شروط تحقيق الوحدة اشترطها الطرف الجنوبي .

لكن سيطرة صالح على كرسي الرئاسة لمدة طويلة، جعله يسّخر كل مقدرات اليمن ومواردها لصالح حزب المؤتمر، فضلا عن استفراد الحزب بالتعيينات السياسية من وزراء وسفراء ووكلاء ومدراء عموم وحتى مدراء مديريات ومدراء مرافق تنفيذية.

 

*شراء الولاءات:

واستطاع حزب المؤتمر بقيادة صالح أن يستقطب زعماء القبائل، من خلال انفاق الاموال وشراء الولاءات.

كما أن سيطرة حزب المؤتمر على المصادر المالية مكنه من إغراء الشريحة المؤثرة في المجتمع (الوجهاء – مشايخ القبائل) عن طريق منحهم المال والمناصب، والتي اتاحت للمؤتمر في كسب مناصرين وان كانوا لا يدينون بالولاء السياسي للمؤتمر، إلا انهم المال جعلهم يؤيدونه في الانتخابات .

 

*الوحدة اليمنية:

كان صالح يقود مفاوضات مع قيادات دولة الجنوب، بشان الوحدة اليمنية، ورغم رفض قوى الشمال وبعض قيادات المؤتمر تحركات صالح، إلا ان هناك دوافع خارجية كانت تدفع الرجل للقدوم الى عدن من اجل بحث مسالة الوحدة اليمنية.

تم الاتفاق على توقيع الوحدة اليمنية، في 22 مايو 1990، وكان هناك حزبان في اليمن الجديد، هما ( الحزب الاشتراكي ممثل الجنوب – وحزب المؤتمر الشعبي العام ممثل الشمال)، إلا ان علي عبدالله صالح دفع بالشيخ ( عبدالله بن حسين الاحمر) لإنشاء حزب بغطاء اسلامي يكون دريفا لحزب المؤتمر من اجل مواجهة الاشتراكي وتشتيت انصار، وفعلا تم  حزب التجمع اليمني للإصلاح في غالبيته قيادات واعضاء من حزب المؤتمر، ولعب الاصلاح الدور المرسوم له في دعم صالح ومساندته في حرب 1994م، قبل ان يختلف الطرفان لاحقاً في نهاية التسعينيات.

*المؤتمر وحرب احتلال الجنوب 94:

تزعم حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس صالح أنذاك، حرب 94 على الجنوب، بمساندة حلفاءه حزب الاصلاح الذي كان يعتبر ( الجناح الديني )  للمؤتمر وقوة الحشد والتعبئة الدينية ضد الجنوب، وهو من اشرف على استقدام من تم تسميتهم بــ( المجاهدين العرب ) للجهاد ضد من تم تسميتهم ( الشيوعيين الجنوبيين ) حيث تم اصدار الفتاوى التكفيرية وتحليل الدماء، وكان المؤتمر يحرك الاصلاح ويستخدمه ضد الجنوب.

لعب المؤتمر دورا سياسيا كبيراً في توسيع نفوذه وشراء الولاءات واستقطاب الشخصيات، جنوبا وشمالاً، وبدأ يستفرد بالحكم على حساب شريكه في الحرب حزب الاصلاح.

تخلص صالح من شريكه بالحرب على الجنوب واستفراد حزب المؤتمر بالسلطة، ليتحول الاصلاح الى حضن الحزب الاشتراكي الذي قاتله واصدر بحق قياداته فتاوى تكفير وتحليل الدم، وذلك من اجل مواجهة صالح ونفوذه بالحكم.

*انتخابات 1993م:

تقرر عقد اول دورة انتخابية لمجلس النواب اليمني  في نوفمبر 1992، لكنها تأجلت الانتخابات إلى 27 أبريل 1993 ، وتعتبر هي اول انتخابات تجرى بعد الوحدة اليمنية  وشهدت صدامات مسلحة تزامنت مع فرز النتائج في محافظات شمال شمال اليمن.

حصد حزب المؤتمر الشعبي العام 121 مقعداً بنسبة 28.7% من أصل 301 مقعداً، يليه الحزب الجديد التجمع اليمني للإصلاح 63 مقعداً، ومن ثم الحزب الاشتراكي 56 مقعداً، ومثلت هذه الانتخابات نهاية الحزب الاشتراكي الذي كان يمثل الشريك بالنصف باعتباره ممثل عن الجنوب، وتمت هذه الضربة للاشتراكي لعد ادراك الاشتراكي لمعيار الكثافة السكانية في الشمال التي تقاسمها حزبي المؤتمر والاصلاح بناء على اتفاق بينهم .

 

*انتخابات 1997م:

وفي انتخابات مجلس النواب عام 1997م،  سيطر حزب المؤتمر الشعبي العام بغالبية الانتخابات، نتيجة مقاطعة الحزب الاشتراكي لتلك الانتخابات، واستفراد المؤتمر والاصلاح بها، والذين عملا على الدفع بمرشحين مستقلين لخوض الانتخابات لكنهم يوالون اما حزب المؤتمر او الاصلاح.

اتفق علي عبد الله صالح مع قيادات حزب الإصلاح على إغلاق 129 دائرة إنتخابية من أصل 301، وهو ماسمح لحزب المؤتمر بخوض الإنتخابات دون منافسة من حزب الإصلاح في 84 دائرة إنتخابية، وسمح للإصلاح بخوض الإنتخابات في 45 دائرة إنتخابية دون منافسة من حزب صالح .

فاز حزب المؤتمر بــ 187 مقعداً ما يعادل 43.1% من إجمالي المقاعد، يليه حزب التجمع اليمني للإصلاح ب53 مقعداً بنسبة 23.4%. وبالمقارنة مع الانتخابات السابقة في 1993 كسب المؤتمر 55 مقعداً جديداً، أما حزب الإصلاح فخسر 10 مقاعد، وتولى رئاسة مجلس النواب عبد الله بن حسين الأحمر.

وبعد الإنتخابات انضم 39 من أعضاء البرلمان المستقلين إلى حزب المؤتمر الشعبي العام ، و10 انضموا إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح. حيث كانت فكرة خوض المرشحين المستقلين مجرد حيلة لاضفاء ديمقراطية شكلية على الانتخابات بعد مقاطعة الاشتراكي لها.

 

 

*الإنتخابات الرئاسية عام 1999

 

في انتخابات الرئاسة 1999م، كانت تلك الانتخابات هي اول انتخابات رئاسية تشهدها ( الجمهورية اليمنية ) بعد الوحدة اليمنية، وترشح علي عبد الله صالح كمرشح لحزب المؤتمر والإصلاح وتم الدفع بمرشح وهمي امام صالح، هو  نجيب قحطان الشعبي المنحدر من الجنوب والموالي لحزب المؤتمر.

وقرر حزب الاصلاح انتخاب صالح كرئيس في تلك الانتخابات، واجريت الانتخابات في 23 سبتمبر 1999  وحصل علي عبد الله صالح على 96.3% بالمائة من أصوات الناخبين، بينما حصلنجيب قحطان الشعبي على 3.7% فقط.

 

 

*انتخابات المجالس المحلية  2001م:

عُقدت أول إنتخاباتللسطة المحلية عام 2001، رغم أنها كانت أحد مطالب الحزب الإشتراكي منذما بعد توقيع الوحدة اليمنية، وهي إنتخابات السلطة المحلية تعني إنتخاب أعضاء المجالس المحلية فقط، ويبقى للرئيس سلطة تعيين كبار المسؤولين في المحافظة ورؤساء هذه المجالس، وذلك كانت حيلة من حزب المؤتمر للسيطرة على الحكم المحلي، وبهذا سيطر حزب المؤتمر على المجالس المحلية.

كانت اجمالي المقاعد في هذه الانتخابات 7000 مقعد محلي، وحصل المؤتمر الشعبي الحاكم على 3771 مقعدا بنسبة 61%.

 

*انتخابات مجلس النواب 2003:

أجريت الانتخابات في 27 أبريل 2003، بعد تأجيلها منذ 2001، وأكتسح فيها المؤتمر الشعبي العام المجلس بــ238 مقعداً من أصل 301 مقعد، وبنسبة 58% من الأصوات، فيما فاز حزب الاصلاح بــ46 مقعداً، فيما حصل الاشتراكي على 8 مقاعد، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري على 3 مقاعد، وحزب البعث الاشتراكي على 2 مقاعد، وحصل المستقلين على 4 مقاعد.

وجدد حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح اختيار عبد الله بن حسين الأحمر مرشحا لرئاسة مجلس النواب. وهي اخر انتخابات نيابية عقدت في اليمن، ولم يستطع نظام صالح الحاكم اقامة الانتخابات النيابية نتيجة بروز مشاكل عديدة باليمن منها ( حروب صعدة ) ومن صم ( الحراك الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب وانهاء الوحدة اليمنية.

 

*الإنتخابات الرئاسية عام 2006:

في الانتخابات 1999،  أعلن صالح في 17 يوليو 2005 أنه لن يرشح نفسه للرئاسة في الانتخابات القادمة،  وأكد مجددا على قراره في 21 يونيو 2006 بينما كان يلقي خطابا على أعضاء حزبه. وحشد المؤتمر انصاره وأعضائه لمطالبة صالح باعادة ترشيح نفسه، واستجاب صالح لذلك في 24 يونيو 2006 أنه سيرشح نفسة في الانتخابات .

ترشح علي عبد الله صالح لحزب المؤتمر الشعبي العام، فيما كان ابرز مرشح هو المدعوم من  تكتل أحزاب اللقاء المشترك المهندس ) فيصل بن شملان   (إلا ان احد اكر احزاب المشترك كان يؤيد بن شملان شكلياً فيما دعا انصاره الى انتخاب صالح ليكون رئيساً.

أجريت الانتخابات في 20 سبتمبر 2006، واعلن  فوز علي عبدالله صالح بنسبة 77.2% وحصول فيصل بن شملان على نسبة 21.8% من أصوات الناخبين، وأدلى صالح اليمين الدستورية لولايته الرئاسية الجديدة في 27 سبتمبر 2006.

تلك الانتخابات كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ كانت تشكل آخر أمل لدى الجنوبيين في تغيير واقع، وانتقال السلطة من محتكريها وعلى رأسهم صالح، إلا ان فوز صالح تسبب بانتهاء الامل وبدأ الجنوبيين يحضرون لثورة شعبية واحتجاجات بدأت بتصالح وتسامح جنوبي عن احداث الحرب الاهلية 86، وذلك باجتماع من جمعية ردفان بعدن، لتبدأ بعدها موجة احتجاجات حقوقية من المتقاعدين الجنوبيين المدنيين والعسكريين الذين احالهم صالح للتقاعد القسري بعد انتصار قواته على الجنوب عام 94م.

 

*دور الاشتراكي في اضعاف المؤتمر:

لعب الحزب الاشتراكي اليمني دورا كبيرا في مواجهة حزب المؤتمر الشعبي العام، بعد ان تمكن المؤتمر من القضاء على الاشتراكي وازاحته من المشهد كشريك يمثل الجنوب في الوحدة اليمنية.

رأى الحزب الاشتراكي نفسه غريقاً، لا مقرات ولا مصادر تمويل، امام مواجهة حزب يستفرد بالسلطة والثروة ويوظفها سياسيا لصالح انشطته، فعمل بدهاء سياسي على اتخاذ سياسة النفس الطويل.

واستغل الاشتراكي خلافات الاصلاح والمؤتمر، ليتسلل من هذا الشق، حاملا معه ارث كبيرا من الانتقام، فوظف امكانيات الاصلاح ومقراته لمواجهة حزب صالح سياسيا.

استخدم الحزب الاشتراكي حزب الاصلاح الذي اختلف مع المؤتمر عقب ازاحته من الحكم بعد استخدامه كورقة من المؤتمر في الحرب على الجنوب، لينتقل الى حصن الاشتراكي ويلعب لعبته بورقة الاصلاح في مواجهة المؤتمر الشعبي برئاسة صالح.

وشكل الاشتراكي مع ستة احزاب اخرى بينها ( حزب الاصلاح ) ما سمي ( تكتل احزاب المشترك ) التي كانت تشكل واجهة المعارضة لنظام صالح وحزبه الحاكم، وكانت تلك هي فكرة القيادي الاشتراكي الشمالي ( جار الله عمر ) الذي تم اغتياله اثناء حضوره مؤتمر لحزب الاصلاح.

فوسع الاشتراكي الشقاق بين الاصلاح والمؤتمر، وعاد للحياة السياسية بقوة بعد ان كان حزباً هامشياً، ووضع العراقيل تلو العراقيل امام صالح وحزبه، وصولا إلى ضرب حزب صالح واظهاره فاشلا من خلال مشاريع ومبادرات قدمها الاشتراكي عبر تكتل المشترك، تدعو لإصلاحات سياسية في نظام الحكم، مستغلا الفساد الذي تغلغل داخل حزب المؤتمر.

*اشتداد الازمة السياسية بين الاحزاب:

دخلت اليمن في حوار وطني بقيادة هادي وفق المبادرة الخليجية، ولم يمثل الجنوب فيه، رغبة لصالح والاصلاح والحوثيين  ” قوى الشمال” ومعهم هادي وفصيله بالمؤتمر والذين سعوا جميعهم لتهميش الجنوب، وتحاورت الاطراف التي تعد هي حليفه في نفس الوقت متصارعة سياسيا.

وكان الوقع السياسي اليمني يشهد تأزما، نتيجة اشتداد الازمة والخلافات، وابقاء قضايا رئيسية دون حل، بل تجاوزها في غالب الاحيان، منها حركة الحوثيين التي ظهرت بقوة بعد الحروب الستة في صعدة.

وكان في الجنوب الحراك الجنوبي يشكل القضية السياسية الاولى امام نظام حكم صالح واحزاب المعارضة، إذ ان تلك القضية كانت خارج اطار الصراع بين الاحزاب المعارضة وحزب المؤتمر الحاكم.

وعقب 2011 جائت المبادرة الخليجية كحل للاطراف السياسية والحزبية اليمنية المتصارعة على الحكم، حيث استغلت احزاب المعارضة ثورة وتضحيات شباب فبراير، للوصول الى مناصب في حكومية متخلية عن دماء وتضحيات شباب ثورة فبراير 2011.

تسلم هادي الحكم خلفا لصالح، وفق المبادرة الخليجية، وبدأت الاطراف تسير وفق المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية التي نصت على فترة انتقالية ومن ثم حوار وطني تليه انتخابات رئاسية وبرلمانية.

أدت نتائج الحوار التي لم يقتنع بها الاطراف رغم توقيعهم عليها، الى زيادة الخلافات السياسية وانسداد الافق السياسي، وبروز مؤشرات عن الدخول بحرب شاملة، حيث بدأ المشهد السياسي حينها، بين حلفين اثنين احدهما ( فصيل هادي بالمؤتمر والاصلاح ) والاخر ( فصيل صالح بالمؤتمر والحوثيين) .

 

*خلافات صالح وهادي داخل المؤتمر:

عقب اندلاع احداث 2011 وخروج شباب ثورة فبراير للتظاهر من اجل اسقاط نظام علي عبدالله صالح، ضمن موجة ما اسميت ( الربيع العربي )، كان حزب المؤتمر الشعبي امام أزمة قوية لتخلي رئيسه ورئيس اليمن عن الحكم.

وافق حزب المؤتمر بعد مفاوضات ومباحثات على تولي نائب الرئيس صالح أنذاك عبدربه منصور هادي منصب رئيس الجمهورية، والذي كان يشغل نائب رئيس حزب المؤتمر والامين العام للحزب .

ورشح المؤتمر الشعبي العام واحزاب المشترك هادي كرئيس وحيد وتوافقي للفترة الانتقالية بالرئاسة، لإضفاء الشرعية على رئاسة هادي التي تسلمها وفقا للمبادرة الخليجية واليتها التنفيذية.

وبعد تكثيف هادي للتغييرات التي شملت اتباع صالح داخل الجيش والمناصب الحساسة، شعر علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر ان هادي اصبح بأيدي حزب الاصلاح، يتحكمون بقراراته وينفذونها انتقاما من المؤتمر، ويعملون على تغيير اقارب صالح داخل الجيش ونظام الحكم الذي تولاه هادي.

بدأت الخلافات تدب الى حزب المؤتمر الشعبي العام، وقرر حزب المؤتمر الشعبي في نوفمبر 2014 عزل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من منصب نائب رئيس حزب المؤتمر وأمينه العام، وتم اختيار القيادي بالحزب عارف الزوكا، وهو أحد أبرز اتباع صالح، بديلا عن هادي في منصب الأمين العام، عُين أحمد بن دغر نائبا لرئيس المؤتمر.

وتسبب الامر بانشقاقات حزب المؤتمر الى فصيلين ( فصيل تابع لصالح ) واخر ( فصيل تابع لهادي ) لتبدأ مرحلة الانشقاقات داخل المؤتمر.

 

*دور المؤتمر في تشجيع الحوثيين:

يعود دعم حزب المؤتمر الشعبي العام للحوثيين، الى الثمانيات، حيث كان يهدف هذا الدعم الى تفكيك حزب المؤتمر لحزب ( الحق ) الذي كان يخشى المؤتمر الشعبي العام، أن يمثل حزب الحق المناطق الشمالية الزيدية، على حساب شعبية وتواجد المؤتمر الشعبي العام.

فصعدة تعتبر معقل الزيدية الرئيسية في اليمن، وكان تقديم المؤتمر الدعم للحوثيين او من سموا في بداية تشكلهم بــ( الشباب المؤمن ) عبر شخصيات حوثية ظلت تنتمي للمؤتمر الشعبي العام حتى وقت قريب ( ما بعد حروب صعدة ).

وعلى النقيض من ذلك لعب المؤتمر بالمتناقضات كما هو عهد صالح، فقام بدعم الحوثيين للتأثير على نفوذ السلفيين الذي تدعمهم المملكة العربية السعودية وأنشأت لهم مركز في منطقة دماج بصعدة، كان يديره العلامة ( مقبل بن هادي الوادعي).

اراد المؤتمر اللعب على المتناقضات فشجع ( الشباب المؤمن ) على استعادة نفوذهم الزيدي في العمق الزيدي، إلا ان حركة الشباب المؤمن تحولت الى حركة مسلحة بقيادة ( حسين بدر الدين الحوثي ) والتي دخلت في حروب ستة مع نظام صالح منذ العام 2004 وحتى 2007م، وقتل حسين الحوثي في اول حرب عام 2004م ليخلفه اشقاءه في قيادة الحركة المسلحة.

وعقب التطورات السياسية وتسلم هادي كرسي الرئاسة، وعقب الانتهاء من مؤتمر الحوار اليمني، شعر المؤتمر ان نفوذه يتقلص وان فصيل المؤتمر التابع لهادي يتمدد على حساب تاريخ حوب المؤتمر قبل انشقاق الى نصفين.

شجع المؤتمر الحوثيين على النفوذ داخل صنعاء، تمهيداً لمخطط الاطاحة بهادي واعادة صالح للحكم، وفي نفس الوقت اعادة المؤتمر لنفوذه، إلا ان التطورات كانت اكبر والمخطط اكبر مما تصوره المؤتمر، إذ ان جماعة الحوثيين تحظى بدعم ايراني وتسعى للسيطرة على اليمن وفقا ومشروع ايران للتآمر على دول الخليج  وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والتي كان نفوذها في اليمن قويا عبر هايدي الذي أوصلته للحكم مزيلة بذلك نفوذ الحكم الزيدي عن اليمن، ليكون هادي اول رئيس شافعي يحكم اليمن منذ مئات السنين.

 

*تحالف حزب المؤتمر تيار صالح مع الحوثيين:

بدأ تحالف صالح والحوثيين، عام 2014، بالتشكل لاعادة بناء القوة، ومكن حزب المؤتمر الحوثيين من معسكرات في صعدة وعمران، ليبدأ تنفيذ المخطط في سبتمبر 2014م، بدخول الحوثيين صنعاء، عقب احتجاجات ضد الحكومة وما اسميت ( الجرعة ) والتي كانت حجة لبداية تنفيذ مخطط الانقلاب على هادي .

كان تحالف المؤتمر فصيل صالح والحوثيين اشبه بتحالف النقيض، غير ان صالح اراد منه استخدام الحوثيين لضرب هادي والاصلاح والعودة للسلطة، في حين استغل الحوثيين تحالفهم مع صالح لاستخدام قواته واسلحته التي يسيطر عليها، في تمكين انفسهم من السيطرة على صنعاء، ومن ثم التخلص من صالح.

 

 

*الحرب كنتيجة طبيعية لحوار فاشل:

يتحدث تاريخ اليمن السياسي، ان الاطراف الشمالية الحزبية لا يمكن ان تكون جادة في المعاهدات والاتفاقيات، وان وافقت ووقعت على تلك الاتفاقيات، إلا انها لا ترضى الا بما تريد، وظهر ذلك جلياً في اتفاقيات الوحدة التي تم نقضها والخروج عنها من قبل الطرق الشمالي بقيادة المؤتمر الشعبي العام.

تلت ذلك النقض لاتفاقيات الوحدة، نقض اتفاقية العهد والاتفاق، وصولا لتفجر حرب 94، ومن بعدها عشرات الاتفاقيات التي وقعت بين الاطراف والاحزاب السياسية التي ما تلبث أن يتم نقضها للعودة الى مربع الخلاف الاول.

 

وكانت مرحلة ما بعد الحوار الوطني اليمني الذي قادة هادي، كاول حوار يمني في تأريخ البلد المليء بالأزمات، إلا ان مخطط الاطاحة بهادي كان ناضجاً من قبل تحالف ( المؤتمر والحوثيين) فتم تنفيذه مع نهاية العام 2014، واعتقل هادي وحكومته، وسيطر الحوثيين بتسهيل من حزب المؤتمر على صنعاء ومعسكراتها ومقرات الوزارات.

 

*عاصفة الحزم وتوسع الانشقاق داخل المؤتمر:

مع توجه الحوثيين وحليفهم حزب المؤتمر صوب عدن، كانت عاصفة الحزم جاهزة لردعهم بالتزامن مع تصدي المقاومة الجنوبية لهم.

وجراء ذلك زاد الانشقاق داخل حزب المؤتمر فكان تيار هادي مؤيدا لعاصفة الحزم التي استدعاها هادي كغطاء، بينما كان تدخل التحالف العربي ضرورة ملحة لخطورة التمدد الحوثي صوب باب المندب وعدن، غير ان فصيل المؤتمر التابع لصالح ظل الى جانب الحوثيين.

ويقول مراقبون ان صالح كان يلعب لعبته لتوريط الحوثيين في حرب طويلة واستنزافهم، حتى ينتفض عليهم يوما ما داخل صنعاء، بعد تفاهمات سيجريها مع التحالف العربي.

 

*خلافات مؤتمر صالح والحوثيين:

دبت الخلافات بين الحوثيين وحليفهم مؤتمر صالح، جراء التنافس على تولي المناصب الكبيرة في حكومة الانقاذ التي شكلها الحوثيين وصالح بالتناصف لإدارة شؤون المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم في الشمال.

الا ان الخلافات توسعت وبرزت صدامات مسلحة بين الطرفين، كان سرعان ما يتلم تلافيها بوساطة قبلية.

 

*المؤتمر بعد مقتل صالح على ايدي الحوثيين:

قتل علي عبدالله صالح على ايدي حلفاءه الحوثيين بعد دعوته لأنصاره للانتفاضة بوجه الحوثيين، إلا ان دعوة صالح قوبلت بتخاذل، ليستغل الحوثيين الامر ويضربوا ضربتهم التي كانت ابرزها مقتل صالح وعدد من قيادات حزبه المؤتمر بينهم ( عارف الزوكا ) الامين العام لحزب المؤتمر وقيادات اخرين.

وبمقتل صالح الذي ارتبط حزب المؤتمر به منذ تأسيسه، ظهر حزب المؤتمر مقسماً وتتنازعه عدة اطراف، وجميعها اطراف تجعل من المؤتمر ضعيفاً ومجرد هامش في الخارطة السياسية اليمنية التي تغيرت بشكل كامل.

 

*مآلات حزب المؤتمر:

طالما كان حزب المؤتمر هو الحزب الاكبر في اليمن، والذي ظلت اطراف ثلاثة تتنازعه منذ تطورات الحرب وعاصفة الحزم هي ( طرف صالح الرئيسي – طرف هادي – طرف احمد بن دغر الذي التحق بالشرعية وعينه هادي رئيس للوزراء في حكومة الشرعية ).

إلا انه بمقتل صالح زاد انقسام المؤتمر، ليظهر ان الحوثيين يمتلكون قسماً منه، من خلال ولاء قيادات مؤتمرية للحوثيين، ويعتقد انها عملت على تنفيذ مؤامرة قتل الحوثيين لصالح.

وبعد مقتل صالح، ظهر نجله احمد علي بالتزامن مع دعوات داخلية وتوجهات خارجية، ليكون احمد خليفا لأبيه في قيادة المؤتمر، ومواصلة مشوار الانتفاضة على الحوثيين الذين تمكنوا من احكام قبضتهم على صنعاء بعد تصفية صالح وعدد من قيادات حزبه .

واليوم اصبح حزب المؤتمر مقسماً بين أربعة اطراف، جميعها تحاول ان تظم الاطراف الاخرى اليها، فيما طرف المؤتمر التابع للحوثيين اصبح غير قادر على الفكاك، وان حاول الفكاك فسيكون مصير قياداته التصفية والقتل او الاعتقال.

 

*مصير حزب المؤتمر:

بعد ان اصبح حزب المؤتمر مثل كيكة تتقاسمها عدم اطراف، بات من الواضح انه يسير نحو التلاشي، إذ من الصعب على نجل صالح ان يعيد للمؤتمر نفوذه خاصة في صنعاء ومناطق شمال الشمال بعد ان سيطر عليها الحوثيين.

وفي نفس الاتجاه يصعب على هادي اعادة بناء حزب المؤتمر، في ظل وجود نجل صالح الذي يسعى لإجراء محاولة اعادة انعاش حزب المؤتمر، ومثل ذلك يعتبر طرف المؤتمر التابع لبن دغر والملحق بشرعية هادي مجرد هامش ولا يكاد يذكر، ومثل ذلك فصيل المؤتمر الذي يوالي الحوثيين، اختار قياداته ان يبقوا تحت هيمنة الحوثيين وسطوتهم، وبالتالي التلاشي والذوبان داخل حركة الحوثيين.

أخبار ذات صله