fbpx
من دور الجلاد إلى دور الضحية !!

د. عيدروس نصر
ما زلت أتذكر ذلك الزمن الذي كنا نخوض فيه الحوارات مع الإخوة في حزب المؤتمر الشعبي العام، عندما كان حاكما أوحد، وكنا نتحدث فقط عن إزالة آثار حرب 1994م على الجنوب، وإعادة حقوق الناس المنهوبة وإعادة الناس إلى أعمالهم.
كان الإخوة في حزب المؤتمر يردون بتعالي المنتصر الذي لم يهزم ويعتقد أنه لن يهزم قط: إنتم (والحديث موجه إلى ممثلي الحزب الاشتراكي) تتلذذون بتقمص دور الضحية، ويعلم الله أن آخر ما كان يمكن التفكير فيه هو الأذى الذي ألحق بالحزب كحزب، فقد كان الهم الأكبر يتوجه نحو رفع المعاناة عن الناس في مناطق الجنوب وهم الضحايا المباشرون لتك الحرب اللعينة، التي التهمت أحلام الناس وطوحت بكل لحظة جميلة في حياتهم، وأوصلت البلد إلى ما وصلت إليه من خراب ودمار وانهيار.
اليوم تدور الدائرة وينتقل حزب المؤتمر الذي طالما تلذذ بدور الجلاد إلى الضحية، مع الفارق، ولله في خلقه شؤون أنه يلقى من قبل ضحاياه ما لم يلاق هؤلاء الضحايا ربعه أو ثمنه من التضامن.
شخصيا أعلن رفضي المطلق لكل أشكال القمع والتنكيل السياسيين، الموجهين ضد المواقف والقناعات السياسية حتى وإن كنت أخالف هذه المواقف وتلك القناعات، لكن السؤال هو هل سيعي الإخوة في قيادات المؤتمر (أو من تبقى منهم)، معنى أن تكون ضحية؟ وعلى وجه الخصوص، هل سيميزون بين معاقبة الشعب ومخالفة الأقران السياسيين؟ وهل سيتعلمون كيف سيتعاملون مع مخالفيهم بندية واحترام؟ وهل سيتعلمون كيف يفصلون بين الجهاز الأمني والممارسة السياسية؟ وهل سيتعلمون كيفية الفصل بين الحزب وجهاز الدولة؟
أتمنى ذلك ونحن سنتضامن معهم، ولكن ليكونوا مواطنين أسوياء لهم نفس الحقوق التي لكل مواطن وعليهم نفس الواجبات التي عليه، وليس لأنهم أنصار الرئيس السابق أو لأنهم يرغبون أن يعودوا إلى الحكم ليمارسوا دور الجلاد من جديد بعد أن انتقلوا إلى مكان الضحية.