fbpx
عن الصحافة وأشياء أخرى

شدني للغاية الإجراء التعسفي الذي طال حجب وسائل التواصل ومشهد الصحفيين وهم ينافحون عن حرية الصحافة أمام الخطر الكبير الداهم.. تكميم الأفواه ومصادرة حرية الكتابة والرأي والتي بدأت خطوات تمريرها كما أحس ففي هذا الإقدام الجبان الذي يستهدف مزيداً من التضييق على الحريات الصحفية والمواقع الإعلامية بل وهذه المرة تكبيل حتى الوسائط الإلكترونية التي باتت لغة العصر ومستقبل الإعلام.. الجماعة يصيغون توجهاتهم عكس عقارب الساعة في كل العالم تنمو القوانين والإزدهار العلمي وتتطور في الإتجاه الذي يعزز مكاسب الشعوب بل ولا تبتدر مشروعات القوانين الجديدة أو التعديلات إلا بفعل ضاغط جماهيري يدفع نحو مزيد من المصالح الوطنية..

لكن في مركزية الحوثي تبدو الصورة مقلوبة ومعصودة القوانين وقرائن الأحوال المحيطة بالصحافة والإعلام  تتدحرج نحو مزيد من الكوابح وأخشى قريباً أن يأتي يوم تصبح فيه الكتابة الصحفية ضرباً من المخاطرة الجسيمة.. بكثرة التربص ” “البدائي “وإعادة إحياء التراسل الجاهلي .. هنا في عدن العاصمة المؤقتة للبلاد كنا نعيش حالة حصار لحرية الصحافة والإعلام إلى قبيل حرب مارس بعدها أتاحة السلطات الجنوبية هامشا عريضا لممارسة الحريات دون قيود وهو الأمر الذي إستغله بعض المرتزقة وأصبح الواحد منهم ناقدا للصواب وهادما للحقيقة وذلك حسب الدفع أو الترقية إلى سبل عيش رغيد أو مقابل مركبة فارهة يقودها حيثما يحل الدور الإيجابي لقيادة البلاد ليعكسه سلبا لتأليب الشارع وتهييج المرجفون الذين يسعون العبث ويضربون كل جميل يحفظ مصالح الشعب وأي عبث يدافع عنه الرخاص كعبث الدماء والأشلاء التي تطايرت في أنحاء متفرقة من المدينة وراح ضحيتها أبرياء .. 

تبذل السلطات ممثلة بالقيادة المحلية في الجنوب وفي عدن تحديدا كونها منبع العلم والثقافة ومنها تصدر كبرى صحف البلاد -صحيفة الأيام – الأهلية تبذل جهداً كبيراً في سبيل تنوير الوعي وتنشيط دور الصحافة الجنوبية وإستعادة ريادتها وشهرتها إلى الطبقات المثقفة والوسط الجماهيري الواسع في الداخل والخارج الذي حارب منافذ شراينه وجفف منابعه النظام السابق بالحديد والنار وإعتقال عدد كبير من النشطاء والكتاب وأصحاب الرأي ومصادرة حريتهم وإيداعهم الأقبية المظلمة .. لم يدر بخلدي يوماً أن تحتضن اليمن صحافة محلية مهيمنة كهيمنة القرار السيادي والمصير السياسي ولا تجد غضاضة في الإعلان عن عنصريتها وأحاديتها في تطويع الكلمة وتحنيط مصداقيتها بحرب إعلامية سلاحها الحجب وتعطيل المواقع بإستخدام وسائل متعددة تتيح لهم التحكم وإيقاف نشاط الأخبار والأحداث  .

إن كنا ندرك أسباب الإساءة لليمن ممن هم غير يمنيين وأجانب لا صلة لهم ولا إنتماء لهذه الأرض التي أحتضنت مختلف الطوائف والأديان والجنسيات على مدار التاريخ إلا أن ما هو ليس في الحسبان والإدراك أن يسيء إليها أبناؤها بتحريكهم كأدوات للمد الخارجي في جانب آخر لم يكن ليخطر في مخيلتي أن يتدنى الإعلام في اليمن إلى مستوى يسمح لأن تحتضن الصحافة اليمنية أناسا يَدّعون أنهم “صحفيون” و”كتّاب” مقالات وهم يمارسون الكتابة بأسلوب حديث المقاهي والتباهي وأحاديث الملالي والإملاءات الخارجية.. أناس يعلنون عن تطاولهم على الحقائق ويعاندوها عندما تكون فاضحة للواقع الطائفي الذي يتبنوه ويدعموه وينفخون في ناره رغم محاولاتهم بإنكاره وإخفائه خلف مظاهر ولبوس الورع والتدين.. وخصوصاً عندما لا تتناسب عمق تلك الحقائق مع قدراتهم “الثقافية” والمهنية المزيفة.. والأغرب من هذا وذاك أن هؤلاء ليس بقدرتهم وهم يقومون بالدفاع عن توجهاتهم الطائفية والمذهبية ذات التوجه الشيعي التي لم يعد يجدي التنكر منها لم يعد بقدرتهم تشويه أو إنكار الحقائق ولو قليلاً لقصورهم السياسي والمهني والمعرفي في الغوص في قضايا بحاجة لإمكانيات معرفية وثقافية عالية وملكات حرفية أصيلة والأهم من كل ذلك إمتلاك القدر الكافي من سعة الأفق والإطلاع والمقدرة على التجرد من الولاء العصبوي الحاقد والإنتماء المذهبي الأعمى على حساب الولاء للإسلام وعلى حساب الولاء للوطن .