fbpx
إن الله لا يغير ما بقوم كتب/عروبة المنيف
شارك الخبر

يحكى أن إمبراطوراً كان يحكم مملكة مترامية الأطراف، وخرج في أحد الأيام بجولة برية طويلة جداً، وعندما عاد وجد أن قدميه قد تورمتا من المشي في الطرق الوعرة لمسافات طويلة، فأصدر مرسوماً يقضي بذبح مائة ألف بقرة لاستخدام جلودها في تغطية جميع أرجاء البلاد، ولكن أشار عليه أحد الحكماء من مستشاريه بذبح بقرة واحدة فقط لصنع حذاء للامبراطور من جلدها فكانت فكرة صناعة الأحذية وإنقاذ آلاف الأبقار التي يعتاش الناس على غذائها في المملكة.

العبرة من القصة هي، أن الامبراطور فكر في تغيير بلاده كلها لأنه الخيار الأسهل، وهذا يحصل معنا دوماً فنحن دوماً نفكر في تغيير الآخرين لأنه أسهل بكثير من تغيير أنفسنا، ولكن في الواقع، من الأجدى تغيير أنفسنا أولاً، فقد قالها تولستوي “كل إنسان يحلم بتغيير العالم لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه”

يعتقد الكثيرون أنه من السهل تغيير سلوكيات الآخرين وتوجهاتهم، فعندما نقول لأحدهم “أوقف التدخين فهو ضار بصحتك”، فإذا كان القلق على صحته لا ينبع من داخله فهو لن يتوقف عن التدخين مهما كررنا المحاوله، لذلك ليس من السهل تغيير الأشخاص أوسلوكياتهم عندما تكون غير متوافقة مع توجهاتنا، لكن من الممكن أن أكون سبباً في جعل أحدهم يتغير. بشكل عام، عندما أواجه برغبة في محاولة تغيير الآخر أضع نفسي أمام خيارين، إما أن أتقبل ذلك الآخر كما هو، أو أتجنبه وأبتعد عنه. ولكننا نحب أشخاصاً بشكل كبير وحتى لا نخسرهم نحاول تغييرهم لنواجه بالإحباط والفشل، لذلك هناك خيارات أكثر واقعيه تجلب السلام والاطمئنان، أولها: تغيير ردة أفعالنا تجاه تصرفات الآخرين؛ فنحن دوماً نقابل أشخاصاً يثيرون فينا خيبات الأمل ويفاجئونا بسلوكيات لا ترضينا، الحل يكمن هنا في أن نبحث عن الجانب المضيء فيهم وتغيير ردة أفعالنا حيالهم متتبعين طريق السلام، خيار آخر يكمن في تغيير نوايانا، فعوضاً عن تمني تغيير من حولنا، لنبدأ بأنفسنا، فمحاولة تغيير النفس عملية صعبة حتى مع أبسط الأمور كاتباع حمية غذائية.

مما لا شك فيه أن تصرفات الكثيرين ممن حولنا تسبب لنا الإحباط وربما المعاناة، وغالباً ما نلقي اللوم على الآخرين أو على الظروف المحيطة ولكن هذا الأسلوب يعتبر مسكناً مؤقتًا، ولكسر دائرة اللوم ومحاولات إصلاح وتغيير الآخر غير المجدية في الغالب، يتوجب علينا التحرك بعيداً عن ذلك الشخص الذي نريد تغيره أو ذلك الموقف التي يتوجب إصلاحه، وتحويل انتباهنا إلى داخلنا، ونتساءل ما تأثير ذلك علينا شخصياً؟ ما هو الألم الذي أشعر به عندما أواجه بهذا التصرف أو ذلك الموقف؟ ما هي التجارب والمشاعر والذكريات والمعتقدات التي جعلتني أنتهج أسلوب اللوم، فهذا اللوم هو تاريخ بداخلي، علي معرفة أسبابه.

ليس بالأمر السهل تغيير الآخر، ولكن لدينا الخيار بتحويل انتباهنا إلى داخلنا للبحث عن أسباب رفض سلوك الآخر محاولين وضع بعض من المحبة والرحمة عليه ما يساعد في تحريرنا من دائرة اللوم والحاجة لتغيير ما لا يجب تغييره.

أخبار ذات صله