fbpx
استزراع الديمقراطية في المجتمعات التقليدية !

 

بينت الدراسات والخبرات والتجارب التاريخية إن الديمقراطيات لا تجعل المجتمعات دائما أكثر تحضرا, لكنها تفضح دائما وبلا رحمة صحة المجتمعات التي تحاول تجريبها … فإذا كان المجتمع في صحة غير معقولة، فإن الديمقراطية لن تكون فقط محفوفة بالمخاطر، بل ربما تكون كارثة أيضا ” وهذا يعني أن المشكلة ليست في التعددية الحزبية والانتخابات, بل في خلق مؤسسات بيروقراطية قانونية حديثة مستقرة قوية وقادرة على تهيئة الملعب السياسي العمومي المستقل وقواعد لعبته الخاصة المحايدة التي تقف على مسافة واحدة من جميع أفراد الشعب التي تمثل سيادته, بوصفهم مواطنين أحرارا على درجة متساوية من القيمة والأهلية والحقوق بغض النظر عن مرجعياتهم وهوياتهم المختلفة.

أما في ظل غياب المؤسسة البيروقراطية القوية ، مؤسسة المؤسسات (أي الدولة الوطنية الجامعة العادلة) كما حال معظم المجتمعات العربية الراهنة فلن تخدم الديمقراطية والانتخابات إلا قدرة القوى الاجتماعية والهويات التمزيقية وغالبا الرجعية في هدم بنية السلطة العامة وشبكات الأمان الاجتماعي. كما تشهد الوقائع الشاخصة في مصر والعراق واليمن وليبيا وسوريا والصومال وغيرها، التي تتصدع فيها المجتمعات تصدعات عمودية طائفية وقبلية ومناطقية وجهوية تقليدية خطيرة.
وهكذا يكون تأسيس وبناء المجال السياسي المستقل في إطار دولة وطنية رشيدة على أسس قانونية حديثة راسخة هو الشرط المسبق لكل ديمقراطية ممكنة.