fbpx
الصبيحة بساطة الإنسان .. وشموخ العظماء

في جبهات الصبيحة بطولات وأساطير مذهلة لم تجد طريقها للنشر والبلاغ .. لكن حينما تقترب منهم وتدلف الى دهاليز الحرب المحتدمة في الثغور والخطوط المتقدمة .. تندهش ويتملكك الذهول وأنت تتبع بشغف لقصصٍ يرويها المرابطين عن شبابٍ صنعوا مآثر رجحت كفة المعارك – فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر – بطولات لعمري أنها من خوارق الطبيعة البشرية التي نحن عليها ، وستبقى إرثاً تاريخياً يكشف عن الحدود القصوى التي بلغها الرجال في اجتراح المآثر والمواقف الخالدة .. ولا يعلمها الكثير منا .

في الجبهات التي تعترك فيها قيم الخير مع قيم الشر والتسلط المقيت .. ينبري شبابٌ سمر الوجوه في ساحاتها حباهم الله صفات الشجاعة والإيثار ما يجعلنا أمام حالات نادرة تشبه الأساطير والعادات الخارقة فنندهش .

هناك في الصبيحة الأرض الولود لرجال ” الإستثناء والمهمات المستحيلة ” تتمازج المواقف وتعتجن النفوس المتوثبة بالبطولات على رمال شاطئ بحرها العتيق .. الشاهد الأزلي لمرور حضارات العالم منذ القدم .. هناك فوق جبالها البركانية السمراء والتي يصفها علماء الجيولوجيا بإنها تشكلت بمخاض عسير ومؤلم على حافة حدود الإخدود الجيولوجي العظيم .. ومع تعاقب السنون يرث أبنائها صفات أرضهم المثخنة بالجراح حيث ترعرعوا وشبوا فوق صخورها ووديانها التي تزين صدرها كظفائرٍ أنسدلت من الغيوم العابرة .. وكثيراً ما سقوها بدمائهم الزكية لتبقى نقية كسمائها ولا تندس .

الصبيحة بموقعها الخطير كنقطة إرتكاز لمثلث مزروع في خاصرة طريق العالم الرابط بين الشرق والغرب عَقّد من مهمتها كحارسة أمينة لمصالح العالم المتدفقة بين القارات .. فتحملت المهمة نيابة عن الجميع وأدتها بكل جدارة دون أن تنال من كل هذا الشقاء ” حقاً ولا باطل ” عدا مزيداً من النعوش نزفها كل يوم الى المقابر ..

الصبيحة اليوم تمثل الجنوب وتحمي مصالحه الإستراتيجية كحائط الصد الأول لهجمات المجوس المتكررة ، ورغم كل هذا تركوا أبنائها لقدرهم إلا من نزر يسير من العون والمدد قد لا يسعفهم للثبات طويلاً فيخرج من بينهم من يقول : ” سأحمي إبلي والكعبة لها رب يحميها ” .

وحديثي عن ” الصبيحة ” ليس تحيزاً ولكن ” حقاً لها علينا ، وجميلاً يجب أن يذكر ” وفي نفس الوقت ” لا نبخس الناس أشيائهم ” فننكر بدافع الأنا الشيطانية تضحيات أبناء الجنوب الذين ذوت أفئدتهم إلى ربوعها من كل بقاع الجنوب العزيز ، ليتشكل فوق ثرى شريطها الحدودي الملتهب جنوباً مصغراً يصنع المعجزات .. هناك حيث تحوم روح الشهيد القائد عمر سعيد الصبيحي ، واحمد سيف اليافعي ، ومحمد الحسني ، ونادر اللحجي ، ومثنى الضالعي وبن نصور الردفاني ، ومبارك الحضرمي .. أرواح أطلقت طاقة كامنة من صدور الرجال لخوض معركة المصير حتى غدت عزائمهم إعصاراً يقتلع حصون العدو من جذورها ويذروها بعيداً كأوراق الخريف .

فمن الحق والعدل أن نقول : إنه ليس بغريب على أرض أنجبت ” الشهيد العميد طه البوكري ، والعقيد محمد صالح العطري ، والعقيد هواش الأغبري ، والعقيد محمد المرق ، والكيس ، والعميد عمر سعيد ” وقائمة طويلة من القادة صدقوا الوعد ونالوا الشهادة بكبرياء العظناء ، ليس بغريب على أسلافهم أن يجترحوا كل هذه البطولات بصمت عجيب حتى كادت بطولاتهم تُغيَب وتُطوى في ذاكرة النسيان ، ولكن للتاريخ أقلام تكتب وتدون في سجلات أيامه المتلاحقة سطور ستُقرأ ذات يوم ، وحتماً سياتي من يزيح الستار عن تراجيديا المجد التي صنعها رجال عظماء وأماجد ، وَسيَنْطَقُ القوم حينها : ( كم أنتم عظماء يا أبناء الصبيحة الأماجد ) .

ما يحزنني ويمزق نياط قلبي إن شلال الدم مازال يتدفق .. ويتدفق .. وكل يوم نودع العشرات وهم في عمر الزهور .. فهل آن الآوان أن يتوقف ..!!!

يا أرض وإن ذروا الملح على جراحها ، فما فتأت تستعذب سجع القوافي للمواكب الزاحفة نحو العمق الإستراتيجي للعدو ، ليس هذا فحسب ولكنها تدفع بفلذات أكبادها في مقدمة الصفوف نبلاً وكرماً ، وكان صادقاً قائد الجيش الإماراتي ” ابو ماجد : بقولته الشهيرة : ” ان رجال الصبيحة مقاتلون أشداء ، انهم يتقدمون بشكل عجيب ويخوضون معارك شرسه ، ويكبدون العدو خسائر فادحه ” وهذه ليست الشهادة الأولى ، ويقيناً ليست الأخيرة حتى وإن ” لم تعجب البعض ” .. فطوبى للغرباء

المجد والخلود لشهدائناء الأماجد .. والنصر للمقاومة الجنوبية .