fbpx
نبحث عن من يلملمنا!

فهد البرشاء

بات واقعنا مؤلماً..وحالنا أشد إيلاماً..بتنا نتلقب على نار هادئة ونحن من أوقدها ونحن أيضاً من يصب الزيت عليها..
نحن من نفتعل الأزمات،ونحن من نخلق المشاكل،ونحن من نبحث عن الصراعات الداخلية ونذكي نار المناطقية ونشعل فتيلها..
من نحن؟ نحن دحرنا الحوثيون…نعم…حررنا وطننا…نعم…أذللنا المجوس…نعم…كسرنا شوكتهم…نعم…بل تجاوزنا محيطنا الجغرافي لنصنع النصر في أقاصي الوطن…

نحن من قدمنا القوافل تلو القوافل من الشهداء..ونحن من ضحينا بالغالي والنفيس،ونحن من تصدأ لمجنزرات وأسلحة المليشيات بصدورنا العارية وعزيمتنا التي لا تلين،ونحن من سابقنا أرواح نحو ساحات النزال والحرب والموت..

كل همنا كان ديننا…ثم وطننا..ثم عرضنا..صدقنا فصدق الله معنا،وأيدنا بنصره،فمنا من قضى نحبه،ومنا من بات معاق،ومنا لازال جريحاً،لم نكترث بشيء،فوطناً لانحمية لانستحقه،ووطننا يسكننا،بل يستعمرنا،وحرياً بنا أن نضحي لأجله…

لم تخيم الأحزان على منازلنا ومحافظتنا مثلما حدث منذ حرب العام2015م، ولم يستعمر الحزن دواخلنا مثلما يفعل الآن،بل لم نخسر أهلونا وذوينا بالجملة مثلما خسرناهم في هذه الحرب الظالمة،ولازلنا نقدمهم فداء لهذا الوطن…

بفضل الله نسجنا نصرنا من خيوط شمس الضحى ونسائم الأمل،وكسرنا كل قواعد المحال لنثبت للعالم أن الحرب ينتصر فيها الرجال وليس السلاح،وينتصر فيها الحق وليس المجنزرات،وتنتصر فيها الإرادة وليس الديكتاتوريات..

ولكن شتان بين أمسنا ويومنا..بين حاضرنا وماضينا،نحن اليوم أشبه مايكون بغريق في بحر لجي متلاطم الأمواج يبحث عن طوق نجاة،وقشة يتعلق بها ليصل إلى بر الأمان وشاطئ النجاة،نحن اليوم كمريض يلفظ أنفاسه ويصارع من أجل البقاء والحياة رغم كل النكبات والأزمات والفوضى..

بتنا متناثرون.. ممزقون.. مششتون..كل منا يغني على (ليلاه)،وكل حزب بما لديهم فرحون،كل منا يدعي وصلاً (بليلى) وليلى لاتلقي لوصلهم (بالا),كل منا يدعي الحب لهذا الوطن وأفعاله وتصرفاته تقول (عكس) ذلك..

بتنا نصرف (صكوك) الخيانة لمن نشأ, ونصرف صكوك (الوطنية) لمن نشأ, نذر الرماد في العيون وعلى الجراح, ونرقص على أوتار الوجع للبعض, ولمن كانوا بالأمس الدرع المتين والحصن الحصين لهذا الوطن, ونتناسى (تضحيات) الأبطال وشجاعة الرجال, نعادي من صنعوا حاضرنا ومستقبلنا, ونعاشر من يطعنون في خاصرة وطننا..

بتنا نبحث عن من يلملمنا, ويجمع تناثرنا وشتاتنا, ويوحد كلمتنا, ويجعلنا كــ(البنيان) المرصوص, وكــ(الجسد) الواحد إذا أشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, بتنا نبحث عن من يحيي فينا (ذكرى) الشهداء الذين تساقطوا من أجلنا كي ننعم بالأمن والأمان والحرية والسكينة, ويذكرنا (بالأطفال) الذين يتمتهم الحرب القذرة وحرمتهم (كنف) الأبوّة..