fbpx
ماذا لو أدين ترامب بإعاقة سير العدالة.. هل يسمح القانون الأمريكي بمحاكمة الرئيس؟
شارك الخبر

يافع نيوز –  إرم نيوز

بين نفي المحامين وصمت المحقق يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يؤكد التهمة الموجهة إليه بشأن تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية التي أوصلته إلى البيت الأبيض.

سيناريوهات قانونية محتملة وتخمينات للمواقف السياسية الملتبسة في واشنطن تسعى إلى تحديد حقيقة هل أن المدعي الخاص، روبرت مولر، يحقق حالياً في إعاقة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لسير العدالة في التحقيق أم لا.

وكان المدير الأسبق لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي)، روبرت مولر قد عُين مدعيًا خاصًا للتحقيق في التدخل الروسي المزعوم في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016.

ووفقاً  لتقرير أعدته شبكة “بي بي سي” البريطانية، فإن جميع هذه التخمينات تغفل السؤال الأكبر وهو: ماذا سيحدث إذا لم يقتصر عمل “مولر” على مجرد النظر في أخطاء جنائية محتملة ارتكبها الرئيس، بل انتهى إلى اكتشافها وإثباتها.

وأشار التقرير إلى بعض السيناريوهات المحتملة في حال ثبوت التورط بذلك بالأدلة القاطعة.

تقرير إلى الكونغرس

تقتضي السبل التقليدية (إذا صح استخدام كلمة تقليدية هنا) لمعالجة الجرائم الرئاسية، والتي استخدمت ثلاث مرات فقط من قبل في التاريخ الأمريكي، بدء إجراءات سحب الثقة في مجلس النواب وتتبعها محاكمة في مجلس الشيوخ (يصبح فيها أعضاء المجلس بمثابة هيئة محلفين كبرى).

ويستدعي البدء في إجراءات سحب الثقة موافقة أغلبية بسيطة في مجلس النواب، لكن الأمر يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء في مجلس الشيوخ لإتمام إجراءات عزل الرئيس.

وإذا كان هذا المسار هو ما سيتبعه مولر، فإن تحقيقه مع الرئيس قد ينتهي بإرسال تقرير إلى وزارة العدل، التي يمكن أن تمرره لاحقا إلى زعماء الكونغرس، ولا يوجد أي مواد قانونية ملزمة لجعل تفاصيله علنية، على الرغم من أن الضغط على السياسيين لإعلانها سيكون هائلاً.

وسترسم هذه العملية المسار الذي وضعه المدعي الخاص، كين ستار، عندما نظر في أخطاء محتملة من الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في العام 1998، (قضية اتهامه بالتحرش الجنسي بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي). وفي هذا المثال، خلص المستشار المستقل إلى أن الرئيس حينذاك قد يكون ضالعًا في سلوك إجرامي وقدم الأدلة التي تدعم خلاصته تلك إلى الكونغرس لاتخاذ ما يراه مناسبًا.

وبدأت إجراءات سحب الثقة، لكن لم تتوافر أصوات كافية لإدانته في مجلس الشيوخ (وهي موافقة ثلثي الأعضاء).

اتهام ومحاكمة

وعلى الرغم من أن الدستور الأمريكي واضح فيما يتعلق بسحب الثقة، إلا أنه صامت تمامًا عن الحديث عن موضوع توجيه اتهامات جنائية ضد رئيس ما زال في منصبه.

وعندما كان قضاة المحكمة العليا ينظرون في إصدار مذكرة استدعاء بحق الرئيس الأمريكي الأسبق، ريتشارد نيكسون، بشأن قضية أشرطة التسجيل في المكتب البيضاوي (في فضيحة واترغيت في سبعينيات القرن الماضي)، قال لهم ليون جاورسكي، المحقق الخاص في القضية إن “السؤال الجوهري المطروح حاليًا: هل يمكن أن يكون رئيس ما زال في منصبه عرضة للائحة اتهام؟”.

ويميل هؤلاء الذين يعتقدون أن قرار توجيه الاتهام الى الرئيس أمر مستحيل إلى الإشارة إلى أنه من غير العملي اتهام شخص ما يمتلك السلطة القانونية للعفو عن نفسه، فضلاً عن وجود فقرة في الدستور تشير إلى أن عزل الرئيس من منصبه عبر سحب الثقة لا يمنع توجيه تهم جنائية ضده.

وهذا يشير -كما يقولون- إلى أن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة رأوا بأن أي إجراءات جنائية يجب أن تتم بعد خروج الرئيس من السلطة.

كما أن إعطاء السلطة القضائية قدرة معاقبة الرئيس أثناء حكمه قد تؤثر على المبدأ الدستوري الذي يقضي بضرورة الفصل بين السلطات الثلاث في الحكومة الأمريكية: التشريعية والتنفيذية والقضائية.

والقضاة هم فرع السلطة الأقل خضوعًا لمحاسبة الناخبين الأمريكيين، وهذا ما يفسر حجة، لماذا قرر الآباء المؤسسون وضع سلطة عزل الرئيس في يد الكونغرس، بأعضائه الذين يمتلكون تفويضًا انتخابيًا من الشعب.

وتصف سوزان بلوتش، أستاذة القانون الدستوري في جامعة جورج تاون والتي درست مدى قانونية توجيه لائحة اتهام للرئيس، فرضية محاكمة الرئيس ومن ثم احتمالية إدانته بالسجن أثناء وجوده في السلطة بأنها أمر “مثير للسخرية”.

وتقول :”لا يجب أن تُخضع رئيسًا لإجراءات محاكمة جنائية وهو في الحكم، على الرغم من أن نص (الدستور) يسمح بهذا، لكنني أعتقد أن الاعتبارات العملية تؤكد على أنك لا يجب أن تجعل الرئيس يقلق بشأن إجراءات جنائية”.

في حين أن المحكمة العليا الأمريكية أقرت إمكانية خضوع رئيس وهو في منصبه لمحاكمة مدنية في القضية التي عرفت باسم (جونزضد كلينتون) – أي قضية التحرش الجنسي التي رفعت ضد الرئيس كلينتون والتي أدت في النهاية الى سحب الثقة منه-، لكن العقوبات في مثل هذه القضايا تكون مالية تنتهي بدفع غرامة وليس بالسجن.

وترى بلوتش أن المحكمة العليا أخطأت في تقدير مدى الضرر الذي ستتسبب فيه حتى الإجراءات القانونية المدنية للرئاسة الأمريكية. إذ توقفت الأعمال التجارية في البلاد خلال إجراءات سحب الثقة اللاحقة من كلينتون، وهو ما سيجعل أي محاكمة جنائية رئاسية أمرًا أكثر تدميرًا وتخريبًا.

وكان جاي سيكولو، أحد محامي الرئيس ترامب الشخصيين، قد رفض شرعية توجيه لائحة اتهام للرئيس في مقابلة تلفزيونية جرت مؤخرًا، مستشهدًا بدليل القواعد الإرشادية لسياسة وزارة العدل الأمريكية الذي يرجع تاريخه إلى فضيحة ووترغيت.

واقتبس من التقرير الصادر عن مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل قوله: “إن لائحة اتهام أو ملاحقة قضائية جنائية لرئيس أمريكي وهو في منصبه ستكونان إجراءات غير دستورية لأنها ستتعارض مع قدرة الرئيس على أداء مهامه المكلف بها دستوريًا، وبالتالي سيكون ذلك غير متسق مع بنية الدستور”.

لذلك فإن “مولر” المدعي الخاص في قضية ترامب وبصفته موظفًا بوزارة العدل، سيكون ملزمًا بالالتزام بهذا الدليل والمبادئ التوجيهية، الأمر الذي سيضع حدًا للمناقشة بشأن لائحة الاتهام قبل أن تبدأ فعلاً.

تعليق قرار الاتهام

وتردد حل ثالث محتمل في مذكرة مكتب المستشار القانوني على الرغم من أن وزارة العدل رفضتها في نهاية المطاف، وهو هل يمكن لهيئة محلفين كبرى توجيه لائحة اتهام للرئيس، ثم تعلق المحاكمة لما بعد مغادرته منصبه التنفيذي؟

من المؤكد أن ذلك سيمنع مثول رئيس في قفص الاتهام وهو في منصبه، ولكنه سيسمح بدوران عجلة العدالة. بيد أن وجهة نظر وزارة العدل كانت أن السحابة السياسية الناجمة عن ذلك ستكون سامة بالتأكيد.

وقالت وزارة العدل في تقريرها الصادر العام 1973 “بالنظر إلى واقع السياسة الحديثة ووسائل الإعلام، وحساسية العلاقات السياسية التي تحيط بالرئاسة داخليًا وخارجيًا ، ستكون هناك مقامرة (روليت روسي) خطيرة في حال اتهام الرئيس ثم تأجيل المحاكمة، على أمل الحفاظ على سلطة الحكم”.

وحتى لو كان شخص ما منيعًا ومحصنًا ضد (رصاص) الصدمات مثل الرئيس ترامب فإنه سيكون من الصعب عليه النجاة من مثل هذا المشهد.

ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً بالنسبة لمعارضي الرئيس ترامب، حتى يهاجموه مستخدمين ما قاله خلال حملته الرئاسية محذرًا من التداعيات الوخيمة لفوز هيلاري كلينتون بالرئاسة في وقت كانت فيه هدفًا لتحقيق جنائي.

أخبار ذات صله