fbpx
نقد المجلس الانتقالي الجنوبي

من الطبيعي أننا كجنوبيين نتطلع بشغف واهتمام إلى ما بعد تشكيل المجلس الانتقالي كمرحلة جديدة حدد بدايتها الشعب الجنوبي في الحشد الجماهيري الضخم في 4 مايو 2017 (يوم إعلان عدن التاريخي) . وتقييم هذا المجلس السياسي الجنوبي ودوره في هذه المرحلة يتطلب منا الوعي بظروف المرحلة أولاً ، ومن ثم النظر إلى ما يمكن أن يقوم به هذا المجلس خلال الفترة القصيرة من لحظة الإعلان عن أعضائه  من النواحي التنظيمية والسياسية . فالمجلس لم يتأسس على قاعدة سياسية جاهزة ، بل إنه هو من يضع القاعدة السياسية للعمل الوطني خلال هذه المرحلة بناءاً على تكليف الجماهير للقائد عيدروس الزبيدي بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف الوطنية وتطلعات الشعب الجنوبي .

ولأن الأمر كذلك ، فإن إعداد الوثائق التنظيمية والسياسية اللازمة لعمل المجلس تحتل الأولوية أمام رئيس المجلس ، حتى قبل أي لقاء مع الأعضاء في المجلس ، كونه هو المكلف جماهيرياً بالصيغة المطلوبة – وليس الأعضاء – كما يراه هو مناسباً حسب ثقة الجماهير به ، وبالتالي تعتبر ثقته بالأعضاء هي في محل ثقة الجماهير بهم أيضاً . ومن هنا يمكننا اعتبار المجلس الانتقالي كيان ثابت برئيسه بينما الأعضاء هم الجزء المتغير فيه ، فيما إذا اتضح لرئيس المجلس أن اختياره للبعض منهم لم يكن موفقاً ، أو قد يؤدي وجودهم السلبي في المجلس إلى تعطيل عمله أو التراجع عن الدور المناط به .

إن ما دفعني إلى كتابة هذا “النقد” هو ما قرأته من “انتقاد” للمجلس على صفحات التواصل الاجتماعي من قبل المحسوبين على الثورة المضادة والأحزاب المعادية لثورة الشعب الجنوبي .

وعلى الرغم من أن ذلك الانتقاد المبني على تفاهات وسطحية مفرطة في الفكر ، لا تأثير فيها من المنتقد على المجلس ، إلا أنني قد لاحظت أن هناك من يستاء من هذه التُّرهات التي يعتقد المنتقدون أنها وسيلة ناجحة لهدم المجلس الانتقالي ، مثل قولهم بأن تأخير أول اجتماع للمجلس في المكلا أو تأخّر رئيس المجلس ونائبه عن العودة إلى الوطن تعتبر أدلة على فشل المجلس أمام الضغط الخارجي . فالمجلس الانتقالي هيئة سياسية موكل إليها قضية وطنية كبيرة ، ولا بد أن يتصرف تبعاً للقواعد السياسية مهما طالت الفترة ، وليس كفريق كرة قدم ننتظر منه خوض مباراة تنقلها لنا القنوات الفضائية .

وما ننتظره من المجلس الانتقالي قبل أي تحرك سياسي داخلياً أو خارجياً ، هو الأسس والمبادئ التي تسيِّر عمله ، لنطمئن أنه يسير في الطريق الصحيح . ننتظر منه أن يضع برنامج سياسي ونظام أساسي للمجلس ، ليس لإقناع الجماهير بنهجه فقط ، ولكن للتعامل مع الجهات الخارجية أيضاً . وبهذا يكون المجلس جديراً بقيادة وإدارة الوطن الجنوبي وبثقة الشعب من جديد ، عندما يستند إلى أدبيات واضحة ، بعيداً عن الارتجال والمزاجية أو عن أي أهواء لأعضائه .