fbpx
المجلس السياسي الإنتقالي في الجنوب (الجزء الرابع والأخير)

بقلم: د/ سعودي علي عبيد

والآن، ما هي العلاقة بين الجنوبيين من جانب، والتحالف العربي وشرعية الرئيس هادي من ناحية أخرى، التي يجب أن تكون عليها هذه العلاقة؟؟
من الأهمية بمكان أن هذه المسألة، لا يمكن فهمها إلا من خلال الإرتكاز على دعامتين أساسيتين: الأولى هو الواقع الراهن الذي يقف عليه الجنوبيون. والدعامة الأخرى، هي تصوراتنا لكيفية الخروج من الأزمة السياسية الحالية، وأهمها حالة الحرب.
وفيما يخص المسألة الأولى، أو ما أطلقنا عليها بالدعامة الأولى، يمكننا أن نجد التالي:

 

(١) من أهم نتائج الحرب حتى الآن، هو تحرير معظم مناطق الجنوب — باستثناء مكيراس وبيحان — بالإضافة إلى خروج بعض مناطق من أراضي الشمال عن سيطرة تحالف الانقلابيين، ومنها المناطق الساحلية بمشاركة جنوبية فاعلة.
(٢) خروج الشماليين نهائيا من الجنوب كمحتلين ومستوطنين.
(٣) كان للجنوبيين الإسهام الأكبر في التغلب والانتصار على تحالف الانقلابيين، وتحطيمهم وتدميرهم عسكريا ومعنويا. وكان ذلك من خلال المقاومة الجنوبية في مختلف جبهات الحرب. ومن هنا، فقد صار للجنوبيين مكان وموقع ممتاز في واقع ما بعد تحرير مناطق الجنوب.
(٤) إضعاف العلاقة بين الشمال وإيران، إن لم نقل قطعها نهائيا، وذلك بسبب الحصار البحري والبري والجوي الواقع على الشمال، مما يمنع أي اتصال مباشر بين الجانبين.
(٥) صار الجنوب واقعيا تحت سيطرة الجنوبيين، وبالمقابل صارت حكومة هادي فاقدة الفعالية في الجنوب والشمال على حد سواء. وبما يعني أنها قد فقدت شرعيتها الحقيقية بشكل كامل. ولم يبق لها إلا شرعيتها أمام الخارج، وهي شرعية ضرورية من أجل استمرار الحرب وحتى التوصل إلى تسوية في آخر المطاف.
(٦) وكما قلنا في موضع متقدم من هذه الدراسة، بأن الجنوبيين قد تقدموا كثيرا نحو الأمام، أي بإتجاه تحقيق هدفهم المتمثل في استعادة دولتهم، وذلك عندما قاموا بتشكيل المجلس السياسي الإنتقالي، المسند إليه إدارة شؤون الجنوب، وإدارة قضية الجنوب في المحافل الإقليمية والدولية.
وقد لقيت هذه الخطوة تأييدا داخليا وخارجيا منقطع النظير. وهذا واضح ولا يحتاج إلى براهين. كما لقيت خطوة تشكيل المجلس السياسي الإنتقالي برئاسة القائد عيدروس الزبيدي تأييدا ودعما خارجيا، وخاصة من جانب السعودية والإمارات. وما يثبت ذلك شيئان: الأول أن عيدروس الزبيدي لا يمكن أن يقدم على خطوة هامة وكبيرة، دون ضوء أخضر وتنسيق مع الدولتين المذكورتين. والشيئ الآخر أننا لم نرى أي اعتراض أو استياء ملحوظ من جانب الدولتين على هذه الخطوة. أما استدعاء أو طلب عيدروس الزبيدي لزيارة السعودية والإمارات، فيمكن تفسير ذلك إما للإستيضاح، أو للإتفاق على الخطوات اللاحقة، والتصرف الأخير هو الأرجح.

وفي ضوء هذه الحقائق أو الواقع، كيف نتصور أو نتوقع أن تنتهي هذه الأزمة التي محورها الحرب؟؟
ومن باب المنطق، فإن النهاية يجب أن تكون من خلال المعركة أو التسوية السلمية. وفي كلا الحالتين لا بد من إتفاق مكتوب بين أطراف الحرب.وفي الحالتين لا بد من منتصر ولا بد من مهزوم. فمن هو المنتصر؟ ومن هو المهزوم في هذه الحرب؟؟

 

 

وبدون أن نذهب إلى إية تفاصيل، فإن العودة إلى ما سطرناه في هذه الدراسة، وكما هو الواقع المنظور أمامنا، فإن المنتصر في هذه الحرب هم: الجنوبيون والتحالف العربي..الجنوبيون أنتصروا لأنهم تمكنوا استعادة أرضهم والسيطرة عليها وإن لم يؤدِ ذلك إلى استعادة دولتهم حتى هذه اللحظة.. وأنتصر التحالف العربي وخاصة دول الخليج، التي تمكنت من خلال هذه الحرب على إضعاف التواجد الإيراني في هذه المتطقة، إن لم نقل القضاء نهائيا على الوجود الإيراني في المنطقة.
أما الطرف المهزوم في هذه الحرب فهما: الأول تحالف الحوثيين وصالح أم الشمال، والآخر شرعية الرئيس هادي.
فهزيمة الطرف الأول تمثلت في خسارة أهم غنيمة حصل عليها الشمال من صفقة وحدة ٢٢ مايو ١٩٩٠م، بل وخسارته للجنوب نهائيا، وفقدان الثروة التي تم الإستيلاء عليها، وخروج الشماليين( عسكريين ومدنيين) من الجنوب. ومن الإحتمال أن يطالب الجنوبيون بتعويضات مالية كبيرة مقابل ما تعرض له الجنوبيون من نهب وسلب واستغلال لثروتهم بدون وجه حق على مدى أكثر من ربع قرن.
أما خسارة الرئيس هادي، فتتمثل في أن شرعيته ستفقد صلاحيتها ومفعولها عند انتهاء الأزمة أكان بواسطة الحرب أو من خلال التسوية. كما أن الرئيس هادي لن يكون مرغوبا لا من الجنوب ولا من الشمال. ولذلك أسباب عديدة.

 

فالرئيس هادي لم يعد مرغوبا به في الشمال منذ احتلال الحوثيين لصنعاء في سبتمبر ٢٠١٤م وإعلانهم الدستوري، ثم جاءت حرب مارس ٢٠١٥م،وما نتج عنها وذلك كما أسلفنا قوله. وليس ضروريا تكراره.
وعليه، فإن الشماليين انقلابيين وغير انقلابيين، يعتبرون أن هادي هو السبب والمسبب في كل ما حدث للشمال.
أما رغبة الجنوبيين في الرئيس هادي فهي مؤسسة على التالي:
(١) كان عبد ربه منصور هادي الركيزة الأساسية التي أعتمد عليها نظام صنعاء بزعامة علي عبد الله صالح في احتلاله الجنوب في حرب صيف ١٩٩٤م، وبالتالي كل ما ترتب على تلك الحرب من مآسي للجنوب وشعبه.ولذلك من الصعب أن يغفر له الجنوبيون هذه الخطيئة. كما أن ذلك لا علاقة له بقيمة التسامح والتصالح. فهو بهذا الفعل خارج هذه القيمة.
(٢) إن سلوك هادي وحكومته منذ هروبه من صنعاء ومكوثه في عدن، هو سلوك أتسم بالكراهية والاحتقار تجاه شعب الجنوب.وقد ألمحنا لذلك في أكثر من مكان من هذه الدراسة. عدم توفير الخدمات مثالا.

 

وأخيرا ما هي العلاقة المطلوبة بين الجنوبيين من ناحية، والتحالف العربي وخاصة السعودية والإمارات من ناحية أخرى؟. وأيضا ما هي العلاقة المطلوبة بين الجنوبيين من ناحية، وشرعية الرئيس هادي؟
وإذا تذكرنا أهم ملامح الواقع الراهن، الذي أفرزته الحرب ونتائجها، فإننا نلخصها في الآتي:
(١) جنوب محرر في معظمه.
(٢) سيطرة الجنوبيين فعليا على أرضهم .
(٣) تشكيل مجلس سياسي إنتقالي.
(٤) علاقة متينة بين الجنوبيين والتحالف العربي، وخاصة السعودية والإمارات.
(٥) الجنوبيون حلفاء أقوياء للمجتمعين الإقليمي والدولي في محاربة الإرهاب بجميع أشكاله.
(٦) شرعية الرئيس هادي صارت منتهية، وبقاؤها مرهون باستمرار الحرب فقط.وهي بدون فاعلية في الجنوب، وغير مرغوب فيها لا في الشمال ولا في الجنوب.
(٧) وغير ذلك.
لذا، فإن العلاقة بين الجنوبيين والتحالف العربي، وكذا العلاقة بين الجنوبيين وشرعية الرئيس هادي على النحو التالي:
(١) وجود حكومة هادي في عدن هو وجود مؤقت وشكلي، مرتبط فقط بوظيفة إدارة الحرب.
(٢) شرعية هادي ليست لها علاقة بما يحدث وسيحدث في الجنوب.
(٣) يجب من تمكين المجلس السياسي الإنتقالي من الإدارة الكاملة لشؤون الجنوب من الآن. أي يجب أن يكون الجنوب تحت سلطة المجلس السياسي الإنتقالي.
(٤) يجب أن تكون العلاقة بين المجلس السياسي الإنتقالي والسعودية والإمارات مباشرة.
(٥) يجب أن تؤدي كل السياسات والإجراءات نحو استعادة دولة الجنوب.