fbpx
الديمقراطية بين النعرة والشطط (الحلقة الأولى)

 

تعيش دولة الجنوب لحظة الولادة التاريخية تزامنا مع الانهيار المدوي لدولة الاحتلال اليمني بتمزق اوصالها وتكورها وتهدم معاقلها, هذه الولادة العسيرة ستأخذ مدة زمنية ليست قصيرة ومرد ذلك الى حالة الدمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي لحق بالجنوب جراء حالة العبث الشامل الذي مارسته منظومة الاحتلال اليمني ممثلة بتحالف القبائل والعسكر والأحزاب السياسية وفي مقدمتهم التنظيم الدولي لجماعة للإخوان المسلمين, فلا توجد مؤسسات حديثة او قوانين سارية المفعول ناهيك عن تجميد الكادر المؤهل لفترة ليست قصيرة فقدوا معه الخبرة والقدرة على التعاطي مع حالة التطور الهائل إداريا وعلميا الذي رافق مختلف القطاعات الاقتصادية والإدارية وغيرها وشيوع حالات البطالة بما يرافق ذلك من حالة تفكك للقيم والروابط وانتشار للممارسات السيئة كالرشوة والسرقة والصراعات المناطقية والقبلية والعمالة وغيرها من الامراض الاجتماعية التي تعيق وتؤخر بشكل كبير عملية بناء الدولة  الجنوبية الحديثة.

كان لمدرسة الحراك الجنوبي دورا محفزا وإيجابيا  كبيرا لعبته خلال العشرون السنة الماضية في ايقاظ الوعي الوطني الجنوبي وفي شحذ الشعور بالانتماء للهوية الجنوبية التي تعد حجر الزاوية في تعزيز الرابط الاجتماعي والسياسي المطلوب لبناء الدولة في ظل ودود حالة ضعف او غياب للدور المطلوب لأي أحزاب سياسية جنوبية. وامام كل هذه الصعوبات تبرز امامنا كجنوبين إشكاليات كبيرة يتطلب منا فهمها وحلها بشكل واقعي حتى نتمكن من تجاوزها.

يلاحظ ان هناك حالة انفصام شديدة تعتري الجسد الجنوبي يتمثل في وجود تخلف وتأخر اقتصادي كبير وما ينتج عنه من سلبيات اجتماعية وثقافية وسياسية لا حصر لها وبين حالة الوعي المتقدم الذي كان لوسائل التواصل الاجتماعي والثورة المعلوماتية اثر كبير في صناعتها لعب نظام الاحتلال اليمني هذا الدور السلبي في خلق الفجوة والهوة بين البنيتين. فرغم وجود وعي اجتماعي عالي  الا ان التخلف الاقتصادي يصبح عائقا كبيرا وله اليد  الطولي في نجاح وفشل عملية بناء الدولة باعتباره الأهم مما يضع امامنا مهام واولويات لا تحتاج الى تأخير تتمثل في بناء وتحديث المؤسسات الاقتصادية جنب الى  جنب المؤسسات العسكرية والأمنية ذات الأولوية القصوى.

دون شك مثل هذه التحديات والمهام الجسمية تتطلب في هذه المرحلة حشد كل الطاقات والمشاركة الواسعة لمختلف الفئات الاجتماعية في برنامج عمل للبناء الوطني الذي يطغى على كل البرامج السياسية لأي أحزاب او فئات اجتماعية باعتبار عملية تأسيس الدولة امر لا يهم فئة اجتماعية بعينها بل ان انه شأن كل مواطن جنوبي من أي فئة او حزب سياسي كان.

هكذا تبرز الدعوات المتكررة للمشاركة في هذه العملية من قبل الفعاليات السياسية الجنوبية المختلفة وهو امر لا جدل حول أهميته لكن ما هو اهم من ذلك في نظري هو نوعية المشاركة وكيفية المشاركة أي بمعنى آخر عن أي ديمقراطية نتحدث.

اذا هي قضية الديمقراطية او المشاركة الشعبية التي نحتاجها في عملية بناء الدولة وهذا يضع امامنا اشكال اكبر يتمثل في ايجاد واختيار الالية التي بها نريد ان نحقق العملية الديمقراطية وفهم المسألة المعقدة التي تبدو للبعض انها مجرد حضور اجتماعات وتمثيل للمكونات والمحاصصة المناطقية.