fbpx
*سيناريوهات محتملة لما بعد اعلان المجلس الانتقالي الجنوبي!!*

كتب – #أديب_السيد

 

لا شك أن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي جاء في مرحلة حرجة للغاية يعيشها الجنوب امنياً وسياسيا واقتصادياً، ويعيش فيها الشمال عمليات حربية وعسكرية مستمرة، وهي مرحلة متداخلة إجبارياً في الوسائل والتكتيك بعيداً عن اختلاف الأهداف التي ظلت متباعدة رغم القواسم المشتركة التي انتجتها ظروف الحرب.

 

 

 

وإنطلاقا من نقطة التحول في مسار التطورات في الجنوب الناتجة من ممارسات وفشل الحكومة في إدارة ملف محافظات الجنوب بعد تحريرها من مليشيات الغزو، كانت التطورات إجبارية مثلما كانت بداية الحرب إجبارية فيما يخص الجنوب وحتى دول التحالف العربي.

 

 

توالت الاحداث والتطورات في الجنوب، بالتزامن مع جمود غريب في سير المعارك بشمال اليمن، والتي كان يؤمل التحالف العربي انها ستنتهي سريعاً مقارنة بحجم الدعم بالمال والسلاح التي تتلقاه جبهات مأرب ونهم والجوف وتعز، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث..

 

 

وكان نفس الامل يحذو الجنوبيين في ان يتم الانتهاء من المعارك في الشمال بإعادة الشرعية ممثلة بهادي الى صنعاء وانهاء الانقلاب، وذلك حتى يتم البدء بمرحلة سياسية يتم فيها وضع الحلول المناسبة وفي مقدمتها حل القضية الجنوبية بما يلبي طموحات الجنوبيين وينصف تضحياتهم الجسيمة.

 

 

لكن الرياح جائت بما لا تشتهيه السفن، وتحول الامر الى خطر حقيقي يهدد مكتسبات الجنوب والتحالف العربي الوطنية العظيمة، والتي تم تعزيزها بتضحيات وانتصارات متتالية ضد الإرهاب جنوباً، وكذا انتصارات وتضحيات جنوبية على طول الساحل الغربي لليمن.

 

 

وبدى الامر أكثر خطورة، محاولة حزب الإصلاح الإخوانية المحسوب على شرعية هادي، تطبيق انتهازية على وضع الجنوب الغير قابل لمزيد من التمييع والتعقيد.

 
والأخر ايضاً هو، تحول الحكومة التي عادت من منفاها الى عدن، بنفس عقليتها التي ترعرعت في كنف علي عبدالله صالح، غير آبه بكل التحولات والتطورات التي جرت في الساحة الجنوبية واليمنية على حد سواء.

 

 

وبدلا من معالجة الحكومة للملفات التي تفرز معاناة شديدة للشعب في الجنوب، ذهبت الى تعميق تلك المعاناة باساليب استعجال الصراع السياسي والمناكفات على حساب الشعب ودون أي مسؤولية أخلاقية او وطنية او حسابات لظروف المرحلة وتعقيداتها. بل انها ذهبت الى محاولة خلق صراعات مسلحة من خلال التجييش المشبوه بعيداً عن استعياب ابطال المقاومة الجنوبية الذي أمر هادي باستيعابهم.

تراكمت المعاناة، وازداد الانين جنوباً، وتم استخدام تأخير رواتب الموظفين بتعمد، وبحجة انعدام السيولة المالية، فيما جبهات الشمال تنعم بالهدوء والسلام وتتلقي الأموال المكدسة .

 

 

وفي اوج المعاناة للشعب الجنوبي الصابر على كل ممارسات الحكومة التي تدار بعقلية ( المخلوع صالح ) كان شرر ( القرارات الاقصائية ) كفيلاً بتفجر الخلاف واستفزاز إرادة الشعب التي طالما صبرت على كل الحماقات الرسمية، ليدخل المشهد في تحولاً غير اعتيادياً تمثل بخروج شعبي في مليونية ( اعلان عدن التاريخي) ومن ثم ( اعلان المجلس الانتقالي السياسي الجنوبي).

 

 

وهنا كان الوضع ان يوشك على الانفجار من خلال الدفع به من قبل قوى الشمال الملتحقة بشرعية هادي، والتي تحاول طعن التحالف العربي والمقاومة الجنوبية منذ اول وهله من الحرب. إلا ان إرادة الجنوبيين الوطنية وبمساندة التحالف حالت دون ذلك، ووجهت صفعة قوية لتجار الحروب وتلك القوى المأزومة التي لا تعيش إلا على الصراعات والتكسب .

 
تم اعلان المجلس الانتقالي وسط ترحيب شعبي جنوبي غير مسبوق، وحاولت قوى التأزيم ان تشب النار، ولكنها فشلت، كما فشلت في خلق رأي عام ضد المجلس الانتقالي الجنوبي الوليد.

 

 

– *سيناريوهات ما بعد المجلس الانتقالي*:

 

بدراماتيكية غير متوقعة جرت التطورات سريعاً، وتحولت الأنظار صوب عدن التي أعلنت فيها قيادات الثورة الجنوبية، عن قيام المجلس الانتقالي السياسي الجنوبي، والذي بات حديث العالم كله من أقصاه الى أقصاه.

 

 

وبهذا التحول الذي جعل الجنوب كتلة واحدة، وأظهر غموضا في مواقف دول التحالف، وهو غموض يكشف عن التأييد الغير معلن للمجلس وتحفظ غير معلن ايضاً، لكنه بتاتاً لم يكن رفضاً، كما نال المجلس تأييد غير عادي من قبل قيادات ونخب خليجية وعربية لإعلان المجلس الانتقالي وبشكل واضح وجلي ومعلن.

عقب يوم من اعلان المجلس الانتقالي، طلبت المملكة العربية السعودية وهي الى جانب الامارات العربية المتحدة تقود ( التحالف العربي ) من رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المفوض شعبياً بمليونية اعلان عدن التاريخي القائد الأعلى للمقاومة الجنوبية اللواء عيدروس الزبيدي المغادرة الى المملكة لمناقشة امر المجلس، حيث غادر الزبيدي ونائبه الشيخ هاني بن بريك.

 

 

حيث التقى الزبيدي بالسفير السعودي في اليوم الثاني من وصوله، حيث التقى الزبيدي في اليوم الأول بعدد من القيادات والشخصيات الجنوبية في المملكة، وسيواصل الزبيدي ونائبه لقاءاته ومناقشاته بشأن المجلس المعلن عنه برئاسته.
وبحسب ما توفر لدي من معلومات، فإن اللقاء بين اللواء الزبيدي والسفير السعودي كان جيداً، حيث ابدى السفير السعودي للزبيدي عتاباً حول عدم علم السعودية بالإعلان، لكنه بالمقابل أوضح ان المملكة والامارات متفقتان.

من هنا يمكن قراءة سيناريوهات ما بعد اعلان المجلس، وردود الأفعال الرسمية من قبل دول التحالف العربي. ((( #أديب_السيد )).

 

– *سيناريوهات*:
بشكل واضح يبدو ان هناك تفاهماً دولياً حول إعلان المجلس الانتقالي السياسي الجنوبي، خاصة مع ان الامارات العربية المتحدة التي تمسك ملف الجنوب منذ ما قبل التحرير أعلنت ان مهمتها الحربية مع الانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح قد إنتهت، وان حربها المتبقية هي حرب مع الإرهاب في جنوب اليمن. وهو ما نجحت فيه بتميز من خلال تحالفها مع القيادات الجنوبية الوطنية التي تعمل في الميدان.

وبما ان هناك تفاهمات سعودية إماراتية باعتبارهما الدولتين المتزعمتين للتحالف العربي، فتلك التفاهمات لا تتم على الطاولة عادة، ولكنها تتم وفقا للإجراءات الدبلوماسية بين الدول، وقد أكد ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان، ان علاقة المملكة بالإمارات علاقة تأريخية وقوية، واصفاً ترويجات الخلاف بين البلدين بانها مجرد محاولات لإعلان الإخونج.

 

 

ويمكن لنا هنا ان نختصر الحديث في سيناريوهات ما بعد اعلان المجلس الانتقالي وبغض النظر عن دلالة التوصيف السياسي او القانوني للمجلس، والذي لنا حديث آخر في هذا الخصوص، وذلك بنقاط محددة كالاتي:

 

 

– *السيناريو الأول:
إعتراف غير معلن بالمجلس السياسي الجنوبي من قبل التحالف العربي، وما يؤكد ذلك حتى الان هو عدم صدور أي من السعودية او الامارات بيانات رفض او إدانة لخطوة اعلان المجلس. فيما ركزت تصريحات امينا مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية على التمسك بوحدة التراب اليمني ورفض خطوة الانفصال. وهذه لها احكامها في العرف الدبلوماسي الدولي.

 

 

– *السيناريو الثاني:
رفض المجلس من قبل التحالف العربي، وإعلانه كــ” تمرد ” على ما تسمى ” الشرعية ” وهذه الخطوة لها من الخطورة أكبر من الاعتراف بالمجلس، حيث ان الجنوب اليوم هو الورقة الوحيدة التي كسبها التحالف العربي منذ تدخله في الحرب، وفقدانه لورقة الجنوب من خلال الرفض يعني دخول الجنوب في فوضى عارمة وهذا ليس لمصلحة التحالف ولا دول العالم، بما يعني ان التحالف حينها سيكون قد أفشل نفسه بنفسه وأسقط الورقة الوحيدة التي يمتلكها .

 

 

– *السيناريو الثالث:

 

بالنسبة لوضع الشرعية في حالة الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوب او رفضه من قبل التحالف العربي، فهو ذات الوضع الذي لا يملك أي ثقل ميداني، غير ثقل ( القرار الرسمي) وهذا القرار لن يكون مجدياً في ظل فقدانه أساس قوته وهي القوة والحاضنة الشعبية.

 

– *السيناريو الرابع:
توائم المجلس الانتقالي الجنوبي مع ” الشرعية ” من خلال استحداث خارطة عمل سياسية تضمن تحقيق التوازن بين عمل المجلس ووضع الشرعية السياسي، وهذا يعني استمرار العمل وفق ( القواسم المشتركة ) طالما والحرب لا تزال مستمرة على الحدود الجنوبية وفي الشمال كذلك، أي إعطاء فترة زمنية جديدة للعمل المشترك بين المجلس السياسي والشرعية، وهذا ما سيجعل التضارب في العمل مستمراً وبالتالي انعكاس الصراع السياسي على وضع المحافظات المنهارة خدمياً واقتصادياً، ما سيؤدي الى استمرار المعاناة.

 

 

– *السيناريو الخامس:
أن المجلس الانتقالي قد يتعرض لعملية تأطير سياسية، بدلاً من كونه ( إنتقالياً)، أي انه يكون مجلساً سياسياً شريكاً مع الشرعية في الحكم والنفوذ بالجنوب، وهو ما يعني تقليص نفوذ الشرعية السياسي بالتزامن مع انعدام لأي قوة له ميدانية، فيما المجلس السياسي الجنوبي يمتلك كل مقومات القوة وهي ( القيادة – القوة العسكرية – الدعم والشرعية الشعبية (.

 

. – *السيناريو السادس:
حل المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا الأمر لن يحل المشكلة ولن يعيد الأمور لمجاريها، بل سيخلق مشكلة جنوبية داخلية بين الشعب وبين قياداته التي وثقت به، وبالتالي سيؤدي الى فراغ قيادي سياسي وعسكري وبروز ظاهرة المليشيات المسلحة، وتحول الجنوب إلى السيناريو الليبي .
وعلى وقع كل الاحتمالات في بلد كل شيء فيه متوقع كاليمن، يظهر ان القادم غامض جداً، ولا مؤشرات حقيقية للخروج من المأزق الذي لم تدخله اليمن وحدها، بل أدخلت فيه معها دول الخليج ايضاً.

 

وبالمقابل، ونتيجة لخطورة المرحلة، ومدى التأثير الذي سيلحق بمصالح العالم والدول العظمي، في حال انهيار الجنوب ودخوله في الفوضى، فان الامر الأقرب للحدوث، هو بقاء المجلس الانتقالي الجنوبي، كممثل لقضية الجنوب المعلقة بدون حل منذ حرب غزو الجنوب عام 94 وانتهاء مشروع الوحدة اليمنية.

 

 

ومصير بقاء المجلس الانتقالي الجنوبي، يتعلق بمدى جدية دول العالم في تفادي الخطر المحدق بالجنوب وعدن وباب المندب، ومحاربة الإرهاب، وهي المخاطر الرئيسية التي تجعل من الجنوب محط اهتمام دولي.

 

وبدون المجلس الانتقالي او السياسي الجنوبي، سيغدو الجنوب بين عجز الشرعية، ومطامع المليشيات المدعومة من ايران، ونشاط الجماعات الإرهابية، وتحركات قوى الثورة الجنوبية.

 

وفي حساب المصالح وصراعاتها، لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تكون التحالفات والمواقف السياسية والتوجهات ثابتة، وهو ما سيطبق على وضع اليمن والجنوب اليوم، خاصة بعد ان اثبت الجنوبيين جدارتهم في محاربة الإرهاب وقدرتهم على حماية مناطقهم وحكمتهم في عدم إنزلاق الأمور الى صدامات مسلحة عادة ما تشهدها الدول عقب الحروب.

 

 

#أديب_السيد
15/5/2017