fbpx
كيف تعرف الإعلام الإخونجي؟ كتب/ممدوح المهيني
شارك الخبر

في حديث ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأخير، أشار إلى محاولات الإعلام “الإخونجي” لتسميم العلاقات السعودية المصرية. في الواقع إن هذه نقطة في غاية الأهمية ومناسبة ملائمة للحديث عن هذه الماكينة الدعائية الرديئة الخطيرة، التي لا تتوقف عن بثِّ الشائعات والأكاذيب وتوزع مجاناً الاتهامات المشينة على المختلفين معها.

تخريب علاقات الجارين السعودي والمصري ليس إلا مثالاً واحداً على أهداف هذه الحملة الإعلامية الإخوانية، ولكن أيضاً الهجوم على الإمارات وبثّ الشائعات المتواصلة عن خلافات عميقة بينها وبين السعودية، كما أن البحرين تطالها حملات مستمرة والقائمة طويلة.

الإعلام الإخونجي لا يتوقف عن الضجيج ولكنه – كأي إعلام شمولي- رديء المحتوى وساذج في العرض، لذا من السهولة فهم الرسائل المباشرة التي يعيد إرسالها بشكل مستمر.

سياسياً يهاجم الأتباع الإخوانيون في وسائل الإعلام أو التواصل الدول المعتدلة، لأنها القلاع الوحيدة المستقرة التي تسعى الجماعة وقادتها لإزالتها من طريقها والوصول للسلطة على نفس الطريقة، التي وصلت فيها النسخة الإخوانية الشيعية الملهمة في طهران. ولأجل ذلك يستخدمون كل الوسائل التحريضية الممكنة من الكتب والمقالات وحتى التغريدات، لنزع الشرعية عن هذه الدول. رموز الدولة يحولهم الإخونجية إلى طواغيت، ورجال الأمن إلى قتلة، والصحافيون إلى صهاينة ورجال الأعمال إلى فاسدين (طبعاً أولئك الذين لا يهبونهم التبرعات)، ورجال الدين المعتدلون إلى متزلفين، والمفكرون إلى زنادقة، والنساء المحترمات إلى منحلات، وهكذا يسعون لإزالة أي غطاء أخلاقي عن هذه المؤسسات أو الأشخاص، حتى يصبح الطريق سالكاً والحجة الأخلاقية والدينية مبررة للتثوير والعصيان.

مخطط لئيم، ولكنه لا ينتهي عند هذا الحد. مع صعود وسائل التواصل الاجتماعي برز ما يسمى بصناعة السخط والغضب على الأوضاع القائمة، من أجل شحن النفوس من أجل لحظة الانفجار الكبير. نرى بسهولة كيف تتحول تصريحات غير موفقة لمسؤولين إلى ذريعة لبثّ الإحباط وخلق حالة من التشاؤم حول المستقبل المظلم، الذي ينتظر العالم ليدخل الناس جماعة في حالة مزاجية نفسية سوداوية. وبالطبع مع مشروعية الانتقادات الخدمية يصعِّد الإعلام الإخونجي الموجة ويوجهها للهجوم تصريحاً أو تلميحاً على الدولة، بهدف ضعضعتها وإفقاد ثقة الناس بها. كل مناسبة تافهة أو مهمة يلتقطها الإخونجية ليحولوها إلى هاشتاق يمر عبره عدد كبير من الأكاذيب، ويسترجعون قصصاً سابقة وكلها مصوبة في الأخير لإصابة هدف واحد. ولهذا السبب لا نرى الدعاية الإخونجية تنشط ضد الحكومات والجهات المتحالفة معها والخاضعة لأجندتها حتى لو كانت غارقة لرأسها في المشاكل والأزمات، وبالطبع فإن المصالح مشتركة، حيث تستخدم هذه الدول أو الجهات الهيجان الإخونجي لتحقيق غاياتها.

من الأساليب الإخونجية المعروفة اختطاف كل المبادئ الأخلاقية السامية وإدخالها في سوق المزايدات الرخيصة. اختطفوا الدين الإسلامي وحولوه لسلاح يوجه لصدور الأعداء المنحرفين والضالين. العروبة استخدموها أيضاً وحولوا خصومهم ممن يؤمنون بالواقعية السياسية إلى عملاء وجواسيس. يفتشون في الكتب والمقالات والتغريدات وعواجل الأخبار عن أي كلمة لاستخدامها حفلات شتائم يترفع عنها البشر الأسوياء.

الحملة الإخونجية شرسة أيضاً على المستويات التعليمية والثقافية والإعلامية، وجميعها يسعى الإخوان لبسط سيطرتهم عليها. يريدون وزير التعليم منهم، ويتآمرون على الوزراء الواقفين بوجه مشروعهم. دخل الإخوان في مفاصل التعليم في دول عربية عديدة ودمروه تماماً، زارعين في عقول الطلاب أسوأ البذور. الكراهية الدينية في القلوب والأفكار المؤامراتية في العقول. وبدل أن ينشأ الطالب مستعداً للحياة ولامتصاص جميع الأفكار والتوجهات قبل أن يقرر بنفسه ماذا يريد، يضعه الإخوان أمامه تحويلة إجبارية، نحو كهف البغضاء والكراهية ليس فقط نحو المختلفين في الدين والطائفة ولكن في الفكر، كما يصنعون منه مخلوقاً معزولاً مهجوساً بالمؤامرات التي تحاك ضد الأمة. وبسببهم نرى بشكل مستمر المشاهد المحزنة لمراهقين يفترض أن يكونوا شخصيات مستقلة متفجرة بالحياة والفكر ينقلبون إلى عقول مأجورة وأبواق صغيرة رخيصة تستخدمها القيادات والرموز في محاكماتهم المستمرة للآخرين. بسبب الفكر الإخونجي انهارت الجامعات والمؤسسات التعليمية، التي كانت تدعو في السابق لإنارة العقول. أساتذة إخونجية يقودون هذه الجامعات ويتبخترون في ممراتها ولابد أن الكارثة تقع في القاعات.

ليس عسيراً بعد ذلك أن نفهم لماذا يعادون الصحف والتلفزيونات المستنيرة، ويهاجمون المثقفين والصحافيين. يكررون نفس الأسلوب: التلطيخ بالشتائم والفضائح من أجل تخويفهم وجعلهم ينسحبون ويتركون المشهد لهم كاملاً. ولكن رغم كل سذاجة الإعلام الإخونجي وأساليبه المعروفة، فإنه خطير لأنه يرتكز على ثقافة ساهمت جماعة الإخوان خلال عقود طويلة بنشرها، لذا من السهل التأثير على الناس من خلالها. ولكن أسهل طريقة لتجنب هذا التأثير السلبي هي معرفة أساليب الإعلام الإخونجي، وأسهل من ذلك هو الشك بأي شيء يمتدحه ويدافع عنه!

أخبار ذات صله