fbpx
رسالة عاجلة إلى المحتشدين في عدن

بقلم/د. عيدروس نصر ناصر

حاولت أن أبعث هذه الرسالة العاجلة صوتيا ولكنني فشلت لأسباب فنية، وفيها أتوجه بالتحية والتقدير إلى الجماهير الجنوبية المحتشدة في عدن مستعيدة ألقها وحيويتها ومذكرة بالتمسك بالقضية الجنوبية التي لم تتخل عنها قط وهي فرصة للتذكير بجملة من القضايا أهمها:

  1. إن التظاهر والاعتصام والتجمهر هو حق مشروع لكل الشرائح والقوى السياسي ولكل الشعب وقد سمعنا الكثير من التحذيرات من سقوط الشرعية وزرع الفتنة وانتصار المشروع الإيراني وغيرها من تلك المواقف المرتعشة التي لا تخاف إلا على نفسها من إرادة الشعب وعلى مصالحها التي كونتها على حساب الجنوب والجنوبيين، وبهذا الصدد أدعو القائمين على الفعالية إلى الحفاظ على سلميتها والتنبه للمندسين والعابثين الذين تعودنا على أن تزرعهم الأجهزة الأمنية للتشويش والعبث بهذه الفعاليات الراقية، وأدعو إلى منع دخول السلاح إلى ساحة الفعالية حتى لا يكون ذلك مدخلا للتخريب والتشويش على الفعالية.

  2. لقد علت الكثير من الأصوات التي تحذر وتخوف من استرجاع 13 يناير جديد، وتلوح بحصول مواجهات مسلحة في عدن، وهذه التحذيرات لا تصدر إلا عن المراكز المحابراتية التي أدمنت دق الأسافين ومحاولة إشعال الأحقاد بين الجنوبيين،  . . لقد تجاوز الشعب الجنوبي صفحة 13 يناير وحول هذا التاريخ إلى احتفال وطني أسماه يوم التصالح والتسامح ومن لم يتعلم دروس التصالح والتسامح ولم يستوعب هذه الثقافة عليه أن يدع الجنوبيين وشأنهم وله أن يعيش مراحل الحقد والكراهية كما يشاء، اما الشعب الجنوبي فقد تعلم الدرس جيدا، ولن يسمح لمن يتمنى العودة إلى تلك الأزمنة بتحقيق مآربهم.

  3. إن مليونية الرابع من مايو يجب أن لا تكون غاية لذاتها وإنما وسيلة للتعبير عن قضية أكبر وأعمق، وهي القضية الجنوبية التي اعترف بمشروعيتها وعدالتها القاصي والداني، ومن هنا فإنه يجب التأكيد على الحقائق التالية:

  1. إن الجنوبيين لا يطالبون بالعودة إلى المشاركة في السلطة وإن الشراكة مع سلطة الشرعية كانت مرحلة مؤقتة لم تلقِ المطالب المصيرية الكبرى للشعب الجنوبي وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره بما في ذلك استعادة دولته بحدود 21 مايو 1990م.

  2. إن الشراكة في سلطة الشرعية كانت تعبيرا عن تحالف (ربما غير مكتوب) بين سلطة الرئيس هادي وقوى الثورة الجنوبية من حراك سلمي ومقاومة مسلحة ومكونات سياسية، وإن إجراءات الرئيس الأخيرة ليست سوى إعلان عن نهاية هذا التحالف غير المكتوب من طرف واحد، وهو ما يعني أن على طرفي هذا التحالف إن يعودا كلٌ إلى موقعة ما قبل هذا التحالف، وبالتالي فإن المكان الطبيعي لرموز الثورة الجنوبية هو ساحة النضال السلمي الجنوبي وهو شرف لهم أكثر مما قد يمنحهم إياه وجودهم في تلك المناصب التافهة.

  1. إنني بهذه المناسبة ومن هذا المنطلق أعود وأجدد دعوتي إلى الإسراع في إعلان التحالف الوطني الجنوبي العريض الذي كتبت عنه كثيرا تحت عناوين مختلفة تتصل بــ”الجبهة الوطني الجنوبية العريضة”، ليكون إطارا تحالفيا عريضا يضم كل المكونات الجنوبية التي تتفق على القواسم المشتركة لمطالب الشعب الجنوبي وأدعو الإخوة الأعزاء عيدروس الزبيدي وهاني بن بريك ووحي أمان وبقية الشخصيات الجنوبية التي استغنى عنها الرئيس هادي إلى تحمل مسؤوليتها في قيادة عملية إعلان وبناء التحالف الوطني الجنوبي العريض وتسيير أعماله حتى بلوغه غاياته وأهمها تمثيل الشعب الجنوبي في المحافل الإقليمية والدولية، ورسم الخطط التصعيدية في قيادة الشعب الجنوبي وثورته.

  2. أتوجه للقائمين على الفعالية أن يبعثوا رسالة الشعب الجنوبي إلى الأشقاء والأصدقاء في الإقليم والعالم وفي مقدمتها:

  1. رسالة إلى الأشقاء في شمال اليمن وفي المقدمة نخبهم السياسين ومثقفوهم وقادة الرأي فيهم مفادها أن الشعب الجنوبي ليس له عداء معكم فهو لم يغز أرضكم ولم يدمر دولتكم ولم ينهب ثروتكم، ولم يهمش أبناءكم، مثلما فعل النظام الشمالي مع الشعب الجنوبي وبالتأكيد فعل هذا مع الكثير منكم: لقد جربتم (باستثناء قلة قليلة منكم نكن لها كل التقدير والاحترام) الصمت طويلا على الظلم الذي ألحقه النظام بالجنوب وشارك الكثير منكم مخدوعا أو مقتنعا بممارسات هذا النظام، وكان من شأن هذا توسيع الشقة بيننا وبينكم، فهل ستراجعون هذا الموقف وتدعمون نضال الشعب الجنوبي لاستعادة حقه أو على الأقل الكف عن تحريض الظالمين على هذا الشعب؟ إننا نرجو ذلك وهذا من شأنه أن يعيد الوئام بين الشعبين الشقيقين أما الوقوف في صف الظالمين فلن يثمر إلا عن توسيع الجراح بيننا وبينكم.

  2. رسالة إلى الأشقاء في دول التحالف مفادها : لقد جربتم التحالف مع الشعب الجنوبي في حرب العام 2015م ورأيتم ماذا أنتج هذا التحالف حينما دحر الجنوبيون بدعمكم وتعاونكم، أنصار اللمشروع ألإيراني إلى ما وراء حدود 1990م، . . .إن الشعب الجنوبين لا يعرف إلا الوفاء والإخلاص لمن ينتصر لقضيته ولذلك ندعوكم إلى أهمية تفهم مطالب الشعب الجنوبي ودعمها لتحقيق الغايات التي من أجلها دفع الجنوبيون آلاف الشهداء والجرحى والمختطفين، ومن المؤكد أن قيام دولة جنوبية لن يكون في مصلحة الشعب الجنوبي وحدة بل وفي مصلحة شعوب المنطقة، لأن الدولة الجنوبية الجديدة لن تكون إلا جزءً من النسيج الإقليمي والعربي وبالتأكيد لن تكون جزءً من أي استقاطابات دولية أو محاور تصادمية بينما لن تعرف المنطقة لا سلم ولا استقرار ولا تنمية في ظل بقاء الجنوب ضحية للتهميش والاستقلال والاستبعاد وإهمال حقه التاريخي في تقرير مصيره بعيدا عن الوصاية والمصادرة.  

  3. وأخيرا رسالة إلى المنظمات الإقليمية والدولية وفي مقدمتها منظمات المؤتمر الأسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة وفحوى هذه الرسالة : أن مطالب الشعب الجنوبي ليس تعجيزية ولا شاذة ولا مستحيلة فالشعب الجنوبي يطالب باستعادة دولته التي يعرفها الجميع بحدود عام 1990 والتي اتحدت طوعا مع الجمهورية العربية اليمنية لكن هذه الوحدة فشلت وقضي عليها في حرب 1994م، وبالتالي فإن الشعب الجنوبي لا يطلب شيئا جديدا، ومن المؤكد أن دولة الجنوب الجديدة لن تكون تكرارا للجمهورية اليمنية التي فشلت وانهارت بسبب شذوذ وضعها وبالتأكيد لن تكون تكرارا لتجربة الجنوب العربي في الخمسينات أو جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولن تكون إلا دولة ديمقراطية تعددية تقر بالتداول السلمي للسلطة بين مواطنيها ومنفتحة على محيطها الإقليمي والدولي وشريكة في بناء السلام ومحاربة الإرهاب والتنمية المستدامة.

   أتمنى لفعاليتكم التوفيق والسداد ، وأترحم على أرواح الشهداء وأدعو للجرحى بالشفاء والمعتقلين بالحرية الدائمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*   من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك