fbpx
أيها العالم… إحذر السفهاء

نجحت دول «التحالف العربي»، ومعها الحكومة اليمنية، في حشد دعم غير مسبوق لتمويل خطة الإستجابة الإنسانية لليمن للعام 2017م ، تجاوز المليار دولار، أي نصف ما حددته اليمن في خطتها التي أطلقتها في فبراير الماضي، وقالت إنها بحاجة إليها كحد أدنى لمواجهة التزاماتها الإنسانية العاجلة، والمقدرة بمليارين ومائة مليون دولار.

أُسدل ستار مؤتمر جنيف لتمويل خطة الإستجابة الإنسانية لليمن بنجاح، ومع ذلك لا تبدو الأمور قد حُسمت باتجاه إنقاذ اليمن من محنتها الإقتصادية المعقدة، التي تهدد مئات الآلاف من اليمنيين بمجاعة حقيقية، بدأت مؤشراتها بقوة من محافظة الحديدة الغنية بالزراعة والاسماك، والأكثر فقراً من كل محافظات اليمن.

لذلك، يبدو الأهم من الوعود والالتزامات الدولية التي قدمت في جنيف، الوفاء بها. فكثير من الدول تعد ولا تفي بما تعلنه، أو أنها تستنفد منحتها على شكل دورات وخطط تدريب ينفذها خبراء منها، كما تفعل الحكومة الأمريكية التي تصرف معوناتها على خبرائها في دورات عن الديمقراطية والجندر وربما حقوق الجنس الثالث.

وإضافة إلى ما سبق، فإن الأهم من الوفاء بالالتزامات، هو الآلية التي سيتم من خلالها تنفيذ التدخلات الأجنبية في إنقاذ ملايين اليمنيين من الفقر والمجاعة، التي يذهب بسببها طفل كل عشر دقائق، بحسب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس. وهل سيكون ذلك عبر تدخل مباشر وإشراف ورقابة دقيقة من المنظمات الدولية للمشاريع المعتمدة؟ أم أنها ستسلم بطيب خاطر لوسطاء محليين يخضعونها للضرائب والزكاة والصدقات حتى لا يصل منها إلى مكانها الطبيعي غير الفتات؟

أما الأمر الأكثر أهمية في كل هذه العملية، فهو ألا يوكل للحكومة اليمنية أي مهمة تتعلق بالتصرف بملايين الدولارات المصروفة للفقراء، لأن التجارب السابقة خلفت حالة من التشاؤم في قدرة الحكومة على إعمال مبدأ الشفافية بالتعامل مع المساعدات الدولية والقروض الخارجية، التي تذهب بقدرة قادر إلى جيوب أساطين الفساد، وفي أحسن الأحوال عدم القدرة على استيعابها في مجالاتها الملحة.

للحكومات اليمنية سجل أسود في التعامل مع المنح والقروض الدولية، والتي ليس آخرها ما تم تقديمه في مؤتمرَي المانحين اللذين عقدا في لندن في عامي 2006م و2010م، حيث جمعت رقماً مقارباً لمؤتمر جنيف 2017م، لكن فساد حكومات المخلوع صالح عجز عن استيعابها والتعامل معها بشفافية ما تسبب في ضياعها.

للأسف، إن الفساد الحكومي وعدم كفاءة المؤسسات الرسمية في التعامل مع المعونات والهبات الدولية ولد حالة من الشكوك، تصل حد الجزم لدى المجتمعين الدولي والمحلي بعدم تحلي الجهات الحكومية بالنزاهة والشفافية المطلوبة، التي تشجع المانحين على دعم الإحتياجات العاجلة لملايين الفقراء والمعوزين، الذين يحتاجون للغذاء والدواء والتعليم والكهرباء والماء الصالح للشرب.

إن المأمول من المجتمع الدولي، وفي المقدمة منه دول «التحالف العربي»، أن يستوعب حجم الفساد المستشري كالسرطان في جسد المؤسسات الرسمية اليمنية، وبالتالي عدم تمكينها من الدعم المقدم للفقراء والمساكين. فهذه الأموال إن لم تُسخّر لمصلحة الناس فإنها ستستخدم ضدهم، ولإخضاعهم كما هو حاصل في الجنوب الآن، حينما تُسخّر الإمكانات الخارجية لشراء الذمم والعبث بأمن وسكينة المجتمع.

نصيحة الختام للعالم أجمع: لا تسلموا السفهاء أموالكم، فانهم سيسيئون لكم وللناس، وأوصلوها إلى من يستحقها، علكم تظفرون منهم بدعوة تنفعكم يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا حكومات فساد.