fbpx
الإعلام والسلطة .. علاقة هشة !

أصبح الإعلاميون متهمين بالتقصير في أداء رسالة إعلامية سامية تجاه الوطن وتجاه الشعب ، في ظل هذه الظروف الصعبة والعصيبة .. بل أن البعض ذهب إلى ابعد من ذلك حيث رمى الكثير منهم بتهم الخيانة والعمالة و الارتزاق .. أنا لا أبرئ احد هنا ، ولكني ضد تعميم التهم وضد سارقي مهنة الصحافة والإعلام (ماسحي الجوخ) الذين يضربون بمعايير وقيم  المهنة عرض الحائط  دون استحياء أو خجل . لهذا لا تحمّلوا الإعلاميين الشرفاء فشل أي مسئول أو مؤسسة في انجاز مهامها  وواجباتها في ظل غياب واضح للتنسيق والعمل المشترك بين الإعلام و السلطة .

كنت قد أكدتُ خلال مداخلتي في ندوة “دور الإعلام المرئي في تعزيز الأمن بعدن” التي عقدت قبل عام في جامعة على ضرورة التنسيق بين السلطة المحلية و أجهزة الإعلام والصحافة واقترحت في هذا الشأن تشكيل (غرفة إعلامية) بالمفهوم الدقيق لها ، يرأسها المحافظ أو وكيل أول المحافظة وعضوية الإدارات العامة : الشرطة ، الصحة ، النفط ، الكهرباء ، المياه ، رؤساء المرافق الإعلامية ، رؤساء الصحف المحلية ، وعدد من الشخصيات الإعلامية المعروفة ، مهمتها الرسم والتخطيط والتوجيه الصحيح لنوعية ومسار الرسالة الإعلامية المطلوبة لهذه المرحلة .. ايضا توفير المعلومات والإحصاءات والبيانات للإعلاميين عن أي قضية أو مشكلة أو ظاهرة حتى تعينهم على صياغة رسالة إعلامية مفيدة لا تأتي بنتائج عكسية مطلقاً. للأسف مضى عام ولم يتطرق احد لهذه الفكرة لا  إيجاباً أو سلباً ! رغم أن أخبار الندوة وتوصياتها نُشرت في كل الصحف والمواقع الالكترونية . هناك الكثير من الأفكار ينشرها الإعلاميون والمثقفون والمهتمون و الشباب كل يوم ، بل أنهم ملوا من كثرة نشرها ، وبعضهم أصيبوا بالإحباط  لعدم تفاعل الحكومة الشرعية والسلطة المحلية في عدن مع أرائهم ومقترحاتهم الجيدة.. بسبب الحاجز الذي صنعه إعلاميو الدواوين  والمرافق الحكومية الباحثين عن الزعامة والمال .

مشكلة المسئول انه  لا يقرأ .. وإذا قرأ .. يقرأ مانشيتات الصحف فقط ! بحجة انه مشغول وما عنده وقت لكلام الجرائد الفاضي .. أما إذا نُشرَ خبر أو مقال عن تقصيره في مهامه أو تعاطيه الخاطئ مع مشكلة حيوية تهم المواطن ، فانه يقيم الدنيا ولا يقعدها ! يطلب كل الصحف و يقرأ الخبر أكثر من مرة ، ويشعر كأن الكرسي من تحته يهتز ، ويسب ويلعن أبو من كتب ونشر .. وهنا البطانة ما تقصر بل تبدع وتتفنن في الرد والتهديد والوعيد ، أما العامة كعادتهم ينقسموا إلى معارض ومؤيد ، ويدخل الجميع في مهاترات عقيمة لا تغني ولا تسمن من جوع .

علينا أن نعي جيدا إن ماراثون المهاترات والشتم والافتراء والتقويل الكاذب للآخر في وسائل الإعلام قد أحدث تصدع جسيم في جسور الثقة المتبادلة بين الإعلاميين والسلطة ، وعلينا أن نعمل جميعاً للحؤول دون  نجاح المآرب الحزبية الضيقة والفئوية المتخلفة التي تستخدم وسائل الإعلام المجتمعي بكثرة لبث سمومها الخبيثة في كل لحظة وحين .

أتمنى أن يحضى هذا الموضوع بالنقاش الجاد والتحليل العلمي باعتبار أن السلطة والإعلام من البنى المجتمعية الأساسية التي تعيش في تفاعل دائم  يؤدي احياناً إلى صراعات تنعكس على وظائف القطاعات الأخرى في المجتمع ، وتؤثر عليها بشكل سلبي .