fbpx
تغييب العقل الجنوبي” .

بقلم/محمد بن زايد الكلدي

إن أردت ان تغيب شعب وتسلب حقوقه، وتضيع مستقبله، وتنشر بين اوساطه الخلافات والإشاعات والعصبية والجهوية، فما عليك إلا أن تغيب العقل وتزييف الوعي بين أوساط هذا الشعب ..
كما قال المفكر الألماني “كانط” في أحد محاضراته مع طلابه في الجامعة ” كيف تكون الحضارة ممكنة ؟ قال إذا كان الفكر ممكنا، ولا يكون الفكر ممكنا وسليما إلا إذا كان العقل ممكنا” .
ان من أكبر نعم الله عز وجل ومنه وكرمه على بني الإنسان هي نعمة العقل السوي الذي يرى الأشياء واضحة وماثلة أمامه بعيدا عن تزييف الحقائق وتشويه للأشياء، أو كما قيل إذا حضر العقل غاب الكلام.

منذ إنطلق الحراك الجنوبي الشعبي برغم كل ما حققه من حشد وتعبئة جماهيرية ساعدت إلى أبعد حد في التصدي لبعض المؤامرات وخاصة الحرب الأخيرة مع الحوثي وصالح، حيث كان هناك تجهيز شعبي وتعبئة جماهيرية لمواجهة المليشيات الإنقلابية المسلحة، والتي تم كنسها من كل محافظات الجنوب، ولكن كان هناك فريق يتربص بهذا الشعب الصابر والصامد مستغلا الهيجان الثوري المتصاعد وبساطة الناس الطيبة، فعمل متعمدا على تغيير الكثير من المفاهيم والثوابت الثورية والوطنية بمفهومها الحقيقي، فأرادوا أن يجعلوا من ثورتنا تميل إلى التطرف السياسي وان تنهج المرجعية اليسارية حسب أمانيهم وزعمهم، فظهر الإعلام الذي يريد استحضار واسترجاع مرحلة لم تعد صالحة لوقتنا الحاضر، بل كانت وبالا وعذابا علينا وسببا في ضياع وطن مترامي الأطراف، نتج عنه معاداة محيطنا الداخلي والإقليمي! حتى لم نجد على مرور عشر سنوات منذ قيام الثورة الجنوبية دولة أو منظمة تتبني قضيتنا العادلة، كذلك عمل هذا الفريق على التحريض السياسي وتثوير العصبيات وتوتير الأوضاع، وتأجيج الصراع الداخلي والانقسام الجهوي، وأدلجة القضية الجنوبية وتحويلها إلى مجرد حركة حزبية ضيقة غابت فيها الروح الوطنية الجامعة.
بحيث اكتسب البعض من الجماهير الجنوبية وعيا زائفا أو ساذجا بسبب الجمود الفكري والتأخر السياسي وقمع للصوت المخالف حتى بإبداء الرأي والملاحظة وتسفيه للعقل الفردي المخالف للعقل الجمعي، وأصبح نقد المسؤول والقيادي الفلاني مساسا بالكرامة والوطنية الجنوبية، وبسبب هذا الضخ الإعلامي برزت معه ظاهرة التخوين والعمالة لكل صوت حر مستقل يريد أن يعمل بالأدوات السياسية التي يؤمن بها العالم الآخر، وتعطيل أي تقارب جنوبي جنوبي وإيجاد حامل سياسي أو منظمة وطنية جنوبية نطل من خلالها إلى العالم الحر كي نشرح له قضيتنا وأبعادها ومعاناة شعبنا.
برغم قتامة المشهد وتشويه الصورة ما زال هناك وعيا جنوبيا حقيقيا يتنامى ويتصاعد كل يوم على حساب العقل الجامد والفكر السالب والصوت الأحادي الذي أوصل القضية الجنوبية العادلة إلى نفق مظلم، فلا بد لهذا الصوت أن يرتفع ويكون حاضرا وبقوة في صنع مستقبل الجنوب بما تقتضيه المصلحة الجنوبية الواقعية، بعيدا عن بيع الوهم الذي يريد البعض رفعه في وجوهنا بإستمرار .