fbpx
عرب في مهرجان “كانّ”: وقائع العيش
شارك الخبر

يافع نيوز – فن وثقافة

مع اختيار نتاج سينمائيّ جماعي لبناني دولي، “ليبانون فاكتوري”، لافتتاح الدورة الـ 49 لـ “نصف شهر المخرجين”، التي تُقام خلال الدورة الـ 70 (17 ـ 28 مايو/أيار 2017) لمهرجان “كانّ” السينمائيّ الدوليّ، يُشارك فيلمان عربيان في مسابقة “نظرة ما”، التي أنشأها جيل جاكوب (المندوب العام والرئيس السابق للمهرجان) عام 1978، بهدف اكتشاف “مواهب جديدة” في العالم.

بالإضافة إلى هذا، يُشارك الدنماركيّ، الفلسطيني الأصل، مهدي فليفل (1979) في مسابقة الأفلام القصيرة التي تتنافس على جائزة “السعفة الذهبية” لأفضل فيلم قصير، بجديده “رجل يغرق” (15 د.)، الذي تتردّد أقوالٌ في أوساط صحافية، متابعة لمهرجان “كانّ”، تفيد بأن “موضوع الفيلم”، الذي يستكمل المشروع السينمائيّ الإنسانيّ للمخرج الشابّ، “ربما يُثير اهتماماً كبيراً، ويلقى صدى (نقدياً وجماهيرياً) لافتاً للانتباه، في المهرجان” (الأشهر في العالم، والأكثر حضوراً إعلامياً على المستوى الدولي).

المشروع الجماعيّ، الذي يحمل اسم “فاكتوري” (المصنع)، والذي بدأ دورته الأولى عام 2013، يهدف، هو أيضاً، إلى تقديم مواهب جديدة، “بتمكين سينمائيين شباب، من مختلف أنحاء العالم، من أن يلتقوا معاً، ويشتغلوا معاً، ويُنجزوا أفلاماً معاً”؛ على أن تختصّ كلّ دورة ببلدٍ معيّن، كتايوان (2013) والدول الاسكندنافية، فنلندا والدنمارك (2014)، وتشيلي (2015)، وجنوب أفريقيا (2016).

وبحسب التعريف الرسمي، فإن المشروع محدَّدٌ بما يلي: بلد واحد، شهر واحد، 8 مخرجين، 4 ثنائيات، 5 جنسيات، 4 أفلام قصيرة (مدّة كل واحد منها 15 دقيقة)، فيلم روائي طويل واحد. أي أن 4 مخرجين ينتمون إلى البلد المختار في كل دورة، يتعاونون مع 4 مخرجين مختارين من 4 دول مختلفة، شرط أن يكونوا جميعهم قد أنجزوا أول أو ثاني فيلم طويل لهم.
والنظام الأساسيّ للمشروع “يمنع” العاملين فيه من التصريح بمواضيع أفلامهم، قبل تقديمها في “كانّ”، للمرّة الأولى.

“ليبانون فاكتوري” (لبنان) يضمّ مشاريع لأحمد غصين والفرنسية لوسي لاشيميا، المتخصّصة بأفلام التحريك (تمثيل: سعيد سرحان)؛ وشيرين أبو شقرا، والإيطالي السويسري مانويل ألميريدا بيرّوني (تمثيل أحمد قعبور وسامي حمدان)؛ ومونيا عقل والكوستاريكيّ إرنستو (نيتو) فيلالوبوس (تمثيل: جورج دياب وثريا بغدادي وألكسندرا قهوجي)؛ ورامي قديح والبوسنية أونا غونجاك (تمثيل: ايلي نجيم).

أما فيلما “نظرة ما”، فهما “على كفّ عفريت” للتونسية كوثر بن هنيّة (1977)، و”طبيعة الوقت” للجزائري كريم موسوي (1976)، علماً أن الأول، المُنتَج بفضل تعاون قائم بين جهات أوروبية وعربية (تونس، فرنسا، السويد، النروج، لبنان، وسويسرا) مُقدَّم باسم تونس، بينما الثاني مُقدَّم باسم فرنسا، التي تفرّدت بإنتاجه. وهذا لن يحول دون الإشارة إلى أن الموضوعين عربيان، وأن الفيلمين مُصوَّران في تونس والجزائر، وأن معظم الممثلين والتقنيين والفنيين تونسيون وجزائريون.

كعادتها في التنقيب السينمائيّ في أحوال بلدها، اجتماعياً وإنسانياً بصورة أساسية، تختار كوثر بن هنيّة موضوعاً حيوياً وآنياً، لقراءة بعض الجوانب الخفية في الاجتماع التونسي، سلوكاً وأنماط عيش وعلاقات. ومع “على كفّ عفريت” (95 د.)، تستكمل مشروعها السينمائيّ، الذي يمزج الوثائقي بالمتخيّل، بسردها حكاية الشابّة مريم (مريم الفرجاني)، التي تلتقي أحدهم في حفلة طلابية، قبل ساعات من عودتها إلى بيتها، وهي في حالة صدمة كبيرة.

ومنذ تلك اللحظة، تبدأ ليلةٌ طويلةٌ وقاسيةٌ بالنسبة إليها، إذْ تجد نفسها في دفاع مستميتٍ عن كرامتها، وعن حقوقها الإنسانية، وعن فرض احترام حقوقها على الآخرين، في وقتٍ واحد. والسبب؟ لن تُكشف الحكاية منذ الآن، لكن تعريفاً بالفيلم يطرح السؤال التالي: “كيف يُمكن الحصول على العدالة، عندما تكون العدالة بين أيدي الجلاّدين؟”.

وإذْ يتناول جديدها هذا موضوعاً حيوياً، يُمكن أن تحدث وقائعه في الماضي أو الحاضر (وإنْ تكن قصّة الشخصية الأساسية واقعية)، فإن فيلميها السابقين “شلاّط تونس” (2012) و”زينب تكره الثلج” (2016) يغوصان في أعماق واقع تونسي، عبر حكاية شاب (مجهول الهوية!) يعتدي على نساءٍ تونسيات غير محجبات بسكين (شلاّط تونس)، ومتعاوناً مع شخصية مراهِقة تُدعى زينب، ترافق والدتها الأرملة في رحلة بحثها عن حبّ قديم، وعن هجرة وعلاقات وصداقات موزّعة بين تونس وكندا (زينب تكره الثلج).

أما “طبيعة الوقت” (115 د.، سيناريو كريم موسوي ومُوْد آمِلِين)، فتدور أحداثه الدرامية في جزائر اليوم، عبر 3 قصص عن 3 شخصيات، يتصادم ماضيها بحاضرها: وكيل عقاريّ ثريّ، وطبيب أعصاب طموح يُلاحقه ماضيه، وامرأة شابّة ممزّقة بين صوت العقل ومشاعرها.

ثلاث قصص تغوص في أعماق النفس البشرية وأهوائها ومشاغلها وخرابها وأحلامها المعطّلة، وتعكس، بالإضافة إلى هذا كلّه، شيئاً من طبيعة الانشقاق والانكسار والخيبات، التي تعتمل في بنية المجتمع العربي المعاصر.

أما “رجلٌ يغرق”، فيسرد حكاياتٍ إنسانية، مستلّة من واقع الحياة الفلسطينية في مخيّمات الشتات، التي (الحكايات) يحاول مهدي فليفل توثيقها، سينمائياً، عبر أفلامٍ ترتكز على جماليات الصورة، ومفردات التوثيق البصريّ المفتوح على إعادة بناء سينمائيّ للوقائع، كما في “عالم ليس لنا” (2012) مثلاً، أو “رجل يعود” (2016). علماً أن الحكايات لن تبقى محصورة داخل المخيّم، إذْ تخرج مع “أبطالها” إلى المنافي الأخرى، بما فيها من تحدّياتٍ ورغباتٍ وأوهامٍ وإحباطات ومشاعر.

 

أخبار ذات صله