fbpx
إسقاط القدوات

منذ بداية انطلاق السينما والدراما العربية وحتى يومنا هذا تم تصوير قدوات المجتمع المتمثلة بالأم والمعلم والعالم واهل الدين بصورة مقزمة ومسيئة تنتقص منهم تماما.

 
فربة البيت تصور إما امرأة ضعيفة رثة المظهر او كل همها النوادي والجمعيات الفارغة او امرأة مطحونة لا تمتلك قرارها.

 
وكثرت في هذا النكات خاصة تلك التي تشوه صورة الزوجة امام زوجها وتداولها الناس وبلا شعور تعمق في وجدان كثير من الرجال ان أي امرأة في الكون هي أفضل من زوجته سواء شكلا او فكرا وهيئة وهذا مما ساعد على الخيانات وتفكك الأسرة.

 

 
والمعلم رجل فيه حمق ولا يخلو منظره من صورة نمطية أصلع الرأس غالبا لديه سمنة أو نحافة مفرطة يعاني الفقر ويلجأ غالبا للدروس الخصوصية بشكل أشبه بالمتاجرة.

 
وأما العالم وأهل الدين فحدث ولا حرج، فقد جمعت لهم كل مساوئ الأخلاق والمظاهر فهم القساة في بيوتهم المتسلقون لأجل مصالحهم، المهددون لأمن الوطن وكل ما يمكن أن يدور برأسك فقد ألصق بأهل الدين، ولم ينج من هذه الصورة إلا ما يمكن أن نسميهم الدراويش الذين يكتفون بجلسات الزار وزوايا التكايا فهم الذين لا خطر منهم يهدد السلطة أو كرسي الحاكم ولا يهمهم إصلاح المجتمع، فبالتالي تفسح لهم مجالات واسعة من الظهور والاحتفاء بهم ويصدروهم المجالس والوسائل الإعلامية.

 

 
وبالفعل نجح إعلام المسيح في هدفه وحقق مبتغاه، فالمرأة كرهت تلك الصورة القبيحة عنها فبدأت تسترجل وتزاحم في أعمال لا تليق بأنوثتها وأهملت بيتها وتركت تربية أولادها للخادمات أو للشارع ورفقاء السوء، وبدأت تجري في ميدان العمل وتنهمك في عالم الموضة حتى لا تكون صورة تلك المغنية أو الممثلة أقرب إلى قلب زوجها، وهنا بدأت الأسرة تترنح أمام مغريات صنعها إعلام متمرس في خلخلة القيم وتفكيك الأخلاق.

 
مع ذلك التصوير القبيح للمتدين والعالم نشأ شباب يتصيدون عثرات العلماء ويتقنون القدح في الدعاة ونشر النكات السخيفة عنهم ونقل الأكاذيب عنهم،
بل وصل الحال بكثير منهم للسب واللعن لمن يمكن أن نسميه قدوة ليس فقط المتدينين بل شمل كل مفكر أو مثقف همه إصلاح المجتمع وبيان عبث الحاكم وزبانيته.

 
لم يترك الإعلام بإيعاز من الحكام الإنسان العربي والمسلم بلا قدوات يحتذي بهم حاشاهم أن يدعو شباب المسلمين ورجاله ونسائه دون مثل أعلى يقلدونه ويحذون حذوه فصنعوا لهم المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات والتافهين والتافهات ومجاميع من الفتوات والصعاليك، حيث قاموا بإنتاج آلاف الأفلام والمسلسلات التي تصورهم كملائكة فامتلأت قلوب العامة بحبهم وظنوا أن هؤلاء هم الذين يجب أن نكون مثلهم، وافسحوا المجال للكتّاب الذين يخدمون نفس الفكرة فملأوا المكتبات بمؤلفات تدعم هذا السقوط.

 
محاولات وملايين بذلت ومازالت وعقول مريضة لم تتوقف حتى اليوم عن العمل لهذا الهدف، نعم حققت كثيرا مما رمت إليه لكنها فشلت في أن تصل لأولئك الذين تربوا تربية أخلاقية راسخة وتلقوا تعليما نظيفا خاليا من الشبهات والدس المريض.

 
وفي النهاية.. فأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وأما الغثائية والزبد فمصيرها الزوال.
خاتمة شعرية: للشاعر أحمد مطر
فصيحنا ببغاء،
قوينا مومياء،
ذكينا يشمت فيه الغباء،
ووضعنا يضحك منه البكاء،
تسممت أنفاسنا حتى نسينا الهواء،
وامتزج الخزي بنا حتى كرهنا الحياء