fbpx
من يُنقذ عدن؟

 

محمد عبدالله الصلاحي

– لن تتعافى عدن مطلقاً في القريب العاجل. الحرب أوهنتها كثيراً، وبعد الحرب زاد العبء على المدينة، فقد باتت رهينة لتسلّط تاجر جشع، فخدماتها الأهم (النفط، الكهرباء) باتت تخضع لسطوته بطريقة أو بأخرى، وبقية الخدمات تشهد سوءاً مماثلاً، ذلك أن تحسّنها مرتبط بهاتين الخدمتين.

– لم يكتفي التاجر المتسلط بهذا القدر من امتهان حياة الناس في عدن، بل يتردّد أخيراً أنه مدّ أذرعه للتحكم في سوق العملة، وهو ما يعني خضوع العملة لمزاجيته المقترنة بالسوء، ما يُنبئ بتدهور كبير في قيمتها السوقية، ليُضاعف هذا من الحال الاقتصادي المأساوي في عدن، المنهك أصلاً من تتابع الأزمات.

– في اليمن، لم يسبق أن تسلّط تاجر على قدر مدينة، ومصير الشعب، حتى في سنوات حكم المخلوع. لكن، سيكتب التاريخ أن هذا حدث في عهد الشرعية، وبوجود التحالف العربي المكوّن من عشر دول، بقيادة دولتين اقتصادهما من كبرى اقتصاديات العالم!

– صنعاء التي نُصفها بـ “المحتلة”، حالها أحسن بكثير من عدن “المُحررة”! ويا لها من غرابة، ووجه الغرابة يكمن في أن بالقرب من صنعاء في “نهم” تحديداً تجري حرباً ضروساً، وتشهد حصاراً خانقاً، وسوء إدارة ميليشاوية، أو هكذا يتراءى لنا. في حين أن عدن مفتوحة أمام البر، والبحر، والجو، وتحكمها شرعية مدعومة من عشر دول. ومع هذا لم تستفد بشيء من هذا، ولم يشفع لها مقاومتها للمد الحوثي!

– يكتب البعض متسائلاً، أين رأس المال ذوي الأصول الجنوبية الموجود في الخارج؟ ولماذا لا يكون له دور في استتباب الاستقرار الاقتصادي للعاصمة عدن؟

– رأس المال المتواجد في المملكة نشأ في ظل بيئة نظيفة، رأس مال تعاظمت ثروته من التجارة التنافسية النظيفة، رأس مال عصامي، بنى ثروته طوبة طوبة. وبالتالي فالأجواء التي يسودها الفساد المالي، وسوق العصابات المسيطرة التي تعيشها عدن، لا يُمكن أن تكون مشجّعة لدخول إليها. ليس لعدم قدرته على فرض وجوده، بل لأنه حريص على نظافة اسمه التجاري العريق. فدخوله يعني أحد خيارين: إمّا الوقوع في وحل التنافس الغير شريف مع هذه العصابات ليضمن ربحه التجاري، أو الخيار الآخر، وهو فشل مشروعاته.

– لو نظرنا، ماذا تُمثل حجم تجارة التاجر المتسلط على مصير عدن، أحمد صالح العيسي بالنسبة لعمالقة التجارة في السعودية من أصول جنوبية أمثال عمر قاسم العيسائي، علي عبدالله العيسائي، بن محفوظ، بقشان، بن لادن، وغيرها من الأسماء الجنوبية العريقة الموجودة في المملكة؟
– لا وجه للمقارنة بينهم. لكن البيئة المُثلى لهؤلاء التجّار تختلف عن بيئة العصابات التي نشأت عليها تجارة أحمد صالح العيسي.

– حتى يأتي رأس المال الجنوبي للاستثمار في عدن، يجب أن تكون تجاربهم الأولى مُشجعة على العودة مُجدداً إلى عدن. ذلك أن تجاربهم السابقة رافقها حالات تعطيل حكومية متعمدة، إمّا بقصد إبقاء الساحة حكراً لتجّار الأزمات، أو سعياً من قِبل مسؤولين في الدخول بشراكات معهم على طريقة ثقافة المخلوع (الشراكة مقابل الحماية).!

– رأس المال الجنوبي المتواجد في المملكة ضخم جداً، وشارك في بناء ونهضة المملكة. وبمقدوره إن توفّرت له سُبل الحماية والدعم والتسهيلات أن ينهض باليمن شماله وجنوبه إلى مصاف الدول الرائدة في المنطقة. لكن، منطق نظام المخلوع السابق جعله يفضّل اللاعودة، فيما بيئة العصابات الرأسمالية التي تتحكم في عدن حالياً ستجعله يربأ بنفسه في دخول مستنقعها.

– وحول عنوان الموضوع أعلاه، من يُنقذ عدن، من سطوة العيسي، وغفوة هادي؟