fbpx
رغم ذلك .. صدّروا لنا الكثير

فهد البرشا

قرأت مقال مروان الغفوري عن الشمال والموسوم بعنوان( نحن الشماليين مبدئنا الغدر وسياستنا بلطجيه) والمقتبس من قصيدة الشاعر العراقي / أحمد النعيمي    الذي أُعدم بعدها مباشرة لانها عرّت حقائق كثيرة وكشف زيف وكذب الواقع العراقي الذي بات لايحتمل ومحاولة البعض تجميله بروتوشات كاذبه زائفة ..

كانت إسقاطات الغفوري جميله جداً على التعامل الشمالي مع الجنوبيين،وكل ما ذكره الغفوري هو الواقع الذي عاشه الجنوب وهو في ذات الوقت العهر السياسي والقبلي والجهوي الذي مارسه ساسة الشمال ونافذوه ضد أبناء الجنوب إرضاً وإنسان،من سلب ونهب وإقصاء وتهميش وقتل وتدمير..

واقع الجنوب هو ذلك الواقع الذي ذكره الغفوري في مقاله المقتبس،بل ربما تعدى ذلك بكثير وتجاوز كل الحدود أكانت منطقيه اوعقلانيه وحتى حيوانيه،فالشماليين مارسوا طقوس السلب والنهب بطريقة همجية وعبثية سخيفة لم يسبقهم إليها احد،وتنكروا لكل معروف قدمه الجنوبيون لهم،الأمر الذي جعل من الإدندماج مع هؤلاء مستحيل،والتعايش معهم غاية في الصعوبة،وخلق فجوة كبيرة بين أبناء الجنوب الذي قدموا الغالي والنفيس وأبناء الشمال الذين أستباحوا كل شيء وأنتهكوا كل شيء،وأتت همجيتهم على شيء فلم تبقي ولم تذر..

وطالما أن الغفوري قد أعترف بكل هذا وأن ثقافتهم الهمجية والعشوائية أتت على الجنوب أرضاً وإنسان وأهلكت الحرث والنسل،فينبغي لنا أن نعترف كجنوبيين أننا كنا بيئة حاضنة وأرض خصبة لتلك البذرة الخبيثة التي زرعها نظام صنعاء وزبانيته في الجنوب،وأسقيناها نحن بممارستنا لها وتطبيقها في واقعنا العملي والحياتي..

ومن يقلب صفحات واقعنا الجنوبي اليوم يجد الكثير من الثقافات الدخيلة والتي تأصلت فينا كجنوبيين وباتت سمة من سمات واقعنا،بل ربما تفننا فيها وأبدعنا وتجاوزنا (خبرة) المعلم الأول (عفاش)،حتى بتنا نتخاطب بذات لغتهم ونتعامل بذات سياستهم التي لاتخلوا من الهمجية والعشوائية والعبثية،بل بذات الأخلاق التي تفتقر لمخافة الله والوازع الديني والضمير والإنسانية..

أقولها بكل صراحة أستطاع عفاش وزبانيته أن يزرع كل الثقافات السخيفة والهمجية في واقعنا الجنوبي،وأنتزع وبحرفية عالية ثقافتنا وأخلاقنا الرفيعة وإنسانيتنا وحتى (وطنية) البعض وذممهم،وغدى التعامل في كل مناحي الحياة بذات الطريقة التي خطط لها محروق صنعاء وزرعها في واقعنا وحياتنا منذ أن وطأت قدماه تراب الجنوب..

لن ننكر تلك الهمجية وذلك العهر السياسي والقبلي الذي تعاملت به سياسة صنعاء معنا كجنوبيين وفرضت عليه،ولكن تلك السياسة ايضا بذرت كل تلك الأفكار والمعتقدات في الواقع الجنوبي الذي كان واقع نظامي وثقافي ووطني بإمتياز،وأثرت تلك السياسة سلباً على حياة الشعب الجنوبي،وبات من المستحيل الإنسلاخ منها بعد أن (تشبع) منها الجسد الجنوبي (وسرت) بين أوصال البعض..

إذن هم كما قال الغفوري عنهم،ولكن نحن أخذنا منهم الكثير،وتعلمنا منهم الكثير، وصدروا لنا الكثير وبتنا نحن بيئة حاضنة لكل تلك الأفكار الدونية والمعاملات السخيفة التي أتى بها نظام صنعاء..