fbpx
بندر عدن بين الأمس واليوم

 

شاءت أقدار الله عز وجل أن نلتقي على متن حافلة كانت تقلنا من المهرة إلى العاصمة عدن، مع جمع من شباب يافع ومن أبين وعدن وغيرها من مناطق الجنوب الواسعة، بعد رحلة مكوكية من الدوحة الى مسقط فصلالة في سلطنة عمان، ولكن كانت أرواحنا تسابق الزمن وتطير من الطيور كي تصل الى مدينة عدن الباسمة ونكحل أعيننا بمن نهوى ونحب، وسط صمت الحضور ومع التعب وشدة الأرق فاذا بأحد الإخوة يفتح هاتفه كي يؤنس على نفسه ويستمع لبعض الأغاني التي تعجبه فاذا هو يستمع لأغنية ذاع صيتها في كل أرجاء الأرض وتغنى بها الصغير قبل الكبير وهي من كلمات وألحان الفنان أبو بكر سالم ( يا طايرة طيري على بندر عدن )!.
هنا تأملت كثيرا بهذه المعزوفة ووقفت محتارا من كلماتها وجمالها وتقادم الزمن عليها، لإنها تحاكي تاريخ عريق ووطن كان يوما كبيرا قدم أبناءه الغالي والنفيس من أجل تحريره واستعادته قبل إن ينحر في مطلع التسعينيات من بعض مراهقي السياسة .
فقمت بالبحث عنها مع صديقي العزيز جوجل ، فإذا عمرها يناهز نصف قرن من الزمان، وخاصة في منتصف الستينيات من القرن الماضي، عندما كان الفنان أبوبكر سالم يتنقل بين العاصمتين لبنان وعدن .

 
هنا نتساءل متى نرى بندر عدن يعود مجددا إلى العمل ونستطيع الوصول إلى أوطاننا وأهلنا بكل يسر وراحة ؟ ونخفف من معاناة الطريق ومخاطرها، فكم من غائب لم يعد إلى أهله وكم من مفقود ما زال البحث عنه جاريا.
في منتصف الستينيات من القرن المنصرم شهدت عدن نهضة كبيرة في جميع مجالاتها، وكان لمطار عدن دورا كبيرا حيث ربط المشرق بالمغرب ، وكانت كل الرحلات المتجهة عبر أفريقيا وآسيا ودول الخليج لا بد لها أن تمر عبر هذا المطار العالمي، واليوم أصبح أثر بعد عين وخاوي على عرشه، وكم يسعد أهالي عدن إذا رأوا طائرة تحلق في سماء عدن ، لأنها تذكرهم بتاريخ هذا المطار العريق ومدينتهم الجميلة، وتعيد لهم الأمل المفقود وترسم على وجوههم البسمة .

 
لا بد لعدن أن تعود إلى تاريخها ومكانها الطبيعي، وان يفتح مطارها وميناءها أمام الملاحة الدولية، لأن الحصار سوف يولد مزيدا من التذمر والرفض والإستهجان في الشارع الجنوبي المحتقن أصلا وهذا بدوره يؤثر على العملية السياسية والأمنية كاملا.

محمد بن زايد الكلدي