fbpx
ذكرى التصالح والتسامح الجنوبي

عبدالله الكودي

تحل علينا الذكرى الحادية عشرة للتصالح والتسامح في هذا العام 2017م ، ونحن قد قطعنا شوطا كبيرا على طريق الثورة الجنوبية الثانية ، رغم الكثير من الإشكالات والعراقيل التي تواجهنا وهي بفعل فاعل ، وذلك الفاعل الشيطاني ليس مجهولا بل هو معلوم ومعروف الهوى والهوية ولايحتاج إلى كثير إجتهاد حتى يتم تحديده ، فقد عرفناه وخبرناه منذ ما يقرب من 27عاما .. وهذا العدو البين يعمل بكل ما أوتي من قوة ومكر لتفريق وتشتيت قوى الثورة الجنوبية وبكل الوسائل المتاحه والممكنه وكذا الغير ممكنه ولقد تفنن ذلك العدو في الوسائل والأساليب والطرق .. وأستخدم شتى الحيل والمكائد والتي عجز عنها حتى ابليس ذاته ، بل يمكن التأكيد على ان أولئك قد تفوقوا على الشيطان بكل مايملكه من مكر ودهاء وخداع ، ولقد تفتقت تلك العقول عن حيل والاعيب يعجز بنو البشر عن أستنباطها على مدى قرون من العمل الفكري البشري السوي .

في الأعوام الأولى التي تلت العام 94م عام غزو الجحافل الشمالية للجنوب ، ذلك العام الذي شهد الانكسار الجنوبي الأول في نهاية القرن العشرين ، ذلك الانكسار الذي توهم الغزاه انه لن تقوم قائمة  للجنوب وأهله بعد ذلك الانكسار والذي أصاب شعب الجنوب بفعل تلك الغزوة التي قام بها تتار ومغول القرن العشرين كان الوضع صعبا ومعقدا بعد تلك الحرب اللعينة … ولكن كانت النار تستعر تحت الرماد ، ولقد مارس الأعداء سياسة (فرق تسد) الاستعمارية بغرض تشتيت أي جهد جنوبي لتوحيد الصفوف وقد افلح الأعداء بعض الشيء في ذلك ، لكن كان ذلك تأجيل مؤقتا لان سنة الحياة تعمل عكس مايريدة الطغاة والبغاة وتلك هي إرادة الله سبحانة وتعالى قبل كل شيء .

لم يكن سهلا ولا هينا على الجنوبيين الرضا بهكذا وضع ولذا برزت اشكالا مختلفة من المقاومة هنا وهناك لكن لم يكتب لها النجاح للأسف الشديد نظرا لحالة التشتت التي عاشها الجنوب آنذاك ، وتواصلت حركة المقاومة لكن الظروف لم تكن مهيئة لقيام حركة ثورية قوية ضد قوى الاحتلال … لكن الرفض بداخل النفوس ظل سيد الموقف لذالك الواقع المظلم … وقد عمل الاحتلال بكافة اطيافة على ترسيخ كل العادات السيئة التي لفضها شعب الجنوب منذ عقود مثل استحضار كل الصراعات الجنوبية التي حدثت في الماضي القريب منذ قيام الدولة الجنوبية على الرقعة الجغرافية الجنوبية وحتى الوحدة المشؤؤمة ، وتم التركيز أساسا على احداث يناير 86 م التي كانت بداية النهاية للحلم الجنوبي ، والتي اضعفت الدولة الجنوبية وادت بها الى مآلات لايحمد عقباها … وكلنا يعرف تلك الصراعات التي أدت بنا الى الدخول في نفق مظلم لازلنا نعاني من آثاره حتى يومنا هذا .

اليوم وبعد مرور ما يقارب من 11عاما لازلنا نتذكر البدايات الأولى الشجاعة التي بدأت تظهر في الساحة الجنوبية والتي جرى التحضير لها من قبل نخب عسكرية ومدنية وسياسية جنوبية وكانت تهدف إلى اعاده عرى اللحمه الجنوبية المشتته ، ولقد أدرك هؤلاء الرجال الشجعان حينها اهميه توحيد أبناء الجنوب على كلمة سواء ، وذلك من خلال الدعوة للتصالح والتسامح الجنوبي ، ودفن كل مآسي الماضي البغيض ، والمضي قدما نحو عصر جديد هو عصر التصالح والتسامح بين جميع أفراد المجتمع الجنوبي الواحد الذي مزقته الحروب والصراعات البينية دون هدف او مبدأ أساسي قام عليه ذاك الصراع العبثي الدامي والذي أحدث خسائر جسيمة في الجسد الجنوبي الواحد … ان المرء عندما يقف بعد كل هذه السنين ويتسائل ماجدوى كل تلك الصراعات العبثية آنذاك ؟ وماالغرض منها ؟ بإختصار ستجد الإجابة ان ماجرى كان خطأ فادحا .. أصاب الجنوب في مقتل ، وأدى بنا الى الواقع المؤلم الذي عشناه ولازلنا نعيش اثاره الى هذه اللحظة للأسف الشديد ، وبعد كل هذا الزمن منذ حصول تلك المآسي لابد لنا من التمعن وأخذ العبرة مما حدث في الماضي لمنع تكرار ماحدث حتى نصنع لأجيالنا القادمة واقعا أفضل مماعشناه وعانيناه في الماضي البعيد والقريب

في 13يناير 2006م قامت طلائع التصالح والتسامح بوضع اللبنات الأولى لعصر جديد وهو عصر المصالحة الوطنية الجنوبية الشامله ، والتي أدت إلى تمتين عرى اللحمة الجنوبية الواحدة ، وفتحت دربا جديدا مشرقا للحياة في الجنوب ستظل آثاره الوضاءه واضحة للعيان لردح طويل من الزمن في نفوسنا وسيمتد إلى أسلوب حياتنا في الحاضر والمستقبل .

لقد كانت مأثره التصالح والتسامح الجنوبي ضربه معلم أفقدت الاحتلال وقائده عفاش الصواب فأخذ يتخبط مثل الكائن الخرافي أصابه المس ، ولقد عمل ذلك الاحتلال بكل ما اوتي من قوة لإفشال عملية التصالح والتسامح … لكن الفشل ارتد إليه وأرتدت إليه خيبة الأمل لكن جراب الحاوي كان مليئا بكل صنوف المكر والحقد والخداع لكن مع كل ذلك فقد باءت كل المحاولات بالفشل الذريع ونجح المارد الجنوبي في تجاوز كل مآسي الماضي واستطاع المضي بنجاح على طريق الثورة السلمية الجنوبية الثانية والتي حققت الكثير من النجاحات رغم صعوبة المرحلة .. لقد كان النجاح كبيرا لقوى الثورة الجنوبية ، ونصرها المؤزر على جحافل تتار ومجوس العصر الحديث .. وذلك بعد غزوتهم الأخيرة للعام 2015م ، حيث انه لو لم تتم عمليه التصالح والتسامح بين أبناء الشعب الجنوبي لما تحقق التلاحم والتآزر في الحرب الأخيرة بين أبناء الجنوب بحيث وقفوا في وجة المعتدين ولقنوهم درسا لايمكن ان يتجاوزه الاانسان غبي مكابر لايفقه في أمور الحياة شيئا يذكر .

لقد كان النصر في الحرب الأخيرة مؤزرا ، لكن تم تجيير ذلك النصر لصالح قوى لم تحققه او تشارك فيه .. من قريب او بعيد للأسف الشديد والتصالح والتسامح الجنوبي كان إعجازا إنسانيا عظيما بكل ماتعنيه الكلمة من معنى وكل ذلك تحقق بفضل العمل الكبير والخير الذي بدأ من جمعية ردفان الخيرية والتي تحلت بالشجاعة ونفاذ البصيرة .. وكان التنفيذ جنوبي الهوى والهوية وبإمتياز .. وكان ذلك العمل ملحمة إنسانية كبيرة سيسجلها التاريخ بأحرف من نور .. لقد كان ذلك الفعل العظيم بداية لعصر جنوبي جديد حيث كان التصالح والتسامح البداية الحقيقية للثورة السلمية الجنوبية .. التي كانت منارا ليس للوطن الجنوبي بل للعالم العربي أجمع .

وبعد الحرب الأخيرة ظهرت بعض الدعوات المناطقية هنا وهناك وهي تحاول الاصطياد في المياة العكرة .. وهذه الدعوات والممارسات الضيقة سيكون مصيرها الفشل بعون الله تعالى .. لانها ضد إتجاه وصيرورة الحياة وطبيعيتها الإنسانية القائمة على الفطرة والتعايش والسلام .. فأحذروا ياأبناء الجنوب من هذه الدعوات الماجنة  واللا أخلاقية .. فلقد أدخلت هذه الدعوات بعض السرور إلى نفوس الأعداء وجددت الامل لديهم .. لكننا نقول لهم ان مصير تلك الهلوسات الموت في المهد لانها ضد الطبيعة البشرية السمحه والإنسانية .. والفطرة التي خلق الله الانسان عليها .. وعلينا تجاوز كل تلك الأمور الضيقة ، وان نوحد صفوفنا واهدافنا وان نمتن عرى اللحمة الجنوبية الواحدة لانها الصخرة التي تتحطم عليها كل مؤآمرت الأعداء في كل زمان ومكان .