fbpx
نزيه في قبضة الفاسدين!
كانت لي جلسة مع صديق شاب من التجار المثابرين!
تحدثنا كثيرا في مواضيع مختلفة..
و لكن أهم موضوع تطرقنا إليه و تحدثنا عنه بإسهاب و حرقة شديدة…
 قصة رجل نزيه تقلد إدارة إحدى مؤسسات الدولة التي تعج بالفاسدين…
كأن قبطان ماهر، متقد النشاط..
وضع كل خبراته و نشاطه و نزاهته محاولا أن يبحر بسفينة في بحر لجي مضطرب الأمواج …
كأن  يمخر عباب بحر الفساد يصارع أمواجه العاتية بكل نشاط و همة..
كان يعمل منذ الصباح الباكر و لا يعود منزله إلا مساء..
كان يشارك في كل أعمال الصيانة و تركيب المعدات ب حضوره الشخصي..في اللحظات الذي كان فيها الفاسدون يغطون في نومهم أو يقتلون الساعات في مجالس القات..
و لكن سامحوني لن اكشف اسم الشخص فامثاله  لا يرغبون في ذلك..
 و لن أكشف عن  نوع المعدات..
 و لن اخوض في نوع المشاريع، نزولا عند رغبة صديقي التاجر، الذي كان يمده بالمعدات و الأدوات..
  حين يرن جرس تلفونه…
 و كثيرا في أوقات متأخرة..
 الأسماء لا تهم كثيرا…
 فكثير من هولاء الكوادر الذين نحن في امس الحاجة لعلمهم و جهودهم و أخلاقهم،  هم الان مبعدين عنا أو في بيوتهم لأنهم يشكلون خطر على الفاسدين..
بطل قصتنا كان دائما يطلب معدات و دائما ما كان يكرر لصديقي التاجر..
شوف اريد منك احسن الأسعار..
 كان يرجوه أن يراعي الأسعار..
و يشدد في كلامه انت تعرفني..
 لا أريد منك شئيا  لنفسي..
 و لا اريدك ان تعطي أي شخص مرسل مني ريال واحد..
أريد منك أسعار منافسة…
فأنا  لا أريد أن يزايد علي أحد أن هناك أسعار أفضل من اسعارك!
كلمات كل رجل شريف..
قال عنه صديقي يصفه بكل حماس..
 انه نزيه بكل ما تعنيه الكلمة..
إضافة إلى ذلك فقد كان يشتعل نشاط…
حيث شبهه صديقي بحزمة  من طاقات متفجرة..
نشيط إلى درجة نادرة…
في عهده إستطاع تطوير الكثير من المشاريع و قام بتوفير العديد من إحتياجات المؤسسة..
كان يبحر بثقة و بقوة و كان يعلم أن هناك من يتربص به و لكنه لم يكن يأبه لهم…
كان يعتقد أنه سيرد عليهم بما يحقق من نجاح..
اعتقد، طالما أنه نزيه و شريف فلن يستطع أحد أن ينال منه…
لم يكن المسكين يعلم أن غول الفساد الذي نخر بكل مؤسسات الدولة لمدة ربع قرن لن يستسلم بسهولة..
و لن يقف مكتوف الأيدي أمام شخص مثله يشكل خطرا عليهم في غلق صنابير أموال الحرام عنهم..
غاب عنه إن شيطان الفساد سيسحق من يقف أمامه بكل عنف و دون رحمة
و مع انه كان يتوقع أن يحاولوا النيل منه فقاومهم بشدة..
حاول تجفيف آبار الفساد، و القضاء على منابعهم!
فقام بتوقيف رواتب الكثيرين ممن لا يحضرون للعمل إلا  في نهاية الشهر ليستلمون رواتبهم مقابل بصمة ابهامهم..
البصمة التي هي جل مايقدمونه لهذه المؤسسة..
نعم لقد توقع أن يتألب عليه الفاسدون و لكنه لم يكن يتوقع أن يقوموا بالطعن بشرفه و نزاهته..
لقد نبش الفاسدون في كل ملفاته و لم يجدوا إلا أعماله و قصص نجاحات  و انجازاته. .
و مع ذلك وجدوا الثغرة  في  إندفاعه لتحقيق الإنجازات   و قلة خبرته الإدارية..
كان يعتقد أنه يحقق الأهم و هي الأرقام التي ستكون كافية لتحكي قصة نجاحه في إدارة تلك المؤسسة..
لم يكن يعلم أن الشياطين الفاسدين قد وجدوا الثغرة هناك في قمة عطائه..
فحين كان يرفع السماعة للإتصال   بالتجار الذين يثق فيهم تحت ضغط ضيق الوقت….
و صراعه المستمر مع عامل الوقت لتوفير متطلبات الإنجاز  السريع لأعماله…
هنا  وجد الفاسدون الثغرة…
فكروا ثم دبروا….
هممممم…إذا هو لم يكن ينزل مناقصات بل كان يقرر الشراء بالتلفون؟!
وجدوا التهمة السهلة….
تلفيق بأنه   فاسد و يتعامل مع التجار مباشرة مقابل مبلغ من المال كرشوة…
المسكين الشريف لم يك يتوقع أن يضرب في أغلى شئ حافظ عليه طول حياته و هو أخلاقه و شرفه و نزاهته و مبادئه…
لم يكن يعلم أن عصابة الفاسدين ستنال منه قبل أن يفضحها…
و هكذا نجحوا في إقصائه  فلم يجد أمامه إلا  تقديم إستقالته بعد أن بذل كل مافي وسعه لإنقاذ السفينة..
لتفقد الحبيبة عدن بذلك قيادي آخر  من درجة عالية… و ليعود الفساد ليضرب اوتاد خيمته من جديد في تلك المؤسسة…
أي نكبة هذه نصاب بها دون أن نتصدي لها…
لا نهتم..
 بل أن بعضنا يصدق..
و يفسبك…
  يروج ل اتهام أشخاص دون أن حتى يكلف نفسه عناء  البحث و التقصي عن الحقيقة…
 أو على الأقل أن يصمت و يكف عن جعل نفسه بوق إعلامي للفاسدين!
بطل قصتنا المغدور أضطر أن يترجل بعد إن  كاد أن يفقد عقله كمدا و قهرا..
واختتم صديقي بنبرة حزينة…
 و الله لو وجد مثل  هذا الشخص. ..
 على الأقل  شخص واحد مدعوم و مسنود من المحافظ و مدير الأمن بل و منا نحن كمجتمع في كل مؤسسة…
 لتكسرت أمامهم صخور الفساد…
 و تهاوى الفاسدون كأوراق الخريف..
 لو اعدنا هولاء الكوادر و ساندناهم لساعدنا في  إنقاذ عدن و نقلها إلى المكانة التي تستحقها..
و لكن للأسف….
 الفاسدون لا زالوا يمسكون بمفاصل معظم المؤسسات و الإدارات….
  و كلما تم تعيين رجل شريف لإصلاح  الخلل في إحداها  و معالجة القصور فيها انتفض الفاسدون و كشروا أنيابهم..
و مارسوا كل بغيهم لقلب الأمور..
  فيصبح الإنسان الشريف و النزيه فاسدا بدسائسهم…
و يصبح الفاسد ملأكا طاهر!
بكل الإمكانيات يقومون ب تشويه سمعة كوادرنا اولا أمام الناس..
ثم تطفيشهم و دفعهم للاستقالة في أحسن الأحوال …
و هكذا تصفي لهم الأجواء و تستمر مؤسسات و إدارات  الدولة لتكون مرعى للفاسدين..
تعرفوا ما هو مصير هذا المدير الذي حكى لي صديقي عنه؟!
لقد تعيين في شركة خليجية لإدارة  مشاريعها لما وجدت فيه من نزاهة و طيب خلق و خبرة..
فكم مثله أقصاهم الفاسدون؟!
و كم مثله يقبعون في بيوتهم لا نستفيد من علمهم و خبرتهم و نظافة إداراتهم؟!
فمتى ينصف كوادرنا و نقف خلفهم سندا؟!
 و متى نكون لهم عونا ضد الفاسدين؟!
حسبنا الله و نعم الوكيل!
نبيل محمد العمودي