fbpx
عن مستقبل الوضع العسكري في الجنوب كطرف في الحرب

إذا أردنا كجنوبيين أن يكون لنا نصيباً عادلاً من أي نتائج عادلة للحرب الدائرة في اليمن، فإن الفعل السياسي والعسكري الجنوبي يستوجب إتخاذ القرار الخاص بدولتنا وشعبنا بناءا على تحليل موضوعي للأحداث والمواقف والظروف المحيطة بنا. وفي هذا الأمر، قد لا يكون صعباً على أحد أن يحلل ويستنتج مما هو واضح على الواقع خلال الفترة منذ غزو عصابة الحوثي-صالح للجنوب في مارس من العام الماضي إلى اليوم ، ليجد ببساطة بأنه قد فُرض على دولة الجنوب المحتلة أن تكون جزءاً من هذه الحرب التي تجري على ثلاث جبهات رئيسية هي :

(1) الحرب السعودية-اليمنية، ذات الصبغة الطائفية الإقليمية التوسعية.

(2) الحرب الشمالية-الجنوبية بخلفياتها العنصرية والطائفية وأطماع الشمال بثروات الجنوب.

(3) الحرب السنية-الشيعية في إطار الصراع السياسي على السلطة المركزية بدوافعها الداخلية وعواملها الإقليمية والدولية.

وعليه ، فإن نتائج الحرب الدائرة ستخلق أوضاعاً جديدة يحددها ميزان القوة العسكرية على الجبهات الثلاث ، ليكون لكل جبهة نتيجتها الأساسية ، وبالتالي سيتحدد نوع العلاقات المستقبلية بين الرياض وصنعاء، وبين الشمال والجنوب، وكذلك ستتحدد العلاقة بين الطرف المنتصر والطرف المهزوم في الصراع على السلطة في صنعاء وطبيعة الحكم فيها، إلا إن الصراع بينهما سيظل مخيماً على النظام، نظراً لإرتباطه بالصراع الأيديولوجي الإقليمي التوسعي. وهذا هو الكابوس الذي يؤرقنا، بعكس بعض الوحدويين الجنوبيين .

إن ما يهمنا ويتوجب التأكيد عليه في هذا السياق هو إن النتيجة “المؤقتة” التي حققها الطرف الجنوبي على الأرض في المواجهة العسكرية مع الغزو الأخير للجنوب لا تثبت امتلاكه للقوة كطرف في الحرب، ولا يستطيع الإحتفاظ بتلك النتيجة ما لم يعزز ويقوي وينظم قواته العسكرية بنفسه – قبل إنتهاء الحرب – كطرف أساسي في الصراع، وليس تابعاً لطرف آخر فيها، ودون الخضوع لتدخل ما يسمى بـ”السلطة الشرعية” التي تخوض هي الأخرى صراعها السياسي مع – أو إلى جانب – أحد الطرفين الآخرين.

ولذلك، إذا لم يتنبه الجنوبيون من الآن إلى إن كل جبهة من جبهات الحرب القائمة ستفرز نتيجة مختلفة عن غيرها، ليس فقط بقدر إختلاف الأسباب التي أدت إلى نشوب الحرب فيها، بل أيضاً بمقدار حجم القوة بيد كل طرف، التي يستطيع أن يفرض على أساسها شروطه على الطرف الآخر – أو الأطراف الأخرى – قبل انتهاء الحرب مباشرة، فإن أحد الطرفين الآخرين، أو كلاهما، سيستفيدان من تلك النتيجة “المؤقتة” التي حصل عليها الطرف الجنوبي على الأرض، وسيظل الطرف الجنوبي خاسراً لها – ولما بعدها – إلى أجل لا يمكن توقعه.

وختاماً، لا بد من التأكيد هنا، على إن اكتمال تطهير أرض الجنوب من الغزو السابق، وضمان بقائها بعيداً عن التهديدات القائمة التي تشير إلى إحتمال غزو شمالي جديد لأرض الجنوب، لن يتأتى إلا بتشكيل الكيان السياسي الجنوبي المستقل نسبياً عن الشمال، المتمثل بإقامة حكم ذاتي لإقليم دولة الجنوب المحتلة. وذلك كما جاء في “مشروع الحكم الذاتي” الذي قدمته هيئة المثقفين السياسيين الجنوبيين.