fbpx
الصراع بين الاشتراكيين والإخوان المسلمين

الصراع بين الاشتراكيين والإخوان المسلمين

     ربيع بن علي القاسمي  . 

يخطأ البعض ممن يرون الاحتكاكات وموجات العداء بين الحراك الجنوبي والإصلاح في جنوب اليمن حينما يصرون على أن تلك العداوة والصراع بسبب اتخاذ الإصلاح موقفا من القضية الجنوبية , والحقيقة الغائبة عن أذهان كثير من الشباب اللذين لا تتجاوز أعمارهم الثلاثين أن العداء قديم بعمر الإخوان المسلمين منذ تأسيسهم على يد الإمام الشهيد حسن البناء- رحمة الله عليه – في مصر الكنانة وقد يقول البعض أن العداء أقدم من ذلك الزمان لكننا لا نريد أن يتهمنا أحد بمناصرتنا للإخوان أو للاشتراكيين فنقتصر في  مقالنا هذا على فترة زمنية قصيرة نريد منها بيان العداء بين الجانبين وإرسال رسالة قصيرة أيضا للشباب الغير اشتراكي والغير إخواني ممن يعادون هذا الطرف أو ذاك بغير علم ولا دراية سواء التقليد الذي يشبه تقليد القرود الصغار لأمهاتها

ومثل ذلك ما رأيته وقرأته في صفحات الفيسبوك من سب وشتم لعلماء الإخوان حتى أن بعضهم رسم صورة كاراكتير لعالم جليل بصورة كلب تركبه هيلاري كلنتون وهذا لعمر الله من سوء الأدب والأخلاق

أما تاريخ الصراع بين الاشتراكيين والإخوان فقد بدا في مصر قبل اليمن  ووصل ذروته في عهد جمال عبد الناصر الذي كان شريكا للإخوان في الثورة المصرية ثم تنكر لهم واعتنق الفكر الاشتراكي ثم بدأ بتصفية مخالفيه من الإخوان فقتل منهم الآلاف وبقي الآلاف في السجون تحت أبشع أنواع التعذيب وهكذا كان الصراع في اليمن حيث كان وجود الإخوان المسلمين في الجنوب اليمني امتدادا لإخوان مصر قد بدأ في فترات متقدمة من الزمن وكانت أهم مراكزهم في عدن مركز البيحاني في كريتر الذي أسسه الشيخ محمد سالم البيحاني وأشرف على بنائه بتبرعات المغتربين اليمنيين , ومركز النور الواقع في مسجد النور بمدينة الشيخ عثمان والذي كان من أبرز معلميه الشيخ عبد المجيد الزنداني وصالح المريسي وعبد الله اليافعي  وأثناء قيام الثورة ضد الاحتلال البريطاني كان الكثير من الإخوان ضمن طلائع المناضلين وأكثرهم انضوى تحت لواء جبهة التحرير وفي عام 1966م بدا الفكر الاشتراكي بالتغلغل بين صفوف أبناء الجنوب في مسعى روسي للسيطرة على جنوب اليمن من خلال  عملائها المحليين هناك وفي تلك الفترة  بدأ الصراع وتم تصفية الكثير من رموز الإخوان المسلمين في عدن وبعض مناطق الجنوب وامتدت التصفيات الجسدية للكثير منهم ومصادرة ممتلكاتهم ومراكزهم العلمية أمثال مركز البيحاني الذي تم تحويله إلى مبنى لوزارة الداخلية وهو مازال  إلى الآن مبنى لإدارة البحث الجنائي في عدن وتفرد الاشتراكيون بحكم الجنوب وفرضوا عزلة شبه كاملة على الإسلاميين واعتبروا مجرد الانتماء لأي مسمى إسلامي تهمة يعاقب عليها فهرب من تبقى منهم على قيد الحياة إلى  الدول المجاورة

وفي شمال اليمن كان الرئيس إبراهيم الحمدي قد تبنى النهج الاشتراكي وبدأ يحذو حذو جمال عبد الناصر إلا أن الإخوان المسلمين أقوى من الجنوب ووجودهم أكثر في ظل دعم قبلي وسعودي فتم القضاء عليهم بعد اغتيال الحمدي وكان من بين صفوف الاشتراكيين آنذاك ( نائب وزير الإعلام الحالي عبده الجندي) وكان ممن تبنى ملاحقة الاشتراكيين الناصريين الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر وعلي محسن الأحمر وهكذا استمرت الأمور حتى قيام الوحدة اليمنية فعاد الكثير من رموز الإخوان المسلمين إلى الجنوب بعد سقوط الاشتراكية وتفككها إلا أن الاشتراكيين لم يقبلوا بفكرة وجود من يحملون الفكر الإسلامي في الجنوب اليمني فبدأت مرحلة صراع جديدة انتهت بعد حرب 94م

بعد سقوط عدن بيد القوات الشمالية والتي كان أغلب مقاتليها من عناصر الإخوان الذين شاركوا فيها للقضاء على الاشتراكيين ومن بينهم جنوبين كثر من أمثال الشيخ المرحوم عبدالله سعيد عشال ومحمد حسين عشال ويحيى الذاوودي وغيرهم من قيادات الإخوان التي فرت من الجنوب بعد سيطرة الاشتراكيون عليه واستمرت الأمور حتى بداية 2007م للميلاد حيث انطلقت الحركة الجنوبية ضد نظام الحكم الشمالي وهنا ظهر الاشتراكيون من جديد فركبوا موجة الانتفاضة الجنوبية وتزعم الكثير منهم أحداثها ومن أبرزهم حسن باعوم الذي قام بتصفية الإخوان المسلمين في محافظتي شبوة ولحج في  الفترة الممتدة بين 69-79م .

في بداية الحراك الجنوبي كانت جماعة الإخوان مم شاركوا فيها  لكن حساسية الماضي بدأت تظهر من جديد خصوصا وأن رموز الاشتراكيين القدامى ممن شاركوا في القضاء على الإسلاميين هم الآن قيادات في الحراك الجنوبي . لكن شكل الصراع الجديد بدأ يتغير من خلال إطلاق الاتهام بأن الإخوان الجنوبيين عملاء لحميد الأحمر ونظام صنعاء حتى يتم إقناع الشباب الذين لم يحيطوا بحقيقة الصراع بين الجانبين ممن يتعاطفون مع القضية الجنوبية ويقفون ضد عملاء صنعاء وهي التهمة المستساغة لقيادات الحراك والحقيقة تطويها فترة صراع قديمة ليس لها علاقة بالقضية الجنوبية .  ولا بالصراع مع نظام صنعاء .

الفترة الأخيرة أظهرت للكثير من الإخوان المسلمين الجنوبيين خطورة المرحلة التي من الضروري الوقوف عندها بحزم واتخاذ موقف مؤيد للوحدة اليمنية باعتبار الخطر الذي يمثله الاشتراكيون حال حدوث الانفصال حيث سيكون الإخوان المسلمين في الشمال هم العون والمدد عند إقدام الاشتراكيين على أية حماقة بحق الإخوان في الجنوب ولذلك رأى الإخوان في الجنوب أنه  من الواجب  الآني إحباط أي مخطط للانفصال بأي طريقة وبأي ثمن حتى لا يدفعوا ثمنا باهظا في المستقبل

والحقيقة أن الكثير من الإسلاميين الجنوبيين ممن لا ينضوون تحت لواء الإخوان ما زالوا يشاركون في صفوف الحراك الجنوبي أملا منهم في إقامة دولة جنوبية مدنية متسامحة مع كل الأطياف . غير أن الحقيقة الغائبة عنهم أن الاشتراكيين لا يفرقون بين إسلامي سلفي وإسلامي إخواني فكل ملتحي عندهم هو إخواني حتى وإن لم يصلي أو لم يلتزم بفروض وشعائر الدين فهو في النهاية عدو للاشتراكيين ولن يتسامحوا معه ولو تسامح معهم . وهو الملاحظ في تصرفاتهم واختلافاتهم مع بعضهم البعض فكيف بمن يخالفهم في الرأي والعقيدة . ومن الطريف ما حدث في لودر حينما أراد أنصار الشريعة السيطرة على المدينة في يونيو الماضي فقام أنصار الحراك الجنوبي بمساعدة كتيبة الحرس الجمهوري في رد اعتداء القاعدة واحتفلوا بالنصر عليها بمشاركة الكتيبة في احتفال مشترك أقيم في جبل يسوف في لودر رغم العداء بين الحرس الجمهوري التابع لعلي عبد الله والحراك الجنوبي الأمر الذي يظهر أن الاشتراكيين سيتحالفون مع أعدائهم ما دام أن التحالف ضد الإسلاميين

وأخيرا أريد من القارئ الكريم أن يطلع على تفاصيل الفترة الماضية وأن يستفيد منها مع الابتعاد عن الكراهية والضغينة غير أن التاريخ يجب أن يروى كما هو  بدون حياد لأي طرف إذ لا نعادي أحد ونحن لا نعرف لماذا نعاديه سوى بعض ما يروجه الإعلام المخالف لهذا الطرف أو ذاك .

كما أحب أن الفت نظر القارئ على أني قد اختصرت هذه الفترة الزمنية بصفحتين للتنبيه والمراجعة فقط , وإلا فأن هناك أحداث وصراعات وتحالفات تمت في تلك الفترة نفسها  لا تسعها مجلدات من كتب التاريخ فضلا عن صفحات قليلة