fbpx
بشأن ما يجري في الجنوب .. لسنا مع إيران ولن نكون مع السعودية

بشأن ما يجري في الجنوب .. سحابه عابرة

كتب / أديب السيد

كان أملنا وأمل شعب الجنوب كآفة أن تكون قيادة الجنوب القديمة هي من تقود الجنوب نحو التحرر والخلاص من الإستعمار اليمني البغيض ، على أساس أنها ربما تكفر عن أخطائها الجسيمة والفيضعة التي ارتكبت بحق أجيال الجنوب منذ ما بعد الإستقلال من الإحتلال البريطاني وحتى الصراعات التي أودت بالجنوب في النهاية الى السقوط في فخ الوحدة اليمنية المشئومة ، هناك حماقات لا أقول أنها خطيرة على القضية الجنوبية ، بل قد تعيق العملية السياسية الخاصة بشان حل القضية الجنوبية .

ومع أنني استغرب كثيراً الهرج والمرج الذي أحدثه بضع نفر ممن يسمون قيادات مجلس الحراك السلمي وهو فقط فصيل واحد من فصائل الحراك الجنوبي المتعددة والتي يجمعها الحراك الجنوبي حول هدف إستراتيجي واحد وفي صعيد واحد ليقولوا جميعاً (فك الارتباط وإستعادة دولة الجنوب هدفنا الذي لا تراجع عنه ).

فمن غير المنطقي أبداً  ومن غير المعقول أن نجمع بين هدف شعب الجنوب الذي يتردد عبر أصوات الثائرين الأحرار في ساحات التحرير والاستقلال على طول وعرض الجنوب وبين نزغات بعض الأشخاص الذين لا يمثلون إلا أنفسهم سواءً فيما يخص العلاقات مع إيران أو ما يخص الوصاية السعودية على الجنوب .

فلشعب الجنوب هدف واضح ويؤيده كل الشرفاء قيادات او أحزاب او تيارات وهو أن الوضع في الجنوب إحتلال عسكري وليس وحدة مثلما يدعون ، ومن الطبيعي ان القوى التي تعارض هذا الواقع الذي بات يؤمن به الكثير ستعمل على محاولة تغيير الواقع عبر العديد من الإختراقات والأعمال وستكون بعضها خطيرة على الحراك الجنوبي السلمي .

فجميعنا يعلم أن في الجنوب وفي مقدمة الحراك الجنوبي أفراد ممن يسمون انفسهم قيادات الحراك من لا يزالوا لا يؤمنوا بحق الجنوب في إستعادة دولته ، لأنهم لا يزالوا مرتبطين بأفكار وأبجديات أحزابهم ،  كما ان هناك من يعمل على الخلط بين العمل الميداني والعمل السياسي في الحراك ، فهناك قيادات ميدانية تريد أن ترتقي لتكون قيادات سياسية ولكنها لا تتمكن العدم وجود قدرات أو بالاخص عدم إمتلاكهم للفكر السياسي الثوري .

غياب العقل السياسي ..أوجد فراغ في الجنوب

كرأي شخصي ورغم أننا قد حددنا سلفاً ومنذ إنطلاق الحراك الجنوبي السلمي بأننا سنكون مع شعب الجنوب فقط ، ها نحن اليوم نقولها أننا لن ننحاز مع طرف او تيار ضد آخر .. فنحن مع الجنوب وساحات الجنوب والمتظاهرين الجنوبيين المطالبين بحق الجنوب في تقرير مصيره عبر فك الارتباط وإستعادة دولة الجنوب بأي شكل كان .

ولكن يمكنني هنا ان أخوض فيما يجري لأقول بإختصار شديد فيما يخص خلافات قيادات المجلس الأعلى للحراك وهو مجرد احد فصائل الحراك أن ( هناك من أراد لهم شعب الجنوب أن يكونوا قيادات للجنوب بأكمله  فأبوا إلا أن يكونوا قيادات لتياراتهم فقط ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ان قدرات هؤلاء توقفت عند هذه المرحلة حيث تجاوزتهم الأحداث ولم يعودوا قادرين على الإبداع كلما توسعت من حولهم الأمور وتفتحت الأبواب) .

وفي الحقيقة قد لا نشعر بما يعانيه تلك القيادات جراء توقف قدراتهم الذهنية والعملية والسياسية عن مرحلة معينة ، علينا ان ندرك ذلك وأن نعذرهم في دورانهم حول الدائرة المفرغة التي تأتي في ظل العمل الميداني ، فكل ما حدث في الجنوب حتى الآن هو عمل ميداني فقط ، ولم يدخل الجنوب بعد في أي عمل سياسي فيما يخص القضية الجنوبية عدى البيانات السهلة التي تم ترويجها برفض الإنتخابات اليمنية المحسومة التي جرت في 21 فبراير عام 2012م والتي كانت مؤامرة سياسية ليست بالسهلة على القضية الجنوبية . وفي الحقيقة لم يكن مع تلك القيادات إلا البيانات وإلا فإن شعب الجنوب قد أدرك المؤامرة مبكراً وعمل على مواجهتها في حينها بالعمل الميداني .

ومن هنا فإننا اليوم أحوج ما نكون إلى قيادات سياسية ونحن نقول سياسية وليست عسكرية أو ميدانية أو من عشاق البيانات والخطابات المكررة ، بل يجب ان تكون قيادة الحراك الجنوبي الحالية هي قيادة سياسية بمعنى الكلمة .

فكل ما يحدث اليوم وما يعيشه الحراك الجنوبي والساحة الجنوبية  من ظروف هي بسبب غياب القيادة السياسية المتفتحة والمحنكة والقادرة على الخوض فيما يجري بكل ثقة وآمان ، وهذا لا يعني أن الجنوب لا يمتلك تلك القيادة السياسية .. بلى فهو يمتلك قيادات سياسية ضخمة أكبر من مستوى الجنوب واليمن بل ربما على مستوى العالم العربي ، ولكن أولئك السياسيون لا يزالوا يشعروا بأن الإحتلال اليمني لا يزال قوياً رغم التفكك الذي حدث فيه لأول مرة عبر التأريخ ، وذلك نتيجة لوجود قوى عربية و دولية تحكمها مصالحها وتقودها لدعم بقاء الامور كما هي عليه .

لكنه ومع ذلك كله فإننا نرى في المشهد الذي يجري اليوم إنفراج أزمة رافقت ثورة الجنوب منذ إنطلاقها وحتى اليوم ، فالتكاتف والتآزر الذي ظهر به ابناء الجنوب في مسيراتهم مؤخراً دليل واضح على ان شعب الجنوب قد تجاوز مراحل الخطر ومراحل الدسائس والإختراقات ، بل لقد تجاوز ما تسمى قيادات الحراك ،حيث أضحت قيادات شكلية فقط لا أثر لها في الشارع ، حيث يعرف الشارع الجنوبي جيداً ما يريده هو لا ما يريده الأفراد الملوثة أفكارهم بماضي فاشل وحاضر فاشل أيضاً .

سحابة عابرة

كل ما يحدث من فرقعات و تحولات هو نتائج طبيعية للعمل الثوري الشعبي الذي بدأه شعب الجنوب المحتل والمفكك الأوصال فصار موحداً في ساحات النضال في صعيد واحد وهتاف واحد ومطلب واحد ، فالإنجاز الأهم الذي وجد اليوم هو ان الفرد الجنوبي عرف جيداً أن الجنوب محتل وأنه إن لم يناضل من أجل تحريره ستكون عواقبه وخيمة عليه وعلى أبناءه وأحفاده الذي سيعيشون أوضاعاً أسوى من التي يعيشوها اليوم  ، فقد تم خلال الخمسة الأعوام الماضية بناء فكر صحيح في الجنوب يقوم على الولاء للوطن الجنوبي وضرورة النضال من أجل تحريره وإستقلاله من أبشع إحتلال عرفه التأريخ البشري .

فلا خوف إذاً  على القضية الجنوبية .. ما يحدث اليوم هو سحابة صيف عابرة وستنقشع حيث حدث ذلك نتيجة لخلط بسيط بين مؤتمر فصيل من فصائل الحراك وبين مؤتمر الحراك بشكل عام ، وهناك فرق شاسع بين المؤتمرين .فهناك مؤتمر يمثل الحراك الجنوبي السلمي بكل فصائله وهو ما يجرى السعي له وتحققت بشأنه نتائج إيجابية كان قد أوضحها منظر الحراك المفكر الدكتور محمد حيدرة مسدوس ، اما مؤتمر مجلس الحراك فإنه مؤتمر يخص فصيل او تيار فقط من تيارات الحراك ولهم في المجلس الأعلى حرية ما يريدوه بشرط أن يكون في إطار التحرير والإستقلال .

ومن خلال ما يجري تظهر أمامنا صورة تشكيل لتيار جديد مولود من مجلس الحراك الجنوبي السلمي في إطار تيارات قوى الإستقلال الجنوبية ، حيث لم يكن هذا الإنقسام في مجلس الحراك وليد اليوم  ، بل لقد حدث هذا الإنقسام في مجلس الحراك يوم الدمج الذي تم في مايو عام 2009م ورافق مسيرة المجلس نتيجة لرفض بعض قياداته فكرة الدمج بين الهيئة الوطنية وهيئة نجاح فيما رفض العميد النوبة هذا الدمج

كما تعمق الإنشقاق أكثر والذي لم يظهر نتيجة ضغط الشارع الجنوبي على القيادات بضرورة الإلتئام والتوحد في  نهاية عام 2010م  بعد خروج باعوم مباشرة من الإعتقال  عندما أعلن باعوم 10 نقاط بينها عدم الإزدواجية في العمل الثوري بين الحراك الجنوبي والأحزاب اليمنية ، حيث حدث الإنشقاق حينها ولكن سرعة ما تم تلافيه حيث استكر النوبة في رفض هذا الدمج كما رفضه قيادات المجلس الوطني الذي كان يقوده باعوم والذي صار فيما بعد رئيساً للمجلس الاعلى للحراك في تم اختيار قيادة جديدة للمجلس الوطني  .

في الختام يجب أن نعلم أن كل ما يحدث هو سحابة عابرة   لن تؤثر في مسيرة القضية الجنوبي والحراك السلمي بكل تياراته الحامل  السياسي والشرعي للقضية الجنوبية ، وقد تكون تلك متطلبات مرحلية وإفرازات في مسيرة الثورة الجنوبية لإظهار الأبي من الأسود والصادق من الكاذب .

وفي النهاية لن تكون هناك كلمة غير كلمة الشعب الجنوب الموحد بكلمته ومطالبه وأهدافه من المهرة وحتى باب المندب ،فهو من يقرر ما يريده ولنعلم جميعاً ان زمن الإستفراد بالقرار قد ولى ولن يعود وأن من يريد او يضن انه صاحب الكلمة في مصير شعب الجنوب فإنه يغرد خارج السرب .

قيادات شبابية

ان الجنوب يمتلك اليوم قيادات شبابية قدمت تضحيات جسيمة لا تقل عما قدمه أولئك القيادات التي تمن على شعب الجنوب بتضحياتها ، فهناك شباب جرحوا وأعتقلوا وسردوا ولديهم من القدرات القيادية الصافية والنقية ما قد تفوق بعض المتعملقين هنا او هناك ، صحيح قد تنقص القيادات الشبابية خبرة في السياسة ، لكن ما يحدث اليوم من مرحلة سياسية كفيلة بأن يبدعوا سياسياً ويصيروا قيادات في الصف الأول في الثورة الجنوب ، لكن المشكلة الرئيسية ان العجائز ممن يسمون قيادات الحراك باتوا يتشبثون بمراكز القيادة وكأنها ملكاً لهم أو ورث ورثوه مع أملاكهم نتيجة غياب بسيط في عملية إبراز القيادات الشبابية نتيجة لعمليات الإختراقات التي وجدت في صفوف الحراك الجنوبي والتي صارت مانعة لعملية بروز قيادات شبابية واعية والتي تزخر بها ساحت التحرير والاستقلال في عدن وحضرموت وبقية مناطق الجنوب .

وهنا ندعو الشباب الجنوبي إلى إبراز أنفسهم كقيادات وليس كتابعين ، فليكونوا قيادات أفرزهم الشارع الجنوبي والثورة الجنوبية يقوموا بالعمل التنظيمي والمؤسسي والسياسي كأهم عمل يجب ان يبرزوه في الثورة الجنوبية حتى يصبحوا بديلاً عن القيادات التي تهوى العبث والدوران حول اللا جديد .

وبشان الصحفيين الجنوبيين فإننا ندعوهم أولاً إلى عدن نشر أو نقل أي من التصريحات التي يطلقها بعض المتشطحين هنا او هناك ، كما نؤكد عليهم ضرورة البقاء في موقف مهني مسئول يقف إلى جانب ثورة شعب الجنوب وكآفة تيارات الحراك الجنوبي ، وعليهم أن يعلموا أن أي إنجرار لهم فيما يحدث قد يؤدي إلى زيادة الخلطة وبلل الطين اكثر كونهم هم المتصدرين والراسمين للمشهد الإعلامي للقضية الجنوبية .

ورغم أن هناك صحفيين جنوبيون يعملون مع الإحتلال من خلال حزب الإصلاح لمحاولة التدخل في شئون الحراك ومحاربته وبث الدعايات والأكاذيب لمحاولة خلق البلابل والقلاقل داخل أوساط الحراك ، ولقد اثبت الصحفيين الجنوبيين قدرتهم على إفشال وكشف كل تلك الأساليب التي دفع حميد الاحمر مقابل خلقها ملايين الدولارات فأبطلها وكشفها الإعلاميين الجنوبيين الحريصين على ثورة شعب الجنوب ومسيرته التحررية .

ويجب ان يقف الأكاديميين الجنوبيين ورجال الدين في الهيئة الشرعية وحركة النهضة بالإظافة إلى النقابات العمالية الجنوبية في صف واحد مع شعب الجنوب وإستجابة لما تتطلبه مقتضيات السياسة بشان القضية الجنوبية كونهم نخب مثقفة وتعرف التحولات السياسية والاستحقاقات ومقتطلباتها  حتى يخرج الله من بين صفوف الحراك الجنوبي قيادة فتية وشبابية تسير بشعب الجنوب نحو الهدف الأسمى والمقدس وهو فك الإرتباط وإستعادة دولة الجنوب .