fbpx
حصار عدن مرتبط بالقرار السياسي !

بقلم/محمد بن زايد الكلدي

الحصار وإغلاق المعابر والتضييق على تحركات الناس وإنعدام للخدمات والكهرباء والماء والبترول وجميع المشتقات النفطية، كل هذه الأشياء مجتمعة إذا رأيتها تماس ضد أي شعب أو مجتمع فاعلم إن وراءها لعبة سياسية يديرها الكبار وأصحاب النفوذ واللوبيات.

صراع خفي بين النخب السياسية لاختلاف المشاريع بينهم والسيطرة على الأرض وسرطان الفساد المستشري في جسد المجتمع، الشواهد كثيرة في العالم فقد فرضت امريكا حصارا قاتلا على كوبا وعلى كوريا الشمالية من أجل الحصول على تنازلات من هذه الدولتين وكذلك حصار السودان وليبيا والعراق، وحصار غزة من قبل الصهاينة ونظام العسكر في مصر وغيرها من النماذج التي نشاهدها ونعيشها كل لحظة، والهدف من ذلك هو التنازل عن السقف المرتفع وقتل فكرة الثورة في نفوس الشعب والكفر بها، ولن يأتي ذلك إلا عبر محاربة الناس في أرزاقهم وقوت أولادهم وفي أمنهم .

إذا سأل كل منا عن عدن الجريحة أليست تمر بنفس السيناريو الذي ذكرناه سابقا ؟ وحصارها برا وبحرا وجوا ومنع عنها وعن أهلها كل الخدمات الهامة من قطع رواتب الموظفين وتوقف محطات الكهرباء عن العمل وانعدام المشتقات النفطية وانتشار للأمراض والأوبة بسبب تدفق المجاري في الشوارع!

يراد لعدن أن ترضى بالخارطة السياسية التي ترسم وتعد في الغرف المغلقة، هكذا كان جزاء مدينة قاومت المحتل وافشلت المخطط الفارسي في المنطقة وقدمت كل شيء وانطلقت الشرارة الأولى من الحواري والأزقة والشوارع الداخلية لمجابهة المحتل الحوثي عفاشي ورفعت راية التحدي وحاربت نيابة عن الجميع وقدمت مئات من الشهداء، فهل كان حريا بمدينة وقفت كل هذه الوقفة البطولية وصمدت في وجه الغزاة أن تعامل بهذه الصورة ؟! ماذا يريدون منها أكثر من الذي قدمته؟ .

إن أردتوا أن تقنعوا الناس بمشروعكم الإتحادي فلا يعقل أن تعاملوا مدينة مثل عدن بهذه الطريقة الوحشية وقتل أهلها وتضييق الخناق عليهم، بل عليكم ان تقتربوا من حياة الناس والبسطاء وتتلمسوا أحوالهم والتخفيف من معاناتهم ، أما أسلوب المحاربة والحصار فلن يجد نفعا ولا يحل قضية بل سوف يزيد الشعب على الإصرار والعناد والصمود ويرفع من درجة التحدي ويربط على ألمه كثيرا.

لا أحد ينكر بوجود الفساد والمفسدين داخل عدن، وكل الذين يديرونها هم من الدولة العميقة التي تتبع لعفاش ونظام حكمه، ولكن الفساد قديم ومتجذر في النظام برمته وبالرغم من ذلك كانت الكهرباء في أحسن حالتها ولم تكن بهذه الصورة المتردية، وقد زادت خلال هذه الأيام ولم تعد تعمل إلا ساعة واحدة مقابل ست ساعات إنطفاء ونحن على أبواب فصل الشتاء.

ما زال هناك بصيص من أمل يلوح في الأفق بتحسن الخدمات العامة ورفع المعاناة عن الناس ولكن إذا أستمر بهذه الصورة فهو ينذر بكارثة خطيرة يطال ضررها الجميع وخاصة الذين يظنون بأنهم في منئا عنها ولن يصلهم شيء من شررها.

لا يعقل إن مدينة كعدن دخلها اليومي ملايين من الدولارات لم تستطع حل أزمتها، بل إن هناك رجال أعمال من الجنوب تبنوا دعم مشروع الكهرباء كاملا ويعملون على تشغيلها بشكل منتظم وفق خطة أعدوها، ولكن طلبهم رفض من الجهات الحكومية باعتبار مشاريع الكهرباء من إختصاص الدولة وحدها لا يدخل فيها رجال الأعمال ، وهذا ما يعزز إن أزمة عدن بكل تفاصيلها وفصولها المعقدة تخضع للإرادة السياسية وفرض حلول جاهزة قد لا تلبي طموح الشعب في الجنوب مما كان يسعى إليه من قبل، وهذا قد ينذر بتطور الأحداث في عدن بشكل سلبي إذا لم تتدخل الحكومة والمحافظ والسلطات المحلية من إيجاد الحلول المناسبة والتخفيف من معاناة الناس.