fbpx
لا يصح إلا الصحيح

لا يصح, إلا الصحيح
 
بقلم / يحيى بامحفوظ 
 
يُعرف “جين شارب”  اللاعنف بأنه “ممارسة حضارية تفرض على الجهة التي تعتمدها في حل مشكلاتها وصراعاتها مع الآخرين انتهاج أساليب إنسانية سلمية، تعتمد على التهدئة والمهادنة والتنازل عن بعض الحقوق في سبيل التوصل إلى حل النزاعات التي تحقق طموحات ومصالح الأطراف المتخاصمة  ويتجنب القوة والصدام مع المناوئين والخصوم  كخيار لحل المشكلات والأزمات”*.
كان لا بد لي من الاستهلال بتلك المقدمة , خاصة وانها تضمنت الطريق الأسلم للسيطرة على طفح إفرازات تخطت الميل الفطري عند البعض إلى تحقيق الذات عن طريق تلميع وتعظيم أنفسهم وبلوغهم نقطة عدم التحكم بحيث أصبح مُدمِراً لكل المنجزات وائدا لتضحيات ودماء سفكت دون اعتبار لذوي تلك الدماء محاولا شرعنة سلوكه بمؤتمرات كمؤتمر 30 سبتمبر ليفرض من خلالها أجندات خاصة حيكت وفصلت على أيدٍ ماهرة ومحترفة , والذي كان الهدف الظاهري منها تفكيك وتمزيق وحدة الصف والتي مع الأسف دائما ما يضمنوها خطبهم وبياناتهم, بينما فعلهم على النقيض تماما, ضاربين عرض الحائط بكل المناشدات و الجهود التي بذلتها كل القوى السياسية من ضمنها الهيئة الشرعية للإفتاء والإرشاد الجنوبية والأكاديميين وتيار المثقفين من أجل جنوب جديد ورسالة الرئيس علي سالم البيض والتي اعتبرها “رسالة الإنقاذ من التشظي” على الأقل من وجهة نظري والتي بها وبمناشدات وجهود القوى السياسية انتفت شروط الاستحقاق لعقد هكذا مؤتمر.
وعلى الرغم من أن الإنسان هو أفضل مصدر للمعلومات التي تترجم ذاته وسلوكه إلا انه وللأسف نجد هناك الكثيرين يعيشون خلف واجهات مزيفة، محاولين أن يضفوا على أنفسهم صورة أو مظهراً يختلف عن واقعهم الحقيقي، ويظهرون نقيض مشاعرهم الحقيقية, وأنهم يتقمصون أدواراً في الحياة لا تمت لذاتهم بصلة، ويقولون عكس ما يضمرون، فكبار القوم يا سادة, هم من يقدمون التنازلات التي تُفضي إلى مكاسب عظيمة, وبالتالي تعتبر رسالة الإنقاذ بمثابة تنازل عن مؤتمر منتصف اكتوبر الذي دعاء له الرئيس علي سالم البيض وذلك درءا للفتنة التي كثيرا ماغضضنا الطرف عنها عند بداية تشكلها متناسين سلبياتها ومدى تأثيرها على السلم الاجتماعي والتي باتت تهدد بخلق  شرخ في المجتمع يصعب رأبه بعد ان أُمعن في تعميقه.
فهل يفيق من لازال يغط في رُقاده، و يهيم في أوهام برّوزة المناقب الذاتية المصطنعة التي يخدر بها ذاته و إحساسه، متواري خلفها جاعلا منها قضية وطنية صرفة غير قابلة للمساومة.

خاتمة
قرأت ما يُنسب لدكتور يكنى “تشارلز” التالي : ” أن الرسالة التي يوجهها الشخص الغاضب لنفسه والتي توقد مشاعر الغضب لديه هي الكلمات التالية: “الأشياء لابد وأن تسير وفق رغبتي وبطريقتي”، فالغاضب يشعر بأن ما يتبعه هو الأصح دائماً، وأي شيء يعوق أو يغير من خططه غير مقبول وغير محتمل حدوثه من وجهة نظره.
وعندما يشعر الشخص بهذا الحافز، عليه أن يرسم صورة هزلية لنفسه فى خياله ليس فقط لمن يغضب منه، بأن يتصور نفسه وكأنه حاكم يحكم الشوارع والمحال أو أي شيء من حوله ويوجد أناس يعارضونه .. وكلما دخل الشخص فى تفاصيل العلاقة كلما زاد وعيه بمدى تناوله للأمور بمنطق غير عقلاني، وسيدرك أيضاً أن الأشياء التي يغضب منها هي أشياء تافهة غير هامة.
ومع استخدام روح الدعابة الساخرة عليه أن يحتاط من عاملين، العامل الأول ألا تكون بدافع السخرية البحتة التي تصل إلى حد الاستهزاء بالآخرين لأن هذا تعبير غير صحي عن الغضب، أما العامل الثاني هي أن تكون من أجل مواجهة المشكلة وحلها بطريقة إيجابية وليس لمجرد الضحك للتخفيف عن النفس.
وهذه الوسائل ما هي إلا طريقة لرفض الغضب بشكله الحاد”.

*تعريف “جين شارب” لـ “اللا عنف” مقتبس عن كتاب “حرب اللاعنف .. الخيار الثالث” تأليف: أحمد عبد الحكيم وآخرون